للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ النِّصْفَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ قَرْضِ خَمِيرَةِ اللَّبَنِ الْحَامِضِ تُلْقَى عَلَيْهِ لِيَرُوبَ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالرُّوبَةِ لِاخْتِلَافِ حُمُوضَتِهَا الْمَقْصُودَةِ وَوَهَمَ مَنْ فَهِمَ اتِّحَادَهَا بِخَمِيرَةِ الْخُبْزِ وَعُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُقْرَضِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ: أَيْ وَلَوْ مَآلًا لِئَلَّا يَرُدَّ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ كَفِّ الطَّعَامِ لِيَرُدَّ مِثْلَهُ أَوْ صُورَتَهُ.

وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَتَجَافَ فِي الْمِكْيَالِ كَالسَّلَمِ (وَيَرُدُّ) حَتْمًا حَيْثُ لَا اسْتِبْدَالَ (الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ وَلَوْ فِي نَقْدٍ بَطَلَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ فَشَمَلَ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي زَمَنِنَا فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنْ إقْرَاضِ الْفُلُوسِ الْجُدُدِ ثُمَّ إبْطَالُهَا وَإِخْرَاجُ غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَقْدًا (وَ) يَرُدُّ (فِي الْمُتَقَوِّمِ) وَيَأْتِي ضَابِطُهُمَا فِي الْغَصْبِ (الْمِثْلُ صُورَةً) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْلَفَ بَكْرًا وَرَدَّ رَبَاعِيًّا وَقَالَ: إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَمِنْ لَازِمِ اعْتِبَارِ الْمِثْلِيِّ الصُّورِيِّ اعْتِبَارُ مَا فِيهِ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تُزَادُ الْقِيمَةُ بِهَا كَحِرْفَةِ الرَّقِيقِ وَفَرَاهِيَةِ الدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، فَيَرُدُّ مَا يَجْمَعُ تِلْكَ الصِّفَاتِ كُلَّهَا حَتَّى لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَيُصَدَّقُ الْمُقْتَرِضُ فِيهَا بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ فِي الْأَفْرَاحِ هَلْ يَكُونُ هِبَةً أَوْ قَرْضًا؟

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهِ السَّلَمُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عِزَّةُ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ تَفَاوَتَتْ أَجْزَاؤُهَا وَكَانَتْ قِسْمَتُهَا تَحْتَاجُ إلَى رَدٍّ أَوْ تَعْدِيلٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ نُدْرَةُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِخَمِيرَةِ الْخُبْزِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالرُّوبَةِ) وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ كَفِّ الطَّعَامِ) لَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ التَّمْثِيلُ.

(قَوْلُهُ: لَا اسْتِبْدَالُ الْمِثْلِ) أَيْ أَمَّا مَعَ اسْتِبْدَالٍ كَأَنْ عَوَّضَهُ عَنْ بُرٍّ فِي ذِمَّتِهِ ثَوْبًا أَوْ دَرَاهِمَ فَلَا يَمْتَنِعُ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ (قَوْلُهُ: اسْتَسْلَفَ بَكْرًا) هُوَ الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ وَرَدَ رُبَاعِيًّا وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ اهـ حَجّ: وَالثَّنِيُّ هُوَ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ اهـ زِيَادِيٌّ.

وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: الْبَكْرُ مِنْ الْإِبِلِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الصَّغِيرُ كَالْغُلَامِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ، وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ وَقَلُوصٌ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ كَالْجَارِيَةِ، فَإِذَا اسْتَكْمَلَ سِتَّ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ وَأَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فَهُوَ رَبَاعٌ وَالْأُنْثَى رَبَاعِيَةٌ وَأَعْطَاهُ رَبَاعِيًّا بِتَخْفِيفِهَا، وَفِيهِ «إنَّ خِيَارَكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً» قَالُوا: مَعْنَاهُ ذُو الْمَحَاسِنِ سَمَّاهُمْ بِالصِّفَةِ، وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ مُحْسِنٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَأَكْثَرُ مَا يَجِيءُ أَحَاسِنُكُمْ جَمْعَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: وَفَرَاهِيَةُ الدَّابَّةِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْفَارِهُ مِنْ النَّاسِ الْحَاذِقُ، وَالْمَلِيحُ الْحَسَنُ، وَمِنْ الدَّوَابِّ الْجَيِّدُ السَّيْرِ (قَوْلُهُ: فَيَرُدُّ مَا يَجْمَعُ تِلْكَ الصِّفَاتِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ اعْتَبَرَ مَعَ الصُّورَةِ مُرَاعَاةَ الْقِيمَةِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ عَبْدٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ مَعَ مُلَاحَظَةِ صِفَاتِهِ فَهَلْ يَرُدُّ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ دَرَاهِمَ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهِ أَوْ يَرُدُّ مِثْلَهُ صُورَةً وَيَرُدُّ مَعَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ بِهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ) أَيْ لِصَاحِبِ الْفَرَحِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ مَأْذُونِهِ.

أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ لِلشَّاعِرِ وَالْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا رُجُوعَ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْفَرَحِ وَشَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْإِذْنِ سُكُوتُهُ عَلَى الْآخِذِ وَلَا وَضْعُهُ الصِّينِيَّةَ الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ بِالْأَرْضِ وَأَخْذُ النُّقُوطِ وَهُوَ سَاكِتٌ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَنْزِيلِ مَا ذُكِرَ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلرُّجُوعِ وَتَقَرَّرَ أَنَّ الْقَرْضَ الْحُكْمِيَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ النِّصْفَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ) لَا يَتَأَتَّى مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ النِّصْفَ شَائِعٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسَاوِيًا فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُقْرِضِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ كَعُمْرِ دَارِي كَمَا تُشْعِرُ بِهِ أَمْثِلَتُهُمْ، وَيُفْهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ الْحُكْمِيِّ وَفِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِهِ مُقَدَّرًا أَوْ مُعَيَّنًا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرِدَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ كَفِّ طَعَامٍ) الَّذِي مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>