للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَصَرَّفَ الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ ظَاهِرٌ) وَلَا خَفِيٌّ (فَظَهَرَ دَيْنٌ) أَيْ طَرَأَ فَيَشْمَلُ مَا لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ كَأَنْ حَفَرَ فِي حَيَاتِهِ بِئْرًا عُدْوَانًا ثُمَّ تَرَدَّى فِيهَا شَخْصٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا عَاقِلَةَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِرَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ) أَتْلَفَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَا دَيْنَ عَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُقَارَنًا وَعَلِمَ بِهِ أَوْ جَهِلَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَالتَّصَرُّفُ بَاطِلٌ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خِلَافًا لِاقْتِصَارِ الشُّرَّاحِ عَلَى الظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا رَأَوْا أَنَّ تَقَدُّمَ السَّبَبِ كَتَقَدُّمِ الْمُسَبِّبِ بَاطِنًا وَهُوَ بَعِيدٌ إذْ تَقَدَّمَ السَّبَبُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكْفِي فِي رَفْعِ الْعَقْدِ، وَالثَّانِي يَتَبَيَّنُ فَسَادُهُ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْمُقَارَنِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَ الْبَائِعُ مُوسِرًا وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ جَزْمًا (لَكِنْ إنْ لَمْ يُقْضَ) بِضَمِّ الْيَاءِ فَيَعُمُّ قَضَاءُ الْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ سُقُوطُهُ فَيَشْمَلُ الْإِبْرَاءَ وَغَيْرَهُ (الدَّيْنُ فُسِخَ) تَصَرُّفُهَ عَلَى الْأَوَّلِ لِيَصِلَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى حَقِّهِ وَالْفَاسِخُ لِذَلِكَ الْحَاكِمِ وَظَاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْفَسْخِ فِي غَيْرِ إعْتَاقِ الْمُوسِرِ وَإِيلَادِهِ، أَمَّا فِيهِمَا فَلَا فَسْخَ كَالْمَرْهُونِ بَلْ أَوْلَى

(وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْوَارِثِ إمْسَاكَ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُورِثِ وَالْمُورِثُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، لَكِنْ لَوْ أَوْصَى بِدَفْعِ عَيْنٍ إلَيْهِ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ أَوْ عَلَى أَنْ تُبَاعُ وَيُوَفَّى مِنْ ثَمَنِهَا عُمِلَ بِوَصِيَّتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِاخْتِلَافِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَتْلَفَ الْبَائِعُ) أَيْ الْمُوَرِّثُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ) هَلَّا قِيلَ بِنُفُوذِهِ وَالضَّرَرُ يَنْدَفِعُ بِالْفَسْخِ كَمَا لَوْ كَانَ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ إعْتَاقِ الْمُوسِرِ) أَفْهَمَ أَنَّ لِلْحَاكِمِ فَسْخَ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ إذَا كَانَا مِنْ مُعْسِرٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَصَرَّفَ الْعَتِيقُ مُدَّةَ الْعِتْقِ وَرَبِحَ مَالًا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ لَزِمَهُ دُيُونٌ فِي مُدَّةِ الْحُرِّيَّةِ فَهَلْ تَتَعَلَّقُ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْفَسْخِ أَوْ لَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَفِ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ أَوْ بِهَا وَبِكَسْبِهِ كَالدَّيْنِ اللَّازِمِ لَهُ بِإِذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَقَضَاءُ الدَّيْنِ) الَّذِي يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَهُوَ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدَّيْنِ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَا وَنَقَصَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْهَا فَاللَّازِمُ لَهُ هُوَ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِوَصِيَّتِهِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ قَدْرَ الدَّيْنِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ قَدْرَ الدَّيْنِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا زَادَ وَصِيَّةٌ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَى آخِرِ مَا فِي الْوَصِيَّةِ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ أَوْصَى شَخْصٌ بِدَرَاهِمَ تُصْرَفُ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزٍ وَهِيَ تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْمُؤَنِ الْمُعْتَادَةِ هَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ فِي الزَّائِدِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ وَصِيَّةٌ لِمَنْ تُصْرَفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤَنُ عَادَةً. فَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَتْ وَيُفَرِّقُهَا الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ عَلَى مَنْ تُصْرَفُ إلَيْهِمْ عَادَةً بِحَسَبِ رَأْيِهِ، وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ لَا؟ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَصِيَّةً بِمَكْرُوهٍ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ بَلْ يُفْعَلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِيمَا عَدَا حِصَّتَهَا

. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ كَانَ) فِي تَعْبِيرِهِ هُنَا بِيَشْمَلُ مُسَاهَلَةٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مَشْمُولًا آخَرَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ مُنْحَصِرٌ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَشَارَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ حَفَرَ: أَيْ كَحَفْرِ بِئْرٍ، وَكَاَلَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ؛ إذْ لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَمْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُغَايِرٍ لَهُ بَلْ مِنْ أَفْرَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ جَزْمًا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالتَّصَرُّفِ الْأَعَمِّ، بَلْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ الْبَيْعِ مِنْ الْمُعْسِرِ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْقُوتِ: وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ فَسْخٌ يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَالْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَغَيْرَهَا وَهُوَ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَفِي نَقْضِهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى بِالنُّفُوذِ مِنْ عِتْقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ إذْ التَّعْلِيقُ طَارٍ عَلَى التَّصَرُّفِ اهـ. فَتَفْضِيلُهُ فِي الْعِتْقِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ فِي الْفَسْخِ صَرِيحٌ فِي نُفُوذِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْسِرِ كَالْمُوسِرِ إذْ الْفَسْخُ فَرْعُ النُّفُوذِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ

. (قَوْلُهُ: وَقَضَاءُ الدَّيْنِ) يَعْنِي الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدَّيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>