للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الرِّبَا.

وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الْعَرَايَا مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالثَّمَرَةِ زَكَاةً كَأَنْ خَرَصَتْ عَلَيْهِ وَضَمِنَ أَوْ لِنَقْصِهَا عَنْ النِّصَابِ أَوْ لِكُفْرِ مَالِكِهَا (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ الْمُرَادِ بِخَرْصِهَا السَّابِقِ فِي الْخَبَرِ بِمِثْلِهِ تَمْرًا مَكِيلًا يَقِينًا لِخَبَرِهِمَا أَيْضًا «رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» وَدُونَهَا جَائِزٌ يَقِينًا فَأَخَذْنَا بِهِ لِأَنَّهَا لِلشَّكِّ مَعَ أَصْلِ التَّحْرِيمِ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا قَطْعًا، وَمَتَى زَادَ عَلَى مَا دُونَهَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ فِي النَّقْصِ عَنْ الْخَمْسَةِ بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ حَتَّى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ يَكْفِي نَقْصُ رُبْعِ مُدٍّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى تَفَاوُتِ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، إذْ رُبْعُ الْمُدِّ وَالْمُدُّ لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ غَالِبًا لَا سِيَّمَا فِي الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَمْسَةِ أَوْ مَا دُونَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ الْجَفَافِ وَإِنْ كَانَ الرُّطَبُ الْآنَ أَكْثَرَ، فَإِنْ تَلِفَ الرُّطَبُ أَوْ الْعِنَبُ فَذَاكَ، وَإِنْ جُفِّفَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ، فَإِنْ كَانَ قَدْرُ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا فَوْقَ الدُّونِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (وَ) أَمَّا (لَوْ زَادَ) عَلَيْهِ (فِي صَفْقَتَيْنِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا دُونَ الْخَمْسَةِ فَلَا بُطْلَانً وَإِنَّمَا (جَازَ) مَا ذَكَرَ لِأَنَّ كُلًّا عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ وَهُوَ دُونَ الْخَمْسَةِ، وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ هُنَا بِمَا مَرَّ، فَلَوْ بَاعَ ثَلَاثَةً لِثَلَاثَةٍ كَانَتْ فِي حُكْمِ تِسْعَةِ عُقُودٍ.

(وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا (التَّقَابُضُ) فِي الْمَجْلِسِ إذْ هُوَ بَيْعٌ مَطْعُومٌ بِمِثْلِهِ وَيَحْصُلُ (بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ) أَوْ الزَّبِيبِ إلَى الْبَائِعِ (كَيْلًا) لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَقَدْ بِيعَ مُقَدَّرًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَالتَّخْلِيَةُ فِي النَّخْلِ) الَّذِي عَلَيْهِ الرُّطَبُ أَوْ الْكَرْمِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعِنَبُ.

إذْ غَرَضُ الرُّخْصَةِ طُولُ التَّفَكُّهِ بِأَخْذِ الرُّطَبِ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْجُذَاذِ، فَلَوْ شُرِطَ فِي قَبْضِهِ كَيْلَهُ فَاتَ ذَلِكَ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْبَيْعَ الْمُمَاثِلَ لَمَّا ذُكِرَ (لَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) أَيْ بَاقِيهَا كَخَوْخٍ وَمِشْمِشٍ وَلَوْزٍ مِمَّا يُدَّخَرُ يَابِسُهُ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا.

وَالثَّانِي يَجُوزُ كَمَا جَازَ فِي الْعِنَبِ بِالْقِيَاسِ (وَأَنَّهُ) أَيْ بَيْعَ الْعَرَايَا (لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ) وَإِنْ كَانُوا هُمْ سَبَبُ الرُّخْصَةِ لِشِكَايَتِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا يَشْتَرُونَ بِهِ الرُّطَبَ إلَّا التَّمْرَ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَبِأَنَّ ذَلِكَ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ، ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَالرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ وَهُمْ هُنَا مَنْ لَا نَقْدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَقِيسٌ عَلَى الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا إذْ الرُّخْصَةُ إلَخْ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْقِيَاسِ فِيهَا، وَالرَّاجِحُ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الْخَرْصِ، فَالظَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَصَتْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِهِمَا) أَيْ الصَّحِيحَيْنِ (قَوْلُهُ: وَدُونَهَا) مُسْتَأْنَفٌ اسْتِدْلَالًا عَلَى الْأَخْذِ بِالدُّونِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الصِّيغَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَدُّ لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ) فِي نُسْخَةِ إسْقَاطِ لَا، وَالصَّوَابُ مَا فِي الْأَصْلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ غَرَضَهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ اكْتَفَى بِبَعْضِ نَحْوِ الرُّبْعِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ رُبْعَ الْمَدِّ وَنَحْوَ الْمَدِّ إذَا نَقَصَ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِكَيْلِهَا أَوَّلًا ثُمَّ أُعِيدَ الْكَيْلُ فَقَدْ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ النَّقْصُ لِكَوْنِهِ لِقِلَّتِهِ لَا يَظْهَرُ فِي جُمْلَةِ الْأَوْسُقِ كَمَا لَوْ سَقَطَ مِنْ كُلِّ مُدٍّ ثَمَرَةٌ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى الْمُدِّ وَنُقْصَانُ الْوَاحِدَةِ مِنْ كُلِّ مُدٍّ لَا يَظْهَرُ بِهَا نَقْصٌ فَكَانَ الْمَبِيعُ خَمْسَةً تَامَّةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُفِّفَ) أَيْ وَلَوْ عَلَى الشَّجَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَى الْعَرِيَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بُطْلَانُ الْعَقْدِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ التَّمْرُ مَوْجُودًا رَدَّهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ تَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ) أَيْ الصَّفْقَةُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ لَفْظُ الشَّارِعِ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا إلَخْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِلشَّكِّ) يَعْنِي أَوْ. (قَوْلُهُ: لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ غَالِبًا) أَيْ فَكَأَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فَمَا فِي نُسْخَةٍ مِنْ زِيَادَةِ لَا قَبْلُ يَقَعُ خَطَأٌ وَإِنْ صَوَّبَهَا الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ وَوَجَّهَهَا بِمَا لَا يُوَافِقُهَا؛ إذْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَوْجِيهٌ لِمَا صَوَّبْنَاهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>