للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْصُلُ كَالْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَجَازَ الْفَسْخُ بِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا نَوَى بِالْوَطْءِ الْفَسْخَ وَقُلْنَا بِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَلَا يَحْصُلُ بِهِ قَطْعًا، وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ بِنَحْوِ فَسَخْت الْبَيْعَ أَوْ رَفَعْته أَوْ نَقَضْته أَوْ أَبْطَلْته أَوْ رَدَدْت الثَّمَنَ أَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ فِيهِ أَوْ رَجَعْت فِي الْمَبِيعِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَوْ اسْتَرْجَعْته كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (الرُّجُوعُ) فِي عَيْنِ مَالِهِ بِالْفَسْخِ (فِي سَائِرِ) الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي (كَالْبَيْعِ) وَهِيَ الْمَحْضَةُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ فَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا وَبِالْمَحْضَةِ وَهِيَ الَّتِي تَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ غَيْرُهَا كَالنِّكَاحِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ وَالْخُلْعِ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِي نَحْوِ الْهِبَةِ وَلِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ فِي الْبَقِيَّةِ.

نَعَمْ لِلزَّوْجَةِ فَسْخُ النِّكَاحِ بِالْإِعْسَارِ كَمَا يَأْتِي، لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَجْرِ وَدَخَلَ فِي الضَّابِطِ عَقْدُ السَّلَمِ فَلَهُ فَسْخُهُ إنْ وَجَدَ رَأْسَ مَالِهِ، فَإِنْ فَاتَ لَمْ يُفْسَخْ بَلْ يُضَارِبُ بِقِيمَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ ثُمَّ يَشْتَرِي لَهُ مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَالِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، فَإِنْ انْقَطَعَ فَلَهُ الْفَسْخُ لِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُفْلِسِ فَفِي حَقِّهِ أَوْلَى، وَإِذَا فَسَخَ ضَارَبَ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُسْلَمُ فِيهِ أَنْ يَقُومَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَإِنْ سَاوَى عِشْرِينَ، وَالدُّيُونُ ضِعْفُ الْمَالِ أَفْرَزَ لَهُ عَشَرَةً، فَإِنْ رَخُصَ السِّعْرُ قَبْلَ الشِّرَاءِ اشْتَرَى لَهُ بِهَا جَمِيعَ حَقِّهِ إنْ وَفَّتْ بِهِ وَإِلَّا فَبَعْضُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مِلْكٌ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ

(قَوْلُهُ: بِالْوَطْءِ) وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْفَسْخِ بِهِ هَلْ يَجِبُ مَهْرٌ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِبَقَاءِ الْمَوْطُوءَةِ عَلَى مِلْكِ الْمُفْلِسِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا لِلْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ أَوْ لَا

(قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِمَا مَرَّ) يُشْعِرُ بِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ بِمَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ: لَا يَحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ إلَى حَاكِمٍ (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ) أَيْ فِي رَجَعْت فِي الْمَبِيعِ

(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ فِي اسْتَرْجَعْته هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْوَلِيُّ وَنَحْوُهُ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ مَعَ الْمُفْلِسِ بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحَجْرِ أَوْ جَهِلَ

(قَوْلُهُ: الَّتِي كَالْبَيْعِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْكَافَ تَقْيِيدِيَّةٌ لَا تَنْظِيرِيَّةٌ، وَإِلَّا لَدَخَلَ الصَّدَاقُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ، وَيَصِحُّ أَنْ تُعْرِبَ قَوْلَهُ: كَالْمَبِيعِ حَالًا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: الْخَبَرِ الْمَارِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ»

(قَوْلُهُ: الْهِبَةُ) أَيْ بِلَا ثَوَابٍ كَأَنْ وَهَبَهُ عَيْنًا وَأَقْبَضَهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) كَالْإِبَاحَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ) كَأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلَا فَسْخَ، وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا مُعَيَّنًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَمْلِكُهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَتُطَالِبُ بَعْدَ الْحَجْرِ

(قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِلزَّوْجَةِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ فَلَا فَسْخَ بِغَيْرِ الْمَحْضَةِ (قَوْلُهُ بِالْإِعْسَارِ) أَيْ بِالْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ بِالْمَهْرِ بِمُجَرَّدِ الْحَجْرِ أَوْ يَمْتَنِعُ الْفَسْخُ مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا؛ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ غَيْرُهُ إلَّا بِقِسْمَةِ أَمْوَالِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ إذْ مِنْ الْجَائِزِ حُدُوثُ مَالٍ لَهُ أَوْ بَرَاءَةُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَهُ أَوْ ارْتِفَاعُ بَعْضِ الْأَسْعَارِ، وَأَمَّا الْفَسْخُ بِالنَّفَقَةِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ قِسْمَةِ أَمْوَالِهِ وَمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَطَعَ) أَيْ بَعْدَ الْحُلُولِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ) أَيْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَاوَى) أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالدُّيُونُ ضِعْفُ الْمَالِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَمَا قَابَلَ الظَّاهِرَ وَالْمُحْتَمَلَ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) أَيْ: فِي الْوَطْءِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، أَمَّا الْإِعْتَاقُ وَالْبَيْعُ فَالْخِلَافُ جَارٍ فِيهِمَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>