للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ رَهَنَهُ أَرْضًا وَأَذِنَ لَهُ فِي غَرْسِهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَهِيَ قَبْلَ الشَّهْرِ أَمَانَةٌ بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ، لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا فَلَزِمَ كَوْنُهُ مُسْتَعِيرًا بَعْدَ الشَّهْرِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَوْ شَرَطَ مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك وَإِذَا لَمْ أَقْضِهِ عِنْدَ الْحُلُولِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك فَسَدَ الْبَيْعُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ شَيْئًا اهـ.

وَالْأَوْجُهُ فَسَادُهُ أَيْضًا.

(وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ) إنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا لَهُ وَإِلَّا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْيُ الضَّمَانِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي وَلَوْ غَاصِبًا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ (وَلَا يُصَدَّقُ فِي) دَعْوَى (الرَّدِّ) عَلَى الرَّهْنِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَيُخَالِفُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا تُمْكِنُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ غَالِبًا، وَضَابِطُ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ أَنَّ كُلَّ أَمِينٍ ادَّعَاهُ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُكْتَرِيَ وَالْمُرْتَهِنَ لِمَا مَرَّ.

(وَلَوْ) (وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ) الْأَمَةَ (الْمَرْهُونَةَ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ (بِلَا شُبْهَةٍ) مِنْهُ (فَزَانٍ) يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْهُ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ جَهِلْت تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْوَطْءَ (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ يَنْشَأَ بِبَادِيَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَغْرِسْ وَهُوَ وَاضِحٌ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ عَنْ إلَخْ فَبِانْتِهَاءِ الشَّهْرِ تَصِيرُ مَقْبُوضَةً بِالْعَارِيَّةِ وَالْمُعَارُ يُضْمَنُ بِالْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: لَمْ أَقْضِهِ) أَيْ الدَّيْنَ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْبَيْعُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنَّهُ يَفْسُدُ إلَخْ، فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ تَرْتِيبُهُ عَلَى مَضْمُونِ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجُهُ فَسَادُهُ) أَيْ الرَّهْنِ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ قَوْلَهُ وَإِذَا لَمْ أَقْضِهِ إلَخْ عَلَى الْفَوْرِ وَوَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا إذَا وَقَعَ يَكُونُ مُرَادًا بِهِ الشَّرْطُ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلِي عَلَيْكِ أَلْفٌ حَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْأَلْفُ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِلْزَامَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ: أَيْ فِيمَا هُنَا إلَّا الشَّرْطُ، بِخِلَافِ مَا فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّ الصِّيغَةَ تَحْتَمِلُ الْحَالِيَّةَ وَيَكُونُ الْمُرَادُ وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ أُطَالِبُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى التَّلَفِ) حَيْثُ لَا تَفْرِيطَ وَجَعَلَ مِنْهُ جَمْعٌ مَا لَوْ رَهَنَهُ قِطَعَ بَلَخْشٍ فَادَّعَى سُقُوطَ وَاحِدَةٍ مِنْ يَدِهِ قَالُوا: لِأَنَّ الْيَدَ لَيْسَتْ حِرْزًا لِذَلِكَ اهـ حَجّ.

وَفَائِدَةُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ فِي هَذِهِ وَمَا أَشْبَهَهَا تَضْمِينُهُ لَا أَنَّهُ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَدُومُ الْحَبْسُ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَرَضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُكْتَرِيَ) أَيْ بِأَنْ اكْتَرَى حِمَارًا مَثَلًا لِيَرْكَبَهُ إلَى بُولَاقَ مَثَلًا فَرَكِبَهُ ثُمَّ ادَّعَى رَدَّهُ إلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الدَّلَّالُ وَالصَّبَّاغُ وَالْخَيَّاطُ وَالطَّحَّانُ لِأَنَّهُمْ أُجَرَاءُ لَا مُسْتَأْجَرُونَ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ فِي دَعْوَى الرَّدِّ.

[فَائِدَةٌ] قَالَ السُّبْكِيُّ: كُلُّ مَنْ جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي الرَّدِّ كَانَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ لِلْعَيْنِ عَلَى الْمَالِكِ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْهُونَةُ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَادَّعَى أَنَّهُ جَهِلَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ فِي الْحُدُودِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْر ذَلِكَ اهـ. سم عَلَى حَجّ وَمِنْ الْغَيْرِ مَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ زَوْجَتِهِ وَادَّعَى ظَنَّ جَوَازِهِ فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا: أَيْ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ الْمَرْهُونَةُ إنَّمَا قَيَّدَ بِالْمَرْهُونَةِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْهُونَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْهُ) أَيْ وَلَا شُبْهَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْرُبَ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْهُ) أَيْ وَكَانَتْ غَيْرَ مَعْذُورَةٍ لِجَهْلٍ بِمَا يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>