(تَقْدِيمُ الْيَمِينِ) عَلَى الْيَسَارِ لِلْأَقْطَعِ وَنَحْوِهِ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَلِغَيْرِهِ فِي يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَابِسَ خُفٍّ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِمَسْحِهِمَا مَعًا " لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ " أَيْ تَسْرِيحُ شَعْرِهِ وَطَهُورُهُ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ: أَيْ مِمَّا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ كَاكْتِحَالٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَحَلْقِ نَحْوِ رَأْسٍ وَلُبْسِ نَحْوِ نَعْلٍ وَثَوْبٍ وَتَقْلِيمِ ظُفْرٍ وَقَصِّ شَارِبٍ وَمُصَافَحَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
أَمَّا الْكَفَّانِ وَالْخَدَّانِ وَالْأُذُنَانِ لِغَيْرِ نَحْوِ الْأَقْطَعِ فَيُطَهَّرَانِ مَعًا
(وَ) مِنْ سُنَنِهِ (إطَالَةُ غُرَّتِهِ) لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» وَمَعْنَى غُرًّا مُحَجَّلِينَ: بِيضُ الْوُجُوهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَالْفَرَسِ الْأَغَرِّ: وَهُوَ الَّذِي فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ، وَالْمُحَجَّلُ: وَهُوَ الَّذِي قَوَائِمُهُ بِيضٌ.
وَالْإِطَالَةُ فِيهَا غَسْلُ الزَّائِدِ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ.
وَغَايَتُهَا غَسْلُ صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ مَعَ مُقَدِّمَاتِ الرَّأْسِ (وَ) إطَالَةُ (تَحْجِيلِهِ) بِغَسْلِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خُلِقَتْ كَذَلِكَ أَصَالَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ كَمَا لَوْ تَدَلَّتْ جِلْدَةٌ وَالْتَصَقَتْ بِالسَّاعِدِ وَصَارَ يَخْشَى مِنْ فَتْقِهَا مِنْ السَّاعِدِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ، فَإِنَّهَا إذَا فُتِقَتْ بَعْدَ الْغَسْلِ وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ لِعُرُوضِ الِالْتِصَاقِ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْيَسَارِ) أَيْ فَلَوْ قَدَّمَ الْيَسَارَ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ غَسَلَهُمَا مَعًا كُرِهَ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ إلَخْ) وَيَلْحَقُ بِهِ مَا لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ كَمَا مَرَّ اهـ حَجّ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ عَنْ الْمَجْمُوعِ مَا يَقْتَضِي خِلَافًا (قَوْلُهُ: فَيَطْهُرَانِ مَعًا) أَيْ فَلَوْ بَدَأَ بِالْيَمِينِ فَجَوَّزَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَخْذَ كَرَاهَتِهِ مِنْ عِبَارَتِهِ، لَكِنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِي التَّرْتِيبِ أَعَمُّ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْيَمِينِ.
وَذَكَر م ر أَنَّ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدًا وَمَالَ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْوَاجِبِ وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ قَدَّمَهَا وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَهُ اهـ عَمِيرَةُ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ حَيْثُ سَبَقَتْ نِيَّةُ مُعْتَدٍّ بِهَا كَأَنْ نَوَى عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ وَانْغَسَلَ بِمَا فَعَلَهُ جُزْءٌ مِنْ الشَّفَتَيْنِ فَإِنَّ النِّيَّةَ صَحِيحَةٌ وَالْغَسْلُ لَاغٍ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْوَجْهَ وَإِنْ قَصَدَهُ اُعْتُدَّ بِهِ،
وَفِي الْحَالَيْنِ لَوْ غَسَلَ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ ثُمَّ الْوَجْهَ أَجْزَأَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغُرَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ» بِضَمِّ أَوَّلِهِ: أَيْ يُنَادَوْنَ أَوْ يُسَمَّوْنَ.
قَالَ الرَّاغِبُ الدُّعَاءُ كَالنِّدَاءِ، لَكِنَّ النِّدَاءَ قَدْ يُقَالُ: إذَا قِيلَ: يَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الِاسْمُ وَالدُّعَاءُ لَا يَكَادُ يُقَالُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ الِاسْمُ نَحْوَ: يَا فُلَانُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَحَلَّ الْآخَرِ.
وَيُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ التَّسْمِيَةِ كَدَعَوْتُ ابْنِي زَيْدًا أَيْ سَمَّيْته اهـ مُنَاوِيٌّ عِنْدَ شَرْحِ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَذَكَرَ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ شَرْحِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي مِثْلِ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا نَصُّهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مِنْ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ أَنَّ هَذِهِ السِّيمَا إنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ تَوَضَّأَ فِي الدُّنْيَا.
وَفِيهِ رَدٌّ لِمَا نَقَلَهُ الْفَاسِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ تَوَضَّأَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَا، كَمَا يُقَالُ لَهُمْ أَهْلُ الْقِبْلَةِ مَنْ صَلَّى مِنْهُمْ وَمَنْ لَا انْتَهَى.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَلَا تَحْصُلُ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ إلَّا لِمَنْ تَوَضَّأَ بِالْفِعْلِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَلَا يَحْصُلَانِ لَهُ اهـ.
وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِلزَّنَاتِيِّ الْمَالِكِيِّ لَا لِلشَّيْخِ.
وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمَنْ تَوَضَّأَ حَالَ حَيَاتِهِ كَمَا أَشْعَرَ تَعْبِيرُهُ بِتَوَضَّأَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ طِفْلًا لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ وُضُوءٌ لَمْ يَأْتِ كَذَلِكَ.
وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ تَرْكَهُ الْوُضُوءَ كَانَ مَعْذُورًا فِيهِ فَلَا يَدْخُلُ مَنْ وَضَّأَهُ الْغَاسِلُ.
وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَيَنْبَغِي الْأَوَّلُ لِإِقَامَةِ الشَّارِعِ لَهُ مَقَامَ الْوُضُوءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ) وَتُسَنُّ إطَالَتُهُمَا فِي التَّيَمُّمِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ.
وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ عُطِفَا عَلَى مَا يُسَنُّ وَالْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ.
وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، ومر خَارِجٌ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ) وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ فِي جَبْهَتِهِ.
وَكَوْنِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .