للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهَا عَنْ وَاحِدٍ فِي عَامٍ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.

(فَلَوْ) (اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ) حَدَثًا أَصْغَرَ فَقَطْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا، أَوْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ أَوْ نَحْوِهَا غَالِطًا وَرَتَّبَ فِيهِمَا أَجْزَأَهُ أَوْ انْغَمَسَ بِنِيَّةِ مَا ذُكِرَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ تَرْتِيبٍ بِأَنْ غَطَسَ وَمَكَثَ) قَدْرَ التَّرْتِيبِ (صَحَّ) لَهُ الْوُضُوءُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ حَاصِلٌ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّهُ إذَا لَاقَى الْمَاءُ وَجْهَهُ وَقَدْ نَوَى يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ وَجْهِهِ وَبُعْدُهُ عَنْ الْيَدَيْنِ لِدُخُولِ وَقْتِ غَسْلِهِمَا وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْأَعْضَاءِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ إذْ التَّرْتِيبُ فِيهِ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ غَيْرُ تَحْقِيقِيٍّ، وَلِهَذَا لَا يَقُومُ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ الْغَمْسُ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ مَقَامَ الْعَدَدِ (وَإِلَّا) وَأَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ تَقْدِيرُ تَرْتِيبٍ بِأَنْ خَرَجَ حَالًا أَوْ غَسَلَ أَسَافِلَهُ قَبْلَ أَعَالِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (فَلَا) يُجْزِئُهُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مِنْ وَاجِبَاتِ الْوُضُوءِ، وَالْوَاجِبُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قُلْت: الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ بِلَا مُكْثٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَحْصُلُ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ، وَمَنْ عَلَّلَهُ كَالشَّارِحِ بِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى رَدَّ بِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِغَسْلِ الْأَسَافِلِ قَبْلَ الْأَعَالِي، لِأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ مُنَكِّسًا بِالصَّبِّ عَلَيْهِ حَصَلَ لَهُ الْوَجْهُ فَقَطْ، أَمَّا انْغِمَاسُهُ فَيُجْزِئُهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ أَغْفَلَ مَنْ اغْتَسَلَ لُمْعَةً مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ خِلَافًا لِلْقَاضِي.

وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ: إنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ بِغُسْلِهِ: أَيْ وَرَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَا يُجْزِئُهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ.

وَبَحْثُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَدَمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُتَعَدِّدِينَ كَأَنْ حَجَّ أَحَدُهُمْ عَنْ النَّذْرِ وَالْآخَرُ عَنْ الْقَضَاءِ مَثَلًا وَكَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ مَعْضُوبًا أَوْ مَيِّتًا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا) وَعَلَيْهِ لَوْ تَقَدَّمَ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا، وَيَقَعُ الْإِحْرَامُ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ قَضَاءٍ وَنَذْرٍ.

وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مَا نَصُّهُ: أَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصَيْنِ لِيَحُجَّا عَنْهُ الْحَجَّتَيْنِ: يَعْنِي حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَالنَّذْرِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ تَرَتَّبَ إحْرَامُهَا أَمْ لَا، لَكِنْ إنْ تَرَتَّبَ وَقَعَ الْأَوَّلُ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا وَقَعَ كُلٌّ عَمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ.

وَاسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا لَمْ يَسْبِقْ أَجِيرٌ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ فِيهِ إيقَاعَ الْإِحْرَامِ الثَّانِي عَنْ النَّذْرِ وَلَمْ يُسْتَأْجَرْ لَهُ وَلَيْسَ هُوَ فِي قُوَّةِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْرَامُ الثَّانِي لِنَفْسِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَعَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ وَإِلَّا سَقَطَتْ عَنْهُ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ اغْتَسَلَ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً وَقَدْ يَكُونُ تَقْدِيرًا (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ) لَمْ يُبَيِّنْ مَحَلَّ النِّيَّةِ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكْتَفِي بِغَسْلِهِ حَيْثُ وُجِدَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ، فَلَوْ انْغَمَسَ وَنَوَى عِنْدَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى صَدْرِهِ مَثَلًا ثُمَّ تَمَّمَ الِانْغِمَاسَ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ النِّيَّةَ عِنْدَ وُصُولِ الْمَاءِ لِلْوَجْهِ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَإِنْ أَمْكَنَ التَّرْتِيبُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ غَطَسَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَنْهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا انْغِمَاسُهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ اغْتَسَلَ مُنَكِّسًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْفَلَ مَنْ اغْتَسَلَ اللُّمْعَةَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَجّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: بَلْ لَوْ كَانَ عَلَى مَا عَدَا أَعْضَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: اللُّمْعَةَ) بِضَمِّ اللَّامِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ ذَلِكَ) أَيْ الِانْغِمَاسُ.

(قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا الرَّافِعِيُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْأُولَى مَثَلًا يَرْتَفِعُ بِهَا حَدَثُ الْوَجْهِ، فَالْمَاءُ الَّذِي بَعْدَهُ يَرْفَعُ حَدَثَ الْيَدَيْنِ وَهَكَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَا يَقُومُ فِي النَّجَاسَةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، فَلَوْ كَانَ جَارِيًا كَفَى بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْجَرْيَةَ الْأُولَى تُحْسَبُ لِغَسْلِ وَجْهِهِ وَالثَّانِيَةَ لِيَدِهِ وَهَكَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَسَلَ أَسَافِلَهُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا غَسَلَ بِالصَّبِّ وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي زَادَهَا عَلَى الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ (قَوْلُهُ: يُنْتَقَضُ بِغَسْلِ الْأَسَافِلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمَتْنَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا انْغَمَسَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَنِيعُهُ، وَهُوَ لَا يُنْتَقَضُ بِمَا ذُكِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>