للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهْرٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَالْحِرْفَةُ الصَّنْعَةُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ إلَيْهَا وَيُخْتَبَرُ مَنْ لَا حِرْفَةَ لِأَبِيهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ؛ إذْ لَا يَخْلُو مَنْ لَهُ وَلَدٌ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا

(وَ) تُخْتَبَرُ (الْمَرْأَةُ) (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَزْلِ وَالْقُطْنِ) مِنْ حِفْظٍ وَغَيْرِهِ، وَالْغَزْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَعَلَى الْمَغْزُولِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الْمَصْدَرَ: يَعْنِي أَنَّهَا هَلْ تَجْتَهِدُ فِيهِ أَوْ لَا؟ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ الْبَرْزَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَصْرِ الْأَذْرَعِيِّ لَهُ عَلَى الْمُخَدَّرَةِ.

أَمَّا الْبَرْزَةُ فَفِي بَيْعِ الْغَزْلِ وَشِرَاءِ الْقُطْنِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ يَلِيقُ بِهَا الْغَزْلُ وَالْقُطْنُ.

أَمَّا بَنَاتُ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا يُخْتَبَرُونَ بِذَلِكَ بَلْ بِمَا يَعْمَلُهُ أَمْثَالُهُنَّ، وَالْمُخْتَبِرُ الْوَلِيُّ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى وَلَا يُنَافِيهِ النَّصُّ، عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ وَالْمَحَارِمَ يَخْتَبِرُونَهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا.

وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا.

وَقَضِيَّةُ هَذَا النَّصِّ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَجَانِبِ لَهَا بِالرُّشْدِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ خَلِّكَانَ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا قَالَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ.

قَالَ: وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الشَّافِعِيُّ لِلطَّرِيقِ الْغَالِبِ فِي الِاخْتِبَارِ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَيُؤَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ الشَّاهِدَ عَلَيْهَا لَا يُكَلَّفُ السُّؤَالَ عَنْ كَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَكُنْ عَامِّيًّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ صِحَّةُ تَحَمُّلِهِ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا (وَصَوْنُ الْأَطْعِمَةِ عَنْ الْهِرَّةِ) أَيْ الْأُنْثَى، وَالذَّكَرُ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ، وَيُقَالُ لَهُ: هِرٌّ (وَنَحْوُهَا) كَفَأْرَةٍ وَدَجَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ الضَّبْطُ وَحِفْظُ الْمَالِ وَعَدَمُ الِانْخِدَاعِ وَذَلِكَ قِوَامُ الرُّشْدِ

وَالْخُنْثَى تُخْتَبَرُ بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لِيَحْصُلَ الْعِلْمُ بِالرُّشْدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ الِاخْتِبَارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ رُشْدُهُ فَلَا يَكْفِي مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِيهَا اتِّفَاقًا

(وَوَقْتُهُ) أَيْ الِاخْتِبَارِ (قَبْلَ الْبُلُوغِ) الْآيَةَ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] وَالْيُتْمُ يَكُونُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَبْلِيَّةِ: الزَّمَنُ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ رُشْدُهُ لِيُسَلَّمَ إلَيْهِ الْمَالُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَقِيلَ بَعْدَهُ) لِيَصِحَّ تَصَرُّفُهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْحَجْرِ عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ إلَى اخْتِبَارِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْمُخَاطَبُ بِالِاخْتِبَارِ عَلَى الْأَوَّلِ كُلُّ وَلِيٍّ، وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ.

وَالثَّانِي الْحَاكِمُ فَقَطْ، وَنَسَبَ الْجُورِيُّ الْأَوَّلَ إلَى عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِي إلَى ابْنِ سُرَيْجٍ (فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ) لِمَا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ (بَلْ) يُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمَالُ، وَ (يُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ، فَإِذَا أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ عَقْدُهُ لِلْحَاجَةِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُمْتَحِنِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلِيُّهُ؛ إذْ هُوَ مَأْمُورٌ بِدَفْعِ ذَلِكَ لَهُ

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ السَّفِيهُ أَيْضًا، فَإِذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ كُلَّ يَوْمٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ) أَيْ دَفْعُ النَّفَقَةِ إلَخْ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ) أَيْ يُمَالُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْعِيَالِ

(قَوْلُهُ: الْبَرْزَةِ) أَيْ الْكَثِيرَةِ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْإِرَادَةُ دَوَامُ حَجْرِهِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ وَهُوَ قَبُولُ شَهَادَةِ الْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ لِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَةِ الْأَجَانِبِ

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُسَلِّمِ) وَاسْمُهُ عَلِيٌّ

(قَوْلُهُ: الزَّمَنُ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبُلُوغِ هُنَا الْبُلُوغُ بِالسِّنِّ كَكَوْنِ سِنِّهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لَنَا بِخِلَافِ الِاحْتِلَامِ

(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) أَيْ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ أَنَّ الْمُخْتَبَرَ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ النِّسَاءُ وَالْمَحَارِمُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْمُخْتَبَرَ لَهُ عَلَى الثَّانِي الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: بِدَفْعِ ذَلِكَ لَهُ) كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُرَاقَبَتُهُ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ إغْفَالُهُ حَامِلًا عَلَى تَضْيِيعِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ حَجّ.

وَقَدْ تُفْهَمُ الْمُرَاقَبَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ إلَخْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْوَلِيَّ يَكُونُ عِنْدَ وَقْتِ الْمُمَاكَسَةِ وَبِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ بِحِرْفَةِ نَفْسِهِ، أَوْ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا حِرْفَةَ لِأَبِيهِ) أَيْ: وَلَا لَهُ

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْبَرْزَةُ إلَخْ) هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>