إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ، وَهُوَ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ فَحَرَامٌ كَمَا يَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ
(وَيُخْتَبَرُ) مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ وَلَوْ غَيْرَ أَصْلٍ (رُشْدُ الصَّبِيِّ) فِي الدِّينِ وَالْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] أَيْ اخْتَبِرُوهُمْ.
أَمَّا فِي الدِّينِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَتَجَنُّبِ الْمَحْظُورَاتِ وَتَوَقِّي الشُّبُهَاتِ وَمُخَالَطَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ الْمَرْأَةَ بَعْدُ (وَ) مَا فِي الْمَالِ فَإِنَّهُ (يَخْتَلِفُ بِالْمُرَتَّبِ فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ التَّاجِرِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) أَيْ بِمُقَدَّمَاتِهِمَا فَعَطْفُهُ مَا بَعْدَهُمَا عَلَيْهِمَا مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ أَوْ الْأَخَصِّ وَذَلِكَ لِمَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِمَا مِنْهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ (وَالْمُمَاكَسَةِ فِيهِمَا) وَهُوَ طَلَبُ النُّقْصَانِ عَمَّا طَلَبَهُ الْبَائِعُ وَطَلَبُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا يَبْذُلُهُ الْمُشْتَرِي وَإِذَا اُخْتُبِرَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ كَفَى وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِبَارِهِ فِي بَاقِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ، وَوَلَدُ السُّوقَةِ كَوَلَدِ التَّاجِرِ (وَ) يُخْتَبَرُ (وَلَدُ الزُّرَّاعِ) وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرِّرِ وَالْمُزَارِعِ فَإِنَّهُ الَّذِي يَدْفَعُ أَرْضَهُ لِمَنْ يَزْرَعُهَا وَالزُّرَّاعُ يَتَنَاوَلُهُ كَمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ (بِالزِّرَاعَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْقِوَامِ بِهَا) أَيْ إعْطَاؤُهُمْ الْأُجْرَةَ وَهُمْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الزَّرْعِ مِنْ حَرْثٍ وَحَصْدٍ وَحِفْظٍ (وَ) يُخْتَبَرُ (الْمُحْتَرِفُ) كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِضَبْطِهِ بِالرَّفْعِ لِيُفِيدَ بِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الشَّخْصِ بِالِاحْتِرَافِ وَلَوْ مَآلًا لَا بِحِرْفَةِ أَبِيهِ حَيْثُ لَمْ يَرُدَّهَا وَيَصِحُّ جَرُّهُ، وَعَلَيْهِ يَرْجِعُ ضَمِيرُ حِرْفَتِهِ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ سَائِغٌ وَيَكُونُ فَائِدَتَهُ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْكَافِي يُخْتَبَرُ الْوَلَدُ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ وَأَقَارِبِهِ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَتِهِ) أَيْ حِرْفَةِ أَبِيهِ إنْ لَمْ يُرَدْ سِوَاهَا فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ الْخَيَّاطِ مَثَلًا بِتَقْدِيرِ الْأُجْرَةِ، وَوَلَدُ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ بِأَنْ يُعْطَى شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِيُنْفِقَهُ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ فِي خُبْزٍ وَلَحْمٍ وَمَاءٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يُدْفَعُ إلَيْهِ نَفَقَةُ يَوْمٍ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ ثُمَّ نَفَقَةُ أُسْبُوعٍ ثُمَّ نَفَقَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُكْرَهُ؟ نَعَمْ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ) أَيْ حَالًا، وَالْكَلَامُ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ اهـ حَجّ
(قَوْلُهُ: وَيُخْتَبَرُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ أَيْ اخْتَبِرُوهُمْ) تَفْسِيرُ الِابْتِلَاءِ بِمَا ذُكِرَ قَدْ يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّهُ نَبَّهَ بِهِ عَلَى الْحَجْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِاخْتِبَارِهِمْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الِابْتِلَاءِ هُوَ الْحَجْرُ (قَوْلُهُ: وَتَوَقِّي الشُّبُهَاتِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ الشُّبُهَاتِ لَا يَكُونُ رَشِيدًا وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ضَابِطَ صَلَاحِ الدِّينِ أَنْ لَا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي اسْتِكْشَافِ حَالِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ التَّاجِرِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّاجِرُ عُرْفًا كَالْبَزَّازِ لَا مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَوَلَدُ السُّوقَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاكَسَةِ جَمِيعُ مُقَدِّمَاتِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْأَخَصُّ: يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُقَدِّمَاتِ أَعَمُّ وَأَنَّ الْمُمَاكَسَةَ طَلَبُ الشِّرَاءِ بِدُونِ مَا يَذْكُرُهُ الْبَائِعُ وَالْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَذْكُرُهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) أَيْ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ تَبَيَّنَ عَدَمُ رُشْدِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ إعْطَاؤُهُمْ) أَيْ الَّتِي عَيَّنَهَا وَلِيُّهُ لِلدَّفْعِ لِلْعَمَلِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا وَحَيْثُ احْتَاجَ إلَى شِرَاءِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ أَوْ اسْتِئْجَارِ بَعْضِهِمْ عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مِنْ وَلِيِّهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى.
وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِلْمُضَافِ إلَيْهِ) هُوَ قَوْلُهُ: الزُّرَّاعِ (قَوْلُهُ نَفَقَةَ يَوْمٍ)
[حاشية الرشيدي]
التَّبْذِيرِ وَالسَّرَفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ
. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى كَذَلِكَ) هَذَا لَا يُوَافِقُ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَجْرُ الصَّبِيِّ يَرْتَفِعُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا مِنْ شُمُولِ الصَّبِيِّ لِلْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: أَيْ حِرْفَةَ أَبِيهِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فِيمَا قَدَّمَهُ، لَكِنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا حَلَّ بِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْمُحْتَرِفِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute