للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضُهُمْ (فَلَوْ) (بَاعَ مَالَهُ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِغَرِيمِهِ بِدَيْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ (لِغُرَمَائِهِ بِدَيْنِهِمْ) أَوْ بَعْضِهِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَثْبُتُ عَلَى الْعُمُومِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِمْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَالْقَوْلَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِأَجْنَبِيِّ السَّابِقِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ. أَمَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي فَيَصِحُّ، وَلَوْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَخَرَجَ بِالتَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ التَّصَرُّفُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَالَ (فَلَوْ) تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ كَأَنَّ (بَاعَ سَلْمًا) طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا بِثَمَنٍ (فِي الذِّمَّةِ) أَوْ بَاعَ فِيهَا لَا بِلَفْظِ السَّلْمِ أَوْ اقْتَرَضَ أَوْ اسْتَأْجَرَ (فَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ وَيَثْبُتُ) الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ وَنَحْوُهُمَا (فِي ذِمَّتِهِ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيهِ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ كَالسَّفِيهِ.

(وَيَصِحُّ) (نِكَاحُهُ) وَرَجْعَتُهُ (وَطَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ) زَوْجَتَهُ (وَاقْتِصَاصُهُ) أَيْ اسْتِيفَاؤُهُ الْقِصَاصَ وَإِذَا طَلَبَهُ أُجِيبَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَإِسْقَاطُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ وَلَوْ مَجَّانًا وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَالٌ، وَلَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ وَنَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، أَمَّا اسْتِيلَادُهُ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ نُفُوذِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْخُلَاصَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ لِأَنَّ حَجْرَ الْفَلْسِ امْتَازَ عَنْ حَجْرِ الْمَرَضِ بِكَوْنِهِ يَتَصَرَّفُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ وَعَنْ حَجْرِ السَّفَهِ بِكَوْنِهِ لَحِقَ الْغَيْرَ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ إذْ لَا يَنْفُذَانِ إلَّا مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ الْفَاضِلِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ التَّدْبِيرِ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا ضَعِيفٌ وَلَوْ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نِدَائِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ الْحَجْرِ بُلُوغُ ذَلِكَ لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ لِجَوَازِ غَيْبَةِ بَعْضِهِمْ وَقْتَ النِّدَاءِ أَوْ مَرَضِهِ فَلَمْ يُعْلَمْ الْحَالُ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلَانِ) الْمُنَاسِبُ لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ أَنْ يَقُولَ وَالْوَجْهَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إمَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي) مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: الْمَالِيِّ) أَرَادَ بِالْمَالِيِّ التَّصَرُّفَ فِي الْعَيْنِ وَإِلَّا فَمَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ فِيهَا) أَيْ عَيْنًا.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ) أَيْ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مُعَيَّنًا فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَخُلْعُهُ زَوْجَتَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اخْتَلَعَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً بِعِوَضٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: اسْتِيفَاؤُهُ الْقِصَاصَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْقِصَاصِ مَا يَشْمَلُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فِيهِ وَطَلَبٍ مِنْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجَّانًا) وَإِنَّمَا لَمْ يَمْتَنِعْ الْعَفْوُ مَجَّانًا لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا لَمْ يَجِبْ لَهُمْ شَيْءٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ الْكَسْبِ عَلَى مَنْ عَصَى بِالدَّيْنِ أَنَّهُ إذَا عُفِيَ هُنَا عَنْ الْقِصَاصِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَالٍ لِأَنَّهُ كَالْكَسْبِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ عُفِيَ مَجَّانًا احْتَمَلَ الصِّحَّةَ مَعَ الْإِثْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (قَوْلُهُ: إلَى مَفْعُولِهِ) إنْ قُلْت: لِمَ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ مَعَ جَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ؟ قُلْت: لِأَنَّ حَذْفَ الْمَفْعُولِ اللَّازِمِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُوهِمُ التَّعْمِيمَ الْمُقْتَضِيَ لِجَوَازِ إسْقَاطِهِ الدَّيْنَ وَهُوَ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُ نُفُوذِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ الْحَبَلِ الْمُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ وَأَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ نَسِيبٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَبِعَهُ) مِنْهُمْ حَجّ (قَوْلُهُ: امْتَازَ عَنْ حَجْرِ) فِي نُسْخَةٍ أَقْوَى مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ مُفَوِّتًا فِي الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ يَعْتِقُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) مِثْلُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ وَهَبَ لَهُ لِأَنَّهُ بِقَبُولِ الْهِبَةِ صَارَ فِي مِلْكِهِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقَّانِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ مُضَافًا إلَى فَاعِلِهِ لَزِمَ عُمُومُ الشَّيْءِ الَّذِي يُسْقِطُهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) هُنَا سَقْطٌ مِنْ النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَبَوَاهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَ وَقَبَضَ الْمَوْهُوبَ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ تَعَلُّقٌ بِهِ، وَكَذَا نَصُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>