للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحٌ اهـ.

وَمَعْلُومٌ مُخَالَفَةُ الزَّكَاةِ لِمَا هُنَا لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، فَجَوَابُ الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ فَهْمِهِ، وَقَدْ أَجَابَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْخِلَافَ عَلَيْهِ أَقْوَى، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالرَّهْنِ مَا لَوْ أَدَّى وَارِثُهُ قِسْطَ مَا وَرِثَ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ نَصِيبُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ ثُمَّ مَاتَ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِوَفَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَمَرَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَا ذَكَرَ مَحَلُّهُ فِي دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ، أَمَّا دَيْنُ الْوَارِثِ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُسْقِطُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ وَيَسْتَقِرُّ لَهُ نَظِيرُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَيُقَدِّرُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ وَهَذَا سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ، وَقَدْ يُفْضِي الْأَمْرُ إلَى التَّقَاصِّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثَيْنِ.

(وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا بَعْضِهِمْ إلَّا إنْ غَابَ وَأَذِنَ الْحَاكِمُ عَنْهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ وَكَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا رِعَايَةً لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، إذْ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ التَّحَمُّلِ السَّابِقِ آخِرَ الْجَنَائِزِ أَوْ إبْرَاءِ الدَّائِنِ، وَعَلَى ذَلِكَ أَعْنِي تَقْيِيدَ النُّفُوذِ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ بِمَا إذَا كَانَ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ صِحَّتَهُ بِإِذْنِهِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيجَارُ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ أَذِنَ الْغُرَمَاءُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الْمَيِّتِ بِبَقَاءِ رَهْنِ نَفْسِهِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ اهـ حَجّ. أَقُولُ: هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُقَسَّطَةً عَلَى الشُّهُورِ مَثَلًا أَوْ مُؤَجَّلَةً إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ، أَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ بِأُجْرَةِ حَالَّةٍ وَقَبَضَهَا وَدَفَعَهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْحَالَّةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَتَبْرَأُ بِدَفْعِهَا لِلدَّائِنِ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ. لَا يُقَالُ: يُحْتَمَلُ تَلَفُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالْأُمُورُ الْمُسْتَقْبَلَةُ لَا يُنْظَرُ إلَيْهَا فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُ رَأْسِ مَالِ السَّلْمِ مَنْفَعَةَ عَقَارٍ وَإِنْ كَانَ السَّلْمُ حَالًّا وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ مَحَلِّهَا، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ التَّلَفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ.

[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ مَنْ مَاتَ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ فَيُحْجَرُ عَلَى الْوَارِثِ حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ عَنْهُ وَبِذَلِكَ أَفْتَى بَعْضُهُمْ، وَأَفْتَى بَعْضٌ آخَرُ بِأَنَّهُ بِالِاسْتِئْجَارِ وَتَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ لِلْأَجِيرِ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِبَقَاءِ التَّعَلُّقِ بِذِمَّتِهِ بَعْدُ اهـ. وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِمَادِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ الْفَرْقُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ فَصْلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ مُخَالَفَةُ الزَّكَاةِ لِمَا هُنَا) أَيْ: فَهُمْ إنَّمَا رَجَّحُوا فِيهَا التَّعَلُّقَ بِقَدْرِهَا فَقَطْ؛ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، فَلَا يَتَأَتَّى نَظِيرُ التَّرْجِيحِ هُنَا لِبِنَاءِ مَا هُنَا عَلَى التَّضْيِيقِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْجَلَالِ: فَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، لَكِنَّ الشِّهَابَ حَجّ جَازِمٌ بِأَنَّهُمْ رَجَّحُوا هُنَا عَلَى الثَّانِي التَّعَلُّقَ بِالْقَدْرِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ أَقْوَى) أَيْ: فَيَتَأَتَّى لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ الْمُشْعِرِ بِقُوَّةِ الْخِلَافِ عَلَى اصْطِلَاحِهِ: أَيْ وَأَمَّا مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَأَتَّى الْخِلَافُ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ صَحِيحٌ وَمُقَابِلُهُ الْأَصَحَّ فَتَرَكَ النَّصَّ عَلَيْهِ اخْتِصَارًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ الدَّيْنِ) صَوَابُهُ وَهُوَ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ التَّرِكَةِ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ) أَيْ: وَنِسْبَةُ إرْثِهِ مِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ وَهُوَ مِقْدَارُ التَّرِكَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّرْكِيبِ، فَفِيمَا لَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ ابْنًا وَزَوْجَةً وَصَدَاقُهَا عَلَيْهِ ثَمَانِينَ وَتَرِكَتُهُ أَرْبَعِينَ يَسْقُطُ ثَمَنُ الْأَرْبَعِينَ وَهُوَ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يَلْزَمُهَا أَدَاؤُهَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِأَجْنَبِيٍّ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَلَيْسَ مَعْنَى السُّقُوطِ السُّقُوطَ مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى لَا يَجِبَ إلَّا قَضَاءُ سَبْعَةِ أَثْمَانِ الصَّدَاقِ، بَلْ سُقُوطٌ يُؤَدِّي إلَى صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ فِي مِقْدَارِ إرْثِهِ لِاسْتِحَالَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مِقْدَارِ حِصَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا دَيْنَ لِغَيْرِهِ اهـ. فَقَوْلُ السُّبْكِيّ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا تَسَاوَيَا كَثَمَانِينَ وَثَمَانِينَ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِي عَشَرَةٍ لَا فِي سَبْعِينَ إلَّا إنْ أَدَّاهَا إلَيْهَا الْوَرَثَةُ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِقْلَالِ بِالتَّصَرُّفِ قَبْلَ الْأَدَاءِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>