للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزَّائِدِ عَنْ الْوَاجِبِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ، وَغَايَتُهُ اسْتِيعَابُ الْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ شَامِلٌ لِمَحَلِّ الْغَسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ، وَلَا فَرْقَ فِي سَنِّ تَطْوِيلِهِمَا بَيْنَ بَقَاءِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَسُقُوطِهِ، لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ

(وَ) مِنْ سُنَنِهِ (الْمُوَالَاةُ) وَهِيَ التَّتَابُعُ بِحَيْثُ يَغْسِلُ الْعُضْوَ الثَّانِيَ قَبْلَ جَفَافِ الْأَوَّلِ مَعَ اعْتِدَالِ الزَّمَانِ وَالْمِزَاجِ وَالْهَوَاءِ، وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا: وَقَدْ يَجِبُ الْوَلَاءُ لِضِيقِ وَقْتٍ وَفِي وُضُوئِهِ نَحْوُ سَلَسٍ (وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمَيْهِ لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ» وَأُجِيبُ بِضَعْفِ الْخَبَرِ، وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ، لِلْمُسْتَنْجِي إلَى جِنَازَةٍ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى» .

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَيْنَهُمَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ.

وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ التَّفْرِيقُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ فَكَذَا الْكَثِيرُ كَالْحَجِّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَا عُذْرَ مَعَ الطُّولِ، أَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَبِالْإِجْمَاعِ

(وَ) مِنْ سُنَنِهِ (تَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ) بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّهَا تَرِفَةٌ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُتَعَبِّدِ، فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ لَا مَكْرُوهَةٌ، وَفِي إحْضَارِ الْمَاءِ مُبَاحَةٌ، وَفِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهَةٌ، وَتَجِبُ عَلَى عَاجِزٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَوْقَ الدِّرْهَمِ.

وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْغُرَّةُ فِي الْجَبْهَةِ بَيَاضٌ فَوْقَ الدِّرْهَمِ (قَوْلُهُ: الزَّائِدِ عَلَى الْوَاجِبِ) وَمِنْ الْوَاجِبِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ، فَالْإِطَالَةُ غَسْلُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَهِيَ التَّتَابُعُ) يُخْرِجُ الْمَعِيَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهَا سم عَلَى بَهْجَةٍ.

قُلْت: الظَّاهِرُ حُصُولُ الْمُوَالَاةِ لِأَنَّ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُمَا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ تَخَلُّلِ فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِي عُضْوَيْنِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ جَفَافِ الْأَوَّلِ) لَوْ مَسَحَ الرَّأْسَ ثُمَّ الْأُذُنَيْنِ ثُمَّ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ وَكَانَ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لَوْ لَمْ يُفْرَضْ اشْتِمَالُهُ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لَجَفَّ الرَّأْسُ وَبِوَاسِطَتِهِ لَمْ يَحْصُلْ الْجَفَافُ لِلْأُذُنَيْنِ لَوْ قُدِّرَ غَسْلُهُمَا قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَهَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْمُوَالَاةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى حَصَلَ الْجَفَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَدِ، وَلَمَّا غَسَلَ الثَّالِثَةَ لَمْ يَجِفَّ مَحَلُّهَا، وَقُلْنَا بِحُصُولِ الْمُوَالَاةِ.

وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَإِذَا غَسَلَ ثَلَاثًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ.

قَالَ سم عَلَيْهِ: بَلْ يُشْتَرَطُ الْوَلَاءُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَوَالَى بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَالْعُضْوِ الَّذِي بَعْدَهَا لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ الْمُوَالَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَلَعَلَّ الِاشْتِرَاطَ أَقْرَبُ بَلْ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْمِزَاجِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: مِزَاجُ الْجَسَدِ بِالْكَسْرِ طَبَائِعُهُ الَّتِي يَأْتَلِفُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَوْجَبُهَا الْقَدِيمُ) لَمْ يَقُلْ وَالْمُوَالَاةُ فِي الْجَدِيدِ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَدِيمَ خِلَافُهُ، لَعَلَّهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ مَا يَقُولُ بِهِ الْقَدِيمُ أَهُوَ الْإِبَاحَةُ أَوْ الْوُجُوبُ أَوْ غَيْرُهُمَا، وَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تُسَنُّ فِي الْقَدِيمِ

(قَوْلُهُ: بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى اسْتِعْمَالٌ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ، فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مُجَرَّدَ التَّرَفُّهِ، بَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الْوُضُوءَ مِنْ الْفَسَاقِي الصَّغِيرَةِ وَنَظَافَةُ مَائِهَا فِي الْغَالِبِ عَنْ مَاءِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْأُجْرَةِ عَلَى الدَّيْنِ، لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ.

وَفِي الدَّمِيرِيِّ مَا نَصُّهُ: إنْ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَلَى كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَقَضَاءَ دَيْنِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ) أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ فَضْلُهَا عَنْ الدِّينِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا مِنْ اعْتِبَارِ فَضْلِهَا عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي التَّيَمُّمِ مَمْنُوعٌ لِوُجُودِ الْفَارِقِ، وَهُوَ وُجُودُ الْبَدَلِ هُنَاكَ لَا هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>