للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجْزَاءِ عِنْدَ نِيَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ أَمْكَنَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ ضَعِيفٌ. وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ، وَاكْتَفَى بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ كَوْنِ الْمَنْوِيِّ طُهْرًا غَيْرَ مُرَتَّبٍ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ التَّرْتِيبِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ كَفَاهُ الْغُسْلُ لَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَلَوْ بِلَا تَرْتِيبٍ لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ، وَلَوْ غَسَلَ جُنُبٌ بَدَنَهُ إلَّا رِجْلَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ أَحْدَثَ غَسَلَهُمَا لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ بَاقِي الْأَعْضَاءِ مُرَتَّبَةً لِلْأَصْغَرِ، وَلَهُ تَقْدِيمُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ عَلَى غَسْلِ الثَّلَاثِ وَتَأْخِيرُهُ وَتَوْسِيطُهُ، وَهُوَ وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ عُضْوٍ مَكْشُوفٍ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَوْ اغْتَسَلَ إلَّا أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَرْتِيبُهَا لِاجْتِمَاعِ الْحَدَثَيْنِ عَلَيْهَا فَيَنْدَرِجُ الْأَصْغَرُ فِي الْأَكْبَرِ، وَلَوْ شَكَّ فِي تَطْهِيرِ عُضْوٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ طَهَّرَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُؤَثِّرْ.

ثُمَّ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِهِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَعْضِ سُنَنِهِ

فَقَالَ (وَسُنَنُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ: أَيْ مِنْ سُنَنِهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ فِي الطِّرَازِ أَنَّهَا نَحْوُ خَمْسِينَ سُنَّةً، وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْحَصْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِضَافِيِّ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ هُنَا (السِّوَاكُ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الدَّلْكُ وَآلَتُهُ.

وَفِي الشَّرْعِ: اسْتِعْمَالُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَإِلَّا فَالرُّويَانِيُّ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ نِيَّةِ ذَلِكَ) وُضُوءًا أَوْ رَفْعَ حَدَثٍ (قَوْلُهُ: وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ) زَادَ حَجّ إذْ لَا ضَرُورَةَ بَلْ وَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْإِقَامَةِ بَلْ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ هِيَ إمْكَانُ تَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ، فَكَفَتْهُ نِيَّةُ مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ حَتَّى قَصْدِهِ بِغَسْلَةٍ الْوُضُوءَ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ نِسْيَانُ لُمْعَةٍ أَوْ لُمَعٍ مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، بَلْ لَوْ كَانَ عَلَى مَا عَدَا أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَانِعٌ كَشَمْعٍ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيمَا يَظْهَرُ، سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ التَّرْتِيبِ أَمْ لَا، وَمَنْ قَيَّدَ كَالْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِإِمْكَانِهِ إنَّمَا أَرَادَ التَّفْرِيعَ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى الضَّعِيفَةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ تَفْرِيعَهُ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى) أَيْ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ) أَيْ غَلَطًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَالِطًا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ بَلْ وَإِنْ نَفَاهُ (قَوْلُهُ: عَلَى غَسْلِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وُضُوءَ خَالٍ إلَخْ) وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ: لَنَا وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَهُمَا مَكْشُوفَتَانِ بِلَا ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي تَطْهِيرِ عُضْوٍ إلَخْ) قَالَ حَجّ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّابِقِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ هَلْ غَسَلَ ذَكَرَهُ أَوْ هَلْ مَسَحَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ، كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ سَلَامِ الصَّلَاةِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ.

وَقَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى حَتَّى يَسْتَنْجِيَ لِتَرَدُّدِهِ حَالَ شُرُوعِهِ فِي كَمَالِ طَهَارَتِهِ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا ذَاكَ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ فِي الْأَوْلَى وُجُوبُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الذَّكَرِ وَلَيْسَ قِيَاسَ مَا ذَكَرَهُ، لِأَنَّ بَعْضَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ دَاخِلٌ فِيهِمَا وَقَدْ تَيَقَّنَ الْإِتْيَانَ بِهِمَا بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الذَّكَرِ وَالدُّبُرِ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَتَيَقُّنُهُ مُطْلَقَ الِاسْتِنْجَاءِ لَا يَقْتَضِي دُخُولَ غَسْلِ الذَّكَرِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ سُنَنِهِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ عَلَى بَعْضِ سُنَنِهِ وَكَأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى ذِكْرِهِ بَيَانُ الطَّرِيقِ الْمُفِيدَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الدَّلْكُ) فِي حَجّ قَبْلَ هَذَا: وَهُوَ مَصْدَرُ سَاكَ فَاهُ يَسُوكُهُ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَالْآلَةِ، وَقَوْلُهُ مَصْدَرُ يَجُوزُ أَنَّهُ سَمَاعِيٌّ، وَإِلَّا فَقِيَاسُ مَصْدَرِ سَاكَ سَوْكًا بِالسُّكُونِ لِأَنَّ فَعْلًا قِيَاسُ مَصْدَرِ الثُّلَاثِيِّ الْمُتَعَدِّي.

هَذَا وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: السِّوَاكُ: الْمِسْوَاكُ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: جَمْعُهُ سُوُكٌ بِضَمِّ الْوَاوِ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ وَسَوَّكَ فَاهُ تَسْوِيكًا.

وَإِذَا قُلْت اسْتَاكَ أَوْ تَسَوَّكَ لَمْ تَذْكُرْ الْفَمَ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى سُوُكٍ بِالسُّكُونِ وَالْأَصْلُ بِضَمَّتَيْنِ انْتَهَى: أَيْ فَلَمَّا اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ حُذِفَتْ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ بِالسُّكُونِ لَا غَيْرُ، وَفِيهِ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سُكْت الشَّيْءَ أَسُوكُهُ سَوْكًا مِنْ بَابِ قَالَ: إذَا دَلَّكْته، فَقَوْلُ حَجّ: وَهُوَ مَصْدَرُ سَاكَ فَاهُ، لَمْ يُرِدْ أَنَّ الْمَصْدَرَ مَقْصُودٌ عَلَيْهِ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ اُسْتُعْمِلَ مَصْدَرًا كَمَا اُسْتُعْمِلَ اسْمًا لِلْآلَةِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ فِي الْأَوَائِلِ: أَوَّلُ مَنْ اسْتَاكَ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ: «هِيَ، أَيْ شَجَرَةُ الزَّيْتُونِ، سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي»

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>