للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ حَلَفُوا حُبِسَ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَيْضًا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا أَنَّهُ بَانَ لَهُمْ إعْسَارُهُ حَتَّى يَظْهَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّ قَصْدَهُ الْإِيذَاءُ وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ، فَلَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ فَادَّعَوْا بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا وَبَيَّنُوا الْجِهَةَ الَّتِي اسْتَفَادَ مِنْهَا فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ إلَّا إنْ ظَهَرَ قَصْدُ الْإِيذَاءِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْمَلَاءَةِ.

فَلَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْسَارَ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِذَهَابِ مَالِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِالْمَلَاءَةِ بِهِ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَهَابَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْلَمُ ذَهَابَهُ لَكِنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَهَابَ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَيَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ أَيْضًا وَيَعْلَمُ الْقَاضِي حَيْثُ نَفَذَ حُكْمُهُ بِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ أَبْرِئْنِي فَإِنِّي مُعْسِرٌ فَأَبْرَأَهُ ثُمَّ بَانَ يَسَارُهُ بَرِئَ، وَلَوْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ بِعَدَمِ ظُهُورِ الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ كَصَدَاقٍ وَضَمَانٍ وَإِتْلَافٍ وَلَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ (فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ وَلَا مَالَ لَهُ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ ذَلِكَ، وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يَحْلِفْ ثَانِيًا كَمَا فِي الْبَيَانِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عُجَيْلٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِثُبُوتِ إعْسَارِهِ بِالْيَمِينِ الْأُولَى، وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ أَحْوَالِ الْحُرِّ، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ حُكْمُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِيمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ يُوفِي زَيْدًا كَذَا وَقْتَ كَذَا ثُمَّ ادَّعَى إعْسَارَهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ) وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالنَّفْيِ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ كَالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنْ لَا وَارِثَ سِوَى هَؤُلَاءِ (فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ حَبْسٌ كَسَائِرِ الْبَيِّنَاتِ (وَشَرْطُ شَاهِدِهِ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ) لِطُولِ جِوَارٍ وَمُخَالَطَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ تَخْفَى فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ.

نَعَمْ إنْ شَهِدَ بِتَلَفِ الْمَالِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ، وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ وَحْدَهَا إلَّا مَعَ يَمِينٍ يَحْلِفُهَا الْمَدِينُ بَعْدَ إقَامَتِهَا عَلَى أَنْ لَا مَالَ لَهُ بَاطِنًا إنْ كَانَ الْحَقُّ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ غَائِبٍ أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ، وَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ وَطُلِبَتْ مِنْهُ لِجَوَازِ اعْتِمَادِ الشَّاهِدَيْنِ الظَّاهِرَ، فَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ لَمْ يَحْلِفْ كَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الشَّاهِدِ بِإِعْسَارِهِ: إنَّهُ خَبِيرٌ بِبَاطِنِهِ، وَإِنْ عَرَفَهُ الْحَاكِمُ كَفَى كَمَا يَكْفِي عِلْمُهُ بِالْإِعْسَارِ، وَلَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ وَيَكْفِي شَاهِدَانِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَلْيَقُلْ) أَيْ الشَّاهِدُ: وَهُوَ اثْنَانِ كَمَا مَرَّ (هُوَ مُعْسِرٌ وَلَا يُمَحَّضُ النَّفْيُ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، بَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ إلَّا قُوتَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُمْ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ اجْتَمَعُوا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْبَعْضُ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعْلَمُ إعْسَارُهُ فَطُلِبَ مِنْهُ الْيَمِينُ فَنَكَلَ عَنْهَا فَحَلَفَ الْمُفْلِسُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَهَلْ يُكْتَفَى بِتِلْكَ الْيَمِينِ عَنْ تَحْلِيفِ الْبَاقِينَ لِكَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ شَيْئًا وَاحِدًا، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الْبَاقِينَ وَبِتَقْدِيرِ حَلِفِ الْبَاقِينَ فَهَلْ يُحْبَسُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يَحْلِفْ ثَانِيًا أَنَّهُ يُكْتَفَى بِيَمِينِهِ الْأُولَى عَنْ تَحْلِيفِ الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفُوا حُبِسَ) أَيْ إلَى أَنْ يَظْهَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى إعْسَارِهِ

(قَوْلُهُ: إقْرَارٌ بِالْمُلَاءَةِ) أَيْ الْغَنِيِّ أَيْ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ أَوَّلًا

(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِيهِ) أَيْ شَاهِدٌ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِالْيَمِينِ) هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ وَثَبَتَ إعْسَارُهُ (قَوْلُهُ: نَفَذَ حُكْمُهُ بِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا مَالَ لَهُ لِتَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ) أَيْ يَجِبُ الْوَفَاءُ مِنْهُ بِأَنْ وَجَبَ بَيْعُهُ فِي وَفَاءِ دَيْنِ الْمُفْلِسِ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ثِيَابِ بَدَنِهِ وَحَاجَتِهِ النَّاجِزَةِ.

وَمِنْ الزَّائِدِ الْمَرْكُوبُ وَالْخَادِمُ وَالْمَسْكَنُ وَأَثَاثُ الْمَنْزِلِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ) قَالَ حَجّ: وَهِيَ رَجُلَانِ اهـ: أَيْ فَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ شَاهِدِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِيهِ) يَعْنِي الشَّاهِدَ الْمَعْلُومَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) مَرَّ هَذَا فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ بِعَدَمِ ظُهُورِ الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ يَسَارُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>