الْأَوَّلُ لَا يُقَالُ: سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَيْهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: بَيْعُهُ ثَمَّ إنَّمَا امْتَنَعَ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ لِلِاسْتِيفَاءِ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالِاسْتِعْجَالِ فِي تَرْوِيجِ السِّلْعَةِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ غَرَضَهُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ لِيَكُونَ وَثِيقَةً لَهُ
(وَإِنْ) (لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَفْسُدُ) الْمَرْهُونُ (قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ) (صَحَّ) الرَّهْنُ الْمُطْلَقُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ، وَالثَّانِي يُجْعَل جَهْلُ الْفَسَادِ كَعِلْمِهِ وَلَوْ رَهَنَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرِ صَحَّ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا لَا يَتَجَفَّفُ فَلَهُ حُكْمُ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فَيَصِحُّ تَارَةً وَيَفْسُقُ أُخْرَى، وَيَصِحُّ فِي الشَّجَرِ مُطْلَقًا وَوَجْهُهُ عِنْدَ فَسَادِهِ فِي الثَّمَرَةِ الْبِنَاءُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ وَإِنْ رَهَنَ الثَّمَرَةَ مُفْرَدَةً، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَجَفَّفُ فَهِيَ كَمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ وَإِلَّا جَازَ رَهْنُهَا وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَلَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهَا لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ بِاجْتِيَاحِهَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي يَبْطُلُ. نَعَمْ إنْ رَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ جِذَاذِهِ وَلَمْ يُشْرَطْ الْقَطْعُ وَلَا عَدَمُهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْإِبْقَاءُ إلَى الْجِذَاذِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَهَنَ شَيْئًا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى مَصَالِحِهَا مِنْ نَحْوِ سَقْيٍ وَجِذَاذٍ وَتَجْفِيفٍ، وَلِكُلٍّ الْمَنْعُ مِنْ الْقَطْعِ قَبْلَ الْجِذَاذِ لَا بَعْدَهُ وَمَا يُخْشَى اخْتِلَاطُهُ بِالْحَادِثِ كَاَلَّذِي يَسْرُعُ فَسَادُهُ وَرَهْنُ مَا اشْتَدَّ حَبُّهُ كَبَيْعِهِ.
(وَإِنْ) (رَهَنَ) بِمُؤَجَّلٍ (مَا لَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فَطَرَأَ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ قَبْلَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عِبَارَةَ الْمُكَلَّفِ تُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ سَيَأْتِي إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَرْفَعَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلْحَاكِمِ إلَخْ الصَّرِيحُ فِي أَنَّ الْبَائِعَ لَهُ هُوَ الرَّاهِنُ إنْ أَجَابَ لِبَيْعِهِ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيْعِ، تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ لِبَيْعِهِ رَاجِعًا لِلْمُرْتَهِنِ.
(قَوْلُهُ: حَمَلَ الصُّورَةَ الْأُولَى) وَهِيَ قَوْلُهُ وَيُبَاعُ الْمَرْهُونُ وُجُوبًا إلَخْ، وَسَمَّاهَا أُولَى مَعَ شُمُولِهَا لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ فِيهَا وَهُوَ الْبَيْعُ، وَكَانَتْ أُولَى بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ شُرِطَ مَنْعُ بَيْعِهِ إلَخْ، هَذَا وَقَالَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ فَفَرَّطَ بِأَنْ تَرَكَهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَتَرَكَ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ ضَمِنَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِيلَ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ هَذَا عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا امْتَنَعَ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ لِلِاسْتِيفَاءِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: صَحَّ مُطْلَقًا) أَيْ حَالًّا كَانَ الدَّيْنُ أَوْ مُؤَجَّلًا مَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا لَا يَتَجَفَّفْ وَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الشَّجَرِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ ثَمَرُهُ مِمَّا يَتَجَفَّفُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَسَادِهِ فِي الثَّمَرَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَتَجَفَّفُ وَرُهِنَتْ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ مَعَهُ فَسَادُهَا وَلَمْ يُشْرَطْ بَيْعُهَا عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) بِأَنْ كَانَتْ تَتَجَفَّفُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبْدُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِاجْتِيَاحِهَا) أَيْ نُزُولِ الْجَائِحَةِ بِهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا جَازَ رَهْنُهَا (قَوْلُهُ: إنْ رَهَنَهُ) أَيْ الثَّمَرَ (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ الْمَنْعُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَرَادَ الرَّاهِنُ بَيْعَهَا قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ بِثَمَنٍ يَزِيدُ عَلَى الدِّينِ وَمَنَعَ الْمُرْتَهِنَ مِنْ الْبَيْعِ، وَفِي جَوَازِ إجَابَتِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَفُوتُ بِقَطْعِهَا قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ شَيْءٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي يُسْرِعُ) أَيْ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ (قَوْلُهُ: وَرَهْنُ مَا اشْتَدَّ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي حَمْلُ الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا هَذَا السُّؤَالُ لَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَتَّى تَصِحَّ إحَالَتُهُ عَلَيْهَا، وَهِيَ مَا لَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ فَفَرَّطَ حَتَّى فَسَدَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، فَيَرِدُ عَلَيْهِ هَذَا الْإِشْكَالُ الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَيْفَ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ؟ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِمَا فِي الشَّرْحِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ سَقْطًا مِنْ الْمَتْنِ وَمَتْنُ الشَّرْحِ فِيمَا اطَّلَعْت عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ وَلَفْظُ الْمَتْنِ عَقِبَ قَوْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَفْسُدُ قَبْلَ الْأَجَلِ صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ اهـ.
فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute