بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَفْعِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِلَا شُبْهَةٍ عَمَّا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ جَهْلُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ: يَعْنِي قَالَ: ظَنَنْت أَنَّ الِارْتِهَانَ يُبِيحُ الْوَطْءَ وَإِلَّا فَكَدَعْوَى جَهْلِ تَحْرِيمِ الزِّنَا، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنْ أَرَادَ الْأَئِمَّةُ بِقُرْبِ الْإِسْلَامِ مَنْ قَدِمَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهَا فَذَاكَ، وَأَمَّا مُخَالِطُونَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلَا يَنْقَدِحُ فَرْقٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ عَوَامِّنَا فَإِمَّا أَنْ يُصَدَّقُوا أَوْ لَا يَرُدُّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَزَانٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ جَوَابُ لَوْ بِمَعْنَى إنْ مُجَرَّدَةً عَنْ زَمَانٍ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ عَمَّا يُقَالُ لَوْ نَفْسُهَا لَا تُجَابُ بِالْفَاءِ بِأَنَّهُمْ أَجْرَوْهَا مَجْرَى إنْ وَكَوْنُهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ لِاقْتِضَائِهَا الِاسْتِقْبَالَ
وَقَوْلُهُ فَهُوَ زَانٍ لِأَنَّ جَوَابَهَا لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً (وَإِنْ) (وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) الْمَالِكَ لَهَا (قَبْلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ) لِلْوَطْءِ مُطْلَقًا (فِي الْأَصَحِّ) إذْ قَدْ يَخْفَى التَّحْرِيمُ مَعَ الْإِذْنِ حَيْثُ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
غَيْرُ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: بَعِيدَةٍ) أَيْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِيهَا بِتَعَلُّمٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْمَهْرُ) أَيْ مَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إكْرَاهٌ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ صَدَقَ هُوَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَعَدَمُ لُزُومِ الْمَهْرِ لِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ ظَنَنْت) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا ظَنَنْت حُرْمَةً وَلَا عَدَمَهَا وُجُوبُ الْحَدِّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ الْآتِي وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ وُجُوبَ الْحَدِّ عِنْدَ انْتِفَاءِ دَعْوَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَدَعْوَى إلَخْ) قَضِيَّتُهُ الْفَرْقُ مَا بَيْنَ مَا لَوْ ادَّعَى جَهْلَ تَحْرِيمِ الزِّنَا وَوَطْءِ الْمَرْهُونَةِ، وَقَدْ سَوَّى حَجّ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ سِيَّمَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَا يُخَالِطُونَ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَعْتَقِدُونَ إبَاحَةَ الزِّنَا لِعَدَمِ بَحْثِهِمْ عَنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ حَتَّى فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانَ الزِّنَا لَمْ يُبَحْ فِي مِلَّةٍ مِنْ الْمِلَلِ، وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَدَعْوَى جَهْلِ تَحْرِيمِ الزِّنَا: أَيْ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُخَالِطِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ) صِلَةُ قَوْلِهِ الْجَوَابَ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا مُجَرَّدَةً) أَرَادَ بِهِ دَفْعَ سُؤَالٍ آخَرَ تَقْدِيرِهِ لَوْ مَوْضُوعَةً لِلْمَاضِي وَفِي هَذَا التَّرْكِيبِ هِيَ دَالَّةٌ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهَا جُرِّدَتْ عَنْ الزَّمَانِ كَمَا أَنَّ إنْ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَيْهِ فَجَازَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْمَالِكِ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَهُ وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: أَمَّا إذْنُ رَاهِنٍ مُسْتَعِيرٍ أَوْ وَلِيِّ رَاهِنٍ فَكَالْعَدَمِ اهـ أَيْ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ مَعَ إذْنِهِمَا إلَّا حَيْثُ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّ الْآذِنَ مُسْتَعِيرٌ أَوْ وَلِيٌّ، فَإِنْ ظَنَّهُ مَالِكًا قِبَلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ حَيْثُ خَفَى عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ بَعُدَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ مِثْلُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْمَهْرُ) أَيْ إنْ عُذِرَتْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ أَجَّرُوهَا) مُتَعَلِّقٌ بِلَفْظِ الْجَوَابِ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ لِاقْتِضَائِهَا الِاسْتِقْبَالَ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى لَفْظِ الْجَوَابِ: أَيْ وَأَرَادَ الشَّارِحُ كَوْنَهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ إلَخْ، وَغَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ شَرْحُ قَوْلِ الْجَلَالِ مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ: أَيْ وَأَرَادَ الْجَلَالُ بِقَوْلِهِ مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ كَوْنُهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ لِاقْتِضَائِهَا: أَيْ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فَمَحَطُّ شَرْحِهِ لِكَلَامِ الْجَلَالِ قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا الِاسْتِقْبَالَ لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ قَلَاقَةٌ، وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ كَوْنِهَا بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا: أَيْ وَكَوْنُهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ الْجَلَالُ لِاقْتِضَائِهَا الِاسْتِقْبَالَ.
وَحَاصِلُ جَوَابِ الْجَلَالِ أَنَّ لَوْلَا تَكُونُ إلَّا شَرْطًا لِلْمُضِيِّ حَتَّى إذَا وَلِيَهَا مُسْتَقْبَلٌ يُؤَوَّلُ بِالْمُضِيِّ، وَأَمَّا إنْ فَهِيَ شَرْطٌ لِلِاسْتِقْبَالِ فَهِيَ ضِدُّهَا فِي الزَّمَانِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ تَجْرِيدِهَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute