للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقْلَةٍ وَهِيَ السَّاحَةُ الَّتِي تُزْرَعُ، سُمِّيَتْ مُحَاقَلَةً لِتَعَلُّقِهَا بِزَرْعٍ فِي حَقْلٍ (وَلَا) بَيْعُ (الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ) (وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ) مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْمِينِ الْمُوجِبِ لِلتَّدَافُعِ وَالتَّخَاصُمِ، وَذَلِكَ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفُسِّرَا فِي رِوَايَةٍ بِمَا ذُكِرَ وَوَجْهُ فَسَادِهِمَا مَا فِيهِمَا مِنْ الرِّبَا مَعَ انْتِفَاءِ الرُّؤْيَةِ فِي الْأُولَى، وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ زَرْعًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ أَوْ بُرًّا صَافِيًا بِشَعِيرٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ إذْ لَا رِبَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ، وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَرَّحَ بِهَذَيْنِ لِتَسْمِيَتِهِمَا بِمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ فِي الرِّبَا.

(وَيُرَخَّصُ فِي) بَيْعِ (الْعَرَايَا) جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ مَا تُفْرَدُ لِلْأَكْلِ لِعَرْوِهَا عَنْ حُكْمِ بَاقِي الْبُسْتَانِ (وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ) وَيَلْحَقُ بِهِ الْبُسْرُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَهِيَ إلَى الرُّطَبِ (عَلَى النَّخْلِ) خَرْصًا (بِتَمْرٍ) لَا رَطْبٍ (فِي الْأَرْضِ أَوْ) بَيْعِ (الْعِنَبِ) وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِ الْحِصْرِمَ قِيَاسًا عَلَى الْبُسْرِ فَقَدْ غَلِطَ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبُسْرِ وَتَنَاهِي كِبَرِهِ فَالْخَرْصُ يَدْخُلُهُ بِخِلَافِ الْحِصْرِمِ فِيهِمَا وَنَقْلُ الْإِسْنَوِيِّ لَهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الصَّوَابَ إلْحَاقُ الْبُسْرِ خَاصَّةً (فِي الشَّجَرِ بِزَبِيبٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ» : أَيْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا أَيْ بِالْفَتْحِ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ مَخْرُوصُهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا، وَقِيسَ بِهِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ كَوْنِهِ زَكَوِيًّا يُمْكِنُ خَرْصُهُ وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعًا عَلَى الشَّجَرِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الرُّخْصَةُ يُخْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَهُوَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: غَيْرُ رِبَوِيٍّ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُؤْكَلْ أَخْضَرَ عَادَةً كَالْقَمْحِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا رِبَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ فِي الْأُولَى ظَاهِرٌ وَفِي الثَّانِيَةِ لِوُجُودِ التَّقَابُضِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ) أَيْ الزَّرْعِ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا تَفَرَّدَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لُغَةً وَقَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ إلَخْ لَعَلَّ الْمُرَادَ شَرْعًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ جَمْعُ عُرْيَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَرَايَا هِيَ النَّخَلَاتُ الَّتِي تُفْرَدُ لِلْأَكْلِ وَتَفْسِيرُهَا بِبَيْعِ الرُّطَبِ يُنَافِيهِ، فَأَشَارَ إلَى مَنْعِ التَّنَافِي بِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِ الْحِصْرِمَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْحِصْرِمُ أَوَّلُ الْعِنَبِ مَا دَامَ حَامِضًا.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَحِصْرِمُ كُلِّ شَيْءٍ حَشَفُهُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَخِيلِ حِصْرِمٌ، وَتَقَدَّمَ عَنْ الْقَامُوسِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى التَّمْرِ قَبْلَ النُّضْجِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَتَنَاهِي كِبَرِهِ (قَوْلُهُ: فِي الشَّجَرِ) أَيْ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ جَعَلَ الشَّجَرَ ظَرْفًا مَجَازًا (قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ) ع رَوَى جَابِرٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ وَالثُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَالْمُعَاوَمَةُ بَيْعُ الشَّجَرِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَصَاعِدًا، وَالثُّنْيَا أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي الْبَيْعِ شَيْئًا يُفْسِدُهُ.

وَالْمُخَابَرَةُ سَتَأْتِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الشَّجَرِ) أَيْ ثَابِتَيْنِ.

بِخِلَافِ الْمَقْطُوعِ عَلَى الشَّجَرِ فَإِنَّهُ كَاَلَّذِي بِالْأَرْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ وَعِبَارَتِهِ: وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ عَلَى الْأَرْضِ كَوْنُهُ مَقْطُوعًا وَإِنْ كَانَ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: إذْ الرُّخْصَةُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ جَوَازَ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ) لَعَلَّهُ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ غَيْرِ رِبَوِيٍّ وَلَيْسَ ظَرْفًا لَبَاعَ، وَالْمَعْنَى بَاعَ زَرْعًا مِمَّا يَكُونُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ.

قَبْلَ ظُهُورِ حَبِّهِ احْتِرَازًا عَنْ الْحُلْبَةِ الْآتِيَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَلَوْ بَاعَ شَعِيرًا فِي سُنْبُلِهِ بِحِنْطَةٍ خَالِصَةٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، أَوْ بَاعَ زَرْعًا قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَشِيشَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ انْتَهَتْ. وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: صَافِيًا) أَيْ مِنْ الشَّعِيرِ. (قَوْلُهُ: وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>