كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا (فَإِجَارَةٌ تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ لِصِدْقِ حَدِّ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ.
أَمَّا لَوْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فَهِيَ إعَارَةٌ تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا، فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً فَإِعَارَةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَإِلَّا فَمُطْلَقَةٌ (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ) كَرُبُعِهَا (فَهِبَةٌ لِبَعْضِهَا) الْبَاقِي (لِصَاحِبِ الْيَدِ) عَلَيْهَا (فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْهِبَةِ الْمُقَرَّرَةِ فِي بَابِهَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ وَغَيْرِهِ لِصِدْقِ حَدِّهَا، فَتَصِحُّ فِي الْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَشَبَهِهِمَا (وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) لَهُ لِعَدَمِ الثَّمَنِ (وَالْأَصَحُّ) (صِحَّتُهُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ) كَصَالَحْتُكَ عَنْ الدَّارِ عَلَى رُبُعِهَا؛ لِأَنَّ الْخَاصِّيَّةَ الَّتِي يَفْتَقِرُ إلَيْهَا لَفْظُ الصُّلْحِ هِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَتَضَمَّنُ الْمُعَاوَضَةَ وَلَا عِوَضَ هُنَا لِلْمَتْرُوكِ.
وَمُحَالٌ أَنْ يُقَابِلَ الْإِنْسَانُ مِلْكَهُ بِمُلْكِهِ، وَحَمْلُهُ الْأَوَّلَ عَلَى الْهِبَةِ تَنْزِيلًا لِهَذَا اللَّفْظِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ وَيُسَمَّى هَذَا صُلْحَ الْحَطِيطَةِ (وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك) مَثَلًا (بِكَذَا) فَأَجَابَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) لِاسْتِدْعَاءِ لَفْظِ الصُّلْحِ سَبْقَ الْخُصُومَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَمْ لَا.
وَالثَّانِي يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ.
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، فَإِنْ اسْتَعْمَلَاهُ وَنَوَيَا الْبَيْعَ كَانَ كِنَايَةً مِنْ غَيْرِ شَكٍّ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ رَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَلَوْ) (صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ) يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ (عَلَى) غَيْرِهِ (عَيْنٍ) أَوْ دَيْنٍ وَلَوْ مَنْفَعَةً كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (صَحَّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ سَوَاءٌ أَعُقِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَمْ الصُّلْحِ أَمْ الْإِجَارَةِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ) كَأَنْ صَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا سَنَةً
(قَوْلُهُ: فَهِيَ إعَارَةٌ إلَخْ) وَمِنْهُ جَوَازُ الرُّجُوعِ فِيهَا مَتَى شَاءَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: فَهِبَةٌ لِبَعْضِهَا) كَأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُك عَلَى الْبَاقِي.
وَصُورَةُ الْبَيْعِ بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُك عَلَى الْبَاقِي اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ عُمَيْرَةُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ قَالَ وَهَبْتُك نِصْفَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي النِّصْفَ الْآخَرَ فَسَدَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْإِبْرَاءِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: لِصَاحِبِ الْيَدِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ صَالَحْتُك مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَلَى نِصْفِهَا لَا يَكُونُ هِبَةً لِبَاقِيهَا، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَإِنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ رَضِيَ مِنْهَا بِبَعْضِهَا وَتَرَكَ بَاقِيَهَا، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَ صَالَحْتُكَ عَنْ الدَّارِ عَلَى رُبُعِهَا (قَوْلُهُ: وَشِبْهِهِمَا) كَالرُّقْبَى وَالْعُمْرَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ) أَيْ فِيمَا إذَا جَرَى عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ
(قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ الْأَوَّلُ عَلَى الْهِبَةِ) أَيْ فَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهَا مِنْ تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ فَيَجُوزُ لِلْمُصَالِحِ الرُّجُوعُ عَنْ الصُّلْحِ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ الْمُصَالَحُ عَنْهَا بِيَدِ الْمُقِرِّ اُعْتُبِرَ إذْنُ الْمُصَالَحِ لَهُ فِي الْقَبْضِ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ
(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى هَذَا صُلْحَ الْحَطِيطَةِ إلَخْ) أَيْ: الصُّلْحُ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى بَعْضِهِ
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ غَيْرِ الْمُصَالِحِ كَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالِحْنِي عَنْ الدَّارِ الَّتِي بِيَدِك لِفُلَانٍ بِكَذَا لِنَفْسِي فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى مَا يَأْتِي اكْتِفَاءً بِالْمُخَاصَمَةِ السَّابِقَةِ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ
(قَوْلُهُ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك) وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ بِلَا خُصُومَةٍ أَبْرِئْنِي مِنْ دَيْنِك عَلَيَّ بِأَنْ قَالَهُ اسْتِيجَابًا لِطَلَبِ الْبَرَاءَةِ فَأَبْرَأهُ جَازَ عُبَابٌ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَمْ لَا) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ مِنْ وُقُوعِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ غَيْرِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فَلَا تَكْفِي الْمُنَاكَرَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَمَتَى سَبَقَ بَيْنَهُمَا تَنَازُعٌ ثُمَّ جَرَى الصُّلْحُ بِلَفْظِهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْدَ خُصُومَةٍ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ قَوْلِهِ أَمْ لَا لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَنَوَيَا الْبَيْعَ) أَيْ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ الصُّلْحِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا الْآتِي فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَلِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك بِكَذَا
(قَوْلُهُ: كَانَ كِنَايَةً إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .