لَوْ بَقِيَ، وَبَحَثَ الْبَالِسِيُّ جَوَازَ بَيْعِ مَالِ تِجَارَتِهِ بِدُونِ رَأْسِ الْمَالِ لِيَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ مَا هُوَ مَظِنَّةُ الرِّبْحِ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّ آنِيَةَ الْقِنْيَةِ مِنْ صُفْرٍ وَنَحْوِهِ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذُكِرَ، قَالَ: وَمَا عَدَاهُمَا لَا يُبَاعُ أَيْضًا إلَّا لِغِبْطَةٍ أَوْ حَاجَةٍ، لَكِنْ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ وَرِبْحٍ قَلِيلٍ لَائِقٍ بِخِلَافِهِمَا، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا بَحَثَهُ فِي التَّوْشِيحِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ بِدُونِ حَاجَةٍ وَبِدُونِ رِبْحٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بِقِيمَتِهِ مَصْلَحَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَتُهُ عَلَيْهَا، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْغِبْطَةَ بِالظَّاهِرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى بَقِيَّةِ كُتُبِهِمَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَضَابِطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَنْ لَا يَسْتَهِينَ بِهَا الْعُقَلَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شِرَاءِ الْعَقَارِ.
نَعَمْ لَهُ صَوْغُ حُلِيٍّ لِمُوَلِّيهِ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ وَصَبْغُ ثِيَابٍ وَتَقْطِيعُهَا وَكُلُّ مَا يَرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا أَوْ بَقَائِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ: الْأَصْلُ، وَهُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ، وَالْوَصِيُّ، وَالْقَيِّمُ كَمَا بَحَثَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَرَى عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ فَقَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْقَيِّمِ شِرَاءَ جِهَازٍ مُعْتَادٍ لَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَيَقَعُ لَهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ ظَاهِرُ الْحَالِ، وَلَوْ تَرَكَ عِمَارَةَ عَقَارِهِ أَوْ إيجَارَهُ حَتَّى خَرِبَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَثِمَ وَضَمِنَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ التَّلْقِيحِ بِأَنَّ التَّرْكَ فِيهِمَا يُفَوِّتُ الْمَنْفَعَةَ وَالتَّرْكُ فِيهَا يُفَوِّتُ الْأَجْوَدِيَّةَ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْخُلْعِ: إذَا خَالَعَ السَّفِيهُ وَقَبَضَ الْمَالَ وَتَرَكَهُ الْوَلِيُّ فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ اهـ: أَيْ وَأَصَحُّهُمَا الضَّمَانُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى لُقَطَةِ الصَّبِيِّ.
قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرِقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى فَاتَ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ لَتَوَقَّعَ زِيَادَةً فَتَلِفَ الْمَالُ فَلَا ضَمَانَ.
قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَوْ أَجَّرَ بَيَاضَ أَرْضِ بُسْتَانِهِ بِأُجْرَةٍ وَافِيَةٍ بِمِقْدَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرَةِ ثُمَّ سَاقَ عَلَى شَجَرِهِ عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِلْيَتِيمِ، وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إقْرَاضُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ إرَادَةِ سَفَرٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ.
أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ.
وَلَا يُقْرِضُهُ إلَّا لِمَلِيءٍ أَمِينٍ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ رَهْنًا إنْ رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ: مِنْ صُفْرٍ) اسْمٌ لِلنُّحَاسِ
(قَوْلُهُ: وَمَا عَدَاهُمَا) أَيْ آنِيَةَ الْقِنْيَةِ وَالْعَقَارَ
(قَوْلُهُ: إلَّا لِغِبْطَةٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: مِمَّا بَحَثَهُ فِي التَّوْشِيحِ) لِابْنِ السُّبْكِيّ صَاحِبِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ
(قَوْلُهُ: فَيَقَعُ) أَيْ الشِّرَاءُ
(قَوْلُهُ: حَتَّى خَرِبَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرَبْ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ الَّتِي فَوَّتَهَا بِعَدَمِ الْإِيجَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَخْرَبْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ
(قَوْلُهُ: فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) خِلَافًا لحج
(قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ التَّلْقِيحِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ الْعِمَارَةِ وَالْإِجَارَةِ
(قَوْلُهُ: وَالتَّرْكُ فِيهَا) أَيْ مَسْأَلَةِ التَّلْقِيحِ
(قَوْلُهُ: يُفَوِّتُ الْأَجْوَدِيَّةَ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ فَاتَتْ الْأَجْوَدِيَّةُ كَمَا ذَكَرَهُ، أَمَّا لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَسَادُهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّلْقِيحِ اُتُّجِهَ الضَّمَانُ، ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إيجَارَ دُورِهِ مُدَّةً تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ مَعَ تَيَسُّرِ مَنْ يَسْتَأْجِرُ عَدَمَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ حَاصِلًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم الضَّمَانُ
(قَوْلُهُ: وَقَبْضُ الْمَالِ) أَيْ عَيْنًا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَوْ دَيْنًا وَأَذِنَ الْوَلِيُّ فِي قَبْضِهِ
(قَوْلُهُ: الْفِرْصَادِ) أَيْ التُّوتِ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُجْنَى وَيُنْتَفَعُ بِهِ
(قَوْلُهُ: لِتَوَقُّعِ زِيَادَةٍ) أَيْ تَوَقُّعًا قَرِيبًا
(قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ) أَيْ وَقْتُ طُلُوعِهَا وَبَيْعِهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْرِضُهُ) أَيْ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ الْجَزْمُ بِوُجُوبِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَضَابِطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ) أَيْ السَّابِقَةِ فِي تَفْسِيرِ الْغِبْطَةِ الظَّاهِرَةِ، فِي الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إلَخْ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ فِي كَلَامِ الْعَبَّادِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ. (قَوْلُهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ) تَقَدَّمَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي فَصْلِ الْقَرْضِ، لَكِنَّهُ اسْتَوْجَهَ فِي بَابِ الرَّهْنِ الْوُجُوبَ مُطْلَقًا، وَأَوَّلَ عِبَارَةَ الشَّيْخَيْنِ الْمُوَافِقَة لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا