للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَطْلَقَ الثَّانِيَ جَمْعٌ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ بَعْضُهُمْ.

قَالَ: وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ لِاضْطِرَابِهِ مَا لَمْ يَقُلْ خُذْهُ مَثَلًا وَيَنْوِي الْقَرْضَ وَيُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ ذَلِكَ هُوَ وَوَارِثُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ قَالَ بِالثَّانِي اهـ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ الرُّجُوعُ بِهِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمِقْدَارِ وَالْبِلَادِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا اُعْتِيدَ وَحَيْثُ عُلِمَ اخْتِلَافُهُ تَعَيَّنَ مَا ذُكِرَ (وَقِيلَ) يَرُدُّ (الْقِيمَةَ) يَوْمَ الْقَبْضِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَدَاءَ الْمُقْرَضِ كَأَدَاءِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي سَائِرِ مَا مَرَّ فِيهِ صِفَةً وَزَمَنًا وَمَحَلًّا (وَ) لَكِنْ (لَوْ) (ظَفِرَ) الْمُقْرِضُ (بِهِ) أَيْ بِالْمُقْتَرِضِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ وَلِلنَّقْلِ) مِنْ مَحَلِّهِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْرِضُ (طَالَبَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُشْتَرَطُ لِلُزُومِهِ لِلْمُقْتَرِضِ إذْنُهُ فِي الصَّرْفِ مَعَ شَرْطِ الرُّجُوعِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ مَجِيءِ بَعْضِ الْجِيرَانِ لِبَعْضٍ بِقَهْوَةٍ وَكَعْكٍ مَثَلًا، وَمِنْهُ أَيْضًا اجْتِمَاعُ النَّاسِ فِي الْحَمَّامَاتِ وَالْقَهَاوِي وَدَفْعُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: أَطْلَقَ الثَّانِيَ) أَيْ قَرْضًا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ يَكُونُ قَرْضًا حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّ مِثْلِهِ إنْ قَالَ: خُذْهُ وَنَوَى الْقَرْضَ.

قَالَ حَجّ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي أَخٍ أَنْفَقَ عَلَى أَخِيهِ الرَّشِيدِ وَعِيَالِهِ سِنِينَ وَهُوَ سَاكِتٌ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ أَخْذًا مِنْ الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ فِي مَسْأَلَة النُّقُوطِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَادَةِ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ وَعَدَمِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ.

وَالْمَسَائِلُ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِالرُّجُوعِ إمَّا لِكَوْنِهِ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ مَعَ الْإِشْهَادِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهَا، وَإِمَّا لِظَنِّهِ أَنَّ الْإِنْفَاقَ لَازِمٌ لَهُ كَمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ الْحَامِلِ فَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ أَوْ نَفَى حَمْلَ الْمُلَاعَنَةِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَتَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ لِظَنِّهَا الْوُجُوبَ فَلَا تَبَرُّعَ، وَلَوْ عَجَّلَ حَيَوَانًا زَكَاةً ثُمَّ رَجَعَ بِسَبَبٍ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِإِنْفَاقِهِ بِظَنِّ الْوُجُوبِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي لُقَطَةٍ تَمَلَّكَهَا ثُمَّ جَاءَ مَالِكُهَا.

نَعَمْ لَا أَثَرَ بِظَنِّ وُجُوبٍ فِي مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ فَاسِدًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا. وَتَوَقَّفَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا ذُكِرَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُلْتَقِطِ مَلَكَ مَا أَخَذَهُ، وَمِنْ ثَمَّ يَرُدُّهُ بِدُونِ زِيَادَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ أَجَابَ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا لَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُ التَّعْجِيلِ وَالِالْتِقَاطِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ فِيهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ كَأَنْ يَأْخُذَ الْمُعَجَّلَةَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ أَوْ بَانَ خَلَلٌ فِي التَّعْجِيلِ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الرُّجُوعِ قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَزَمَنًا وَمَحَلًّا) قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِ بِالسَّلَمِ فِي الزَّمَانِ أَنَّهُ إنْ أَحْضَرَهُ فِي مَحِلِّهِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْقَرْضَ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ، بَلْ إذَا ذُكِرَ الْأَجَلُ إمَّا يَلْغُو أَوْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِهِ فِي الزَّمَانِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْمُقْرَضَ فِي زَمَنِ النَّهْبِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، كَمَا أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ إذَا أَحْضَرَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَإِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي كَفِّ دَرَاهِمَ

(قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ بَعْضُهُمْ) قَالَ: وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ إلَخْ، هَذَا الْبَعْضُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ فِي تُحْفَتِهِ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ أَنَّهُ هِبَةٌ وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ؛ لِاضْطِرَابِهِ مَا لَمْ يَقُلْ خُذْهُ مَثَلًا وَيَنْوِي بِهِ الْقَرْضَ وَيُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ ذَلِكَ هُوَ وَوَارِثُهُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمْعٍ أَنَّهُ قَرْضٌ أَيْ حُكْمًا.

ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ لَمَّا نَقَلَ قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَقَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ إنَّهُ هِبَةٌ قَالَ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا اُعْتِيدَ الرُّجُوعُ بِهِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ.

قَالَ لِاخْتِلَافِهِ بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَالْبِلَادِ.

وَحَيْثُ عُلِمَ اخْتِلَافُهُ تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُهُ اهـ. مَا فِي التُّحْفَةِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ قَيَّدَ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِمَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْفَرَحِ يَأْخُذُ النُّقُوطَ لِنَفْسِهِ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَأْخُذُ بِنَحْوِ الْخَاتِنِ أَوْ كَانَ الدَّافِعُ يَدْفَعُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ قَطْعًا، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مِنْ وَضْعِ طَاسَةٍ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْفَرَحِ لِيَضَعَ النَّاسُ فِيهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ تُقْسَمُ عَلَى الْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ إنْ قُصِدَ الْمُزَيِّنُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نُظَرَائِهِ الْمُعَاوِنِينَ لَهُ عُمِلَ بِالْقَصْدِ وَإِنْ أُطْلِقَ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>