للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَنْدَقِ فِي جُمَادَى سَنَةَ خَمْسٍ وَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ: عَنْ الشَّافِعِيِّ «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا وَهُمْ أَبْنَاءُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُمْ بَلَغُوا، وَعُرِضُوا عَلَيْهِ وَهُمْ أَبْنَاءُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَهُمْ، مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَابْنُ عُمَرَ» (أَوْ خُرُوجُ الْمَنِيِّ) لِوَقْتِ إمْكَانِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] وَخَبَرُ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» .

وَالْحُلُمُ الِاحْتِلَامُ، وَهُوَ لُغَةً مَا يَرَاهُ النَّائِمُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَتَعْبِيرُهُ بِالْخُرُوجِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالِاحْتِلَامِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللِّعَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ، وَالْبُلُوغُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي ثُبُوتِ إيلَادِهِ وَالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ (وَوَقْتُ إمْكَانِهِ اسْتِكْمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) قَمَرِيَّةً بِالِاسْتِقْرَاءِ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِكْمَالِ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ كَالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ ضَبْطٌ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ فَالزَّمَنُ الَّذِي لَا يَسَعُ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وُجُودُهُ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى (وَنَبَاتُ) شَعْرِ (الْعَانَةِ) الْخَشِنِ الَّذِي يَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهِ إلَى نَحْوِ حَلْقٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا اسْمٌ لِلْمُنْبَتِ لَا لِلنَّابِتِ وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَهْلِ اللُّغَةِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا النَّابِتُ وَأَنَّ الْمُنْبَتِ شِعْرَةٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِبُلُوغِ وَلَدِ الْكَافِرِ) وَمَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ إذَا كَانَ عَلَى فَرْجٍ وَاضِحٍ أَوْ فَرْجَيْ مُشْكَلٍ مَعًا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَتَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ فَاشْتُرِطَ كَوْنُهُ عَلَى الْفَرْجَيْنِ كَمَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْهُمَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَهُوَ كَذَلِكَ، خِلَافًا لِلْجُورِيِّ لِمَا صَحَّ عَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى مَعْلُولٍ: أَيْ أَجَازَنِي لِرُؤْيَتِهِ بُلُوغِي

(قَوْلُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ) الصَّحِيحُ أَنَّهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَابِ الشَّارِحِ.

أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا سَنَةَ خَمْسٍ فَلَا يَتِمُّ الْجَوَابُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ كَذَا بِهَامِشٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْإِشْكَالَ مُنْدَفِعٌ بِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ أَنَّهُ اسْتَكْمَلَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَأَخَذَ جُزْءًا مِمَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ) ضَابِطُهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَلَوْ أَحَسَّ بِالْمَنِيِّ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَقَبَضَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِاخْتِلَافِ مُدْرَكِ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْغُسْلِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الظَّاهِرِ وَفِي الْبُلُوغِ عَلَى الْإِنْزَالِ قَالَهُ م ر.

وَلَا يَرِدُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ: إنَّ ضَابِطَهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَكُونُ شَأْنُهُ إيجَابَ الْغُسْلِ لَوْ خَرَجَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ) بِأَنْ بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ مُدَّةَ الْحَمْلِ

(قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ) أَيْ لَا يُحْكَمُ بِهِ إلَّا إلَخْ

(قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ) أَيْ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ لِإِمْكَانِهِ

(قَوْلُهُ: إذَا وَطِئَ) أَيْ وَثَبَتَ وَطْؤُهُ بِغَيْرِ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ لُحُوقَ الْوَلَدِ مِنْ الْأَمَةِ لَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ الْوَطْءِ، بِخِلَافِ لُحُوقِ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهَا مُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَطْءٌ

(قَوْلُهُ: أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ) أَيْ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ

(قَوْلُهُ: وَالْأَشْهَرُ) أَيْ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْهُمَا) وَعَلَيْهِ لَوْ خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ) أَيْ: بِأَنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ بِوَلَدٍ لِلْإِمْكَانِ لَحِقَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّ مُرَادَهُ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ) أَيْ ظَاهِرُ مَا حَلَّ بِهِ الْمَتْنُ مِنْ زِيَادَةِ لَفْظِ شَعْرِ. (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَلَى الْفَرْجَيْنِ أَخْذًا مِنْ الْجَوَابِ. (قَوْلُهُ: يُجَابُ عَنْهُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ) الَّذِي سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ تَصْحِيحٌ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِمَا صَحَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>