للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ جَمْعٌ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ اعْتِبَارُ قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَلَا يُغَيَّرُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَلَوْ زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ، وَيَجُوزُ إحْيَاءُ مَا حَوْلَهُ مِنْ الْمَوَاتِ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ (وَيَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِ الْجَنَاحِ) أَوْ نَحْوِهِ مِنْ سَابَاطٍ بِعِوَضٍ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامَ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ، وَإِنَّمَا يُتَّبَعُ الْقَرَارُ كَالْحَمْلِ مَعَ الْأُمِّ، وَلِأَنَّهُ إنْ ضَرَّ امْتَنَعَ فِعْلُهُ وَإِلَّا اسْتَحَقَّهُ مُخْرِجُهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ الْإِنْسَانُ فِي الطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ عَنْهُ كَالْمُرُورِ. .

(وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَبْنِيَ فِي الطَّرِيقِ دَكَّةً) بِفَتْحِ الدَّالِ: أَيْ مَسْطَبَةً أَوْ غَيْرَهَا (أَوْ يَغْرِسَ فِيهِ شَجَرَةً) وَإِنْ اتَّسَعَ وَأَذِنَ الْإِمَامُ وَانْتَفَى الضَّرَرُ لِمَنْعِهَا الطُّرُوقَ فِيهِ وَقَدْ تَزْدَحِمُ الْمَارَّةُ فِيهِ فَيَصْطَكُّونَ إلَيْهَا، وَلِأَنَّهُ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ أَشْبَهَ مَوْضِعُهُمَا الْأَمْلَاكَ وَانْقَطَعَ أَثَرُ اسْتِحْقَاقِ الطُّرُوقِ بِخِلَافِ الْأَجْنِحَةِ وَنَحْوِهَا، وَفَارَقَ حِلَّ الْغَرْسِ بِالْمَسْجِدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ؛ إذْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ أَكْلِ ثَمَرِهِ، فَإِنْ غُرِسَ لَيُصْرَفَ رِيعُهُ لِلْمَسْجِدِ فَالْمَصْلَحَةُ عَامَّةٌ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ مِثْلِ ذَلِكَ هُنَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَوَقُّعُ الضَّرَرِ فِي الشَّارِعِ أَكْثَرُ فَامْتَنَعَ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي جَوَازُ فَتْحِ الْبَابِ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ إذَا سَمَّرَهُ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِخَاصٍّ، وَالْخَاصُّ قَائِمٌ عَلَى مِلْكِهِ وَحَافِظٌ لَهُ، بِخِلَافِ الشَّارِعِ فَانْقِطَاعُ الْحَقِّ فِيهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وُجُوبًا

(قَوْلُهُ: وَلَا يُغَيَّرُ) أَيْ الطَّرِيقُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ: اعْتِبَارُ قَدْرِ الْحَاجَةِ.

وَالْمُرَادُ أَنَّ قَدْرَ الْحَاجَةِ إذَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ لَا يُغَيَّرُ.

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْنِيَ) يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ عَطْفٌ عَلَى الصُّلْحِ لَا عَلَى مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ عُمَيْرَةُ

(قَوْلُهُ: دَكَّةً) وَمِنْ ذَلِكَ الْمَسَاطِبُ الَّتِي تُفْعَلُ فِي اتِّجَاهِ الصَّهَارِيخِ فِي شَوَارِعِ مِصْرِنَا فَتَنَبَّهْ لَهُ.

قَالَ حَجّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِثْلُهَا مَا يُجْعَلُ بِالْجِدَارِ الْمُسَمَّى بِالْكَبْشِ إلَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ لِخَلَلِ بِنَائِهِ وَلَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ اهـ.

أَقُولُ: هَذَا يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا يُسَمَّى الْآنَ دِعَامَةً وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْجِدَارِ مِنْ أَسْفَلِهِ مَثَلًا، وَحَمْلُهُ عَلَى الْكَبْشِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ بَعِيدٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادًا لَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ بِالدَّكَّةِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِوُجُودِ إخْرَاجِهِ وُجُودُ خَلَلٍ بِبِنَاءِ الْمَخْرَجِ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجَنَاحِ.

قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمِيزَابَ يَلْحَقُ بِالْبَابِ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَنْتَفِعُ بِالْقَرَارِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يَغْرِسَ فِيهِ شَجَرَةً) ع بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْعَ الذِّمِّيِّ مِنْ الْغَرْسِ فِي الشَّارِعِ قَطْعًا وَلَا يُجْرِي فِيهِ خِلَافَ الْمُسْلِمِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: فَيَصْطَكُّونَ) أَيْ يَلْتَجِئُونَ إلَيْهَا

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ حُرْمَةِ بِنَاءِ الدَّكَّةِ وَالْغَرْسِ فِي الطَّرِيقِ، وَظَاهِرُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَالْغَرْسِ فِي الْمَسْجِدِ امْتِنَاعُ الدَّكَّةِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ قُصِدَ بِهَا عُمُومُ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بِأَنْ يَقْصِدُوا بِهِ ابْتِدَاءً أَوْ يُطْلَقُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ بِالْغَرْسِ كَانَ مُتَعَدِّيًا فَيُقْلَعُ مَجَّانًا وَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ الْغَرْسِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ كَمَا لَوْ وَضَعَ فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ وَضْعُهُ فِيهِ، وَكَالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ فِي تَوَابِعِهِ كَفَسْقِيَّتِه وَحَرِيمِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ مَا ذَكَرَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَأَنْ وَجَدْنَا شَجَرًا فِيهِ وَلَمْ نَعْرِفْ مَا قَصَدَهُ بِهِ وَاضِعُهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَيَنْتَفِعُونَ بِثَمَرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ مِنْ ثِمَارِهِ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ أَكْلِ النَّاسِ تَكُونُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ

(قَوْلُهُ: فَالْمَصْلَحَةُ عَامَّةٌ) أَيْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَامًّا أَوْ لِبَعْضِهِمْ إنْ كَانَ خَاصًّا بِطَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ: جَوَازُ مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ غَرْسِهَا لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ

(قَوْلُهُ: فَامْتَنَعَ) أَيْ الْغَرْسُ فِي الشَّارِعِ

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ اتَّسَعَ أَوَّلًا وَظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ وَإِنْ حَصَلَ بِفِعْلِ ذَلِكَ انْتِفَاعٌ لِلْمَارَّةِ كَاسْتِظْلَالِهِمْ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشَّارِعِ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ جَوَازُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهُوَ أَنَّ إنْسَانًا اسْتَأْجَرَ جُمْلَةً مِنْ الدَّكَاكِينِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِجِوَارِ الشَّارِعِ ثُمَّ هَدَمَهَا وَأَعَادَ بِنَاءَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ وَتَرَكَ قِطْعَةً مِنْ الْأَرْضِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>