عِنْدَ طُولِ الْمُدَّةِ أَقْرَبُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحَهُ: مَنْعُ أَحْدَاثِ الدَّكَّةِ وَإِنْ كَانَ بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ جَوَازَهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَقَالَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَرِيمِ مِلْكِهِ وَلِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ فَقَدْ رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَيُؤَدَّى إلَى تَمَلُّكِ الطُّرُقِ الْمُبَاحَةِ، وَبِأَنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ صَرَّحَ بِمَنْعِ بِنَاءِ الدَّكَّةِ عَلَى بَابِ الدَّارِ وَبِأَنَّ الْبُقْعَةَ الْمُنْحَرِفَةَ عَنْ سُنَنِ الطَّرِيقِ قَدْ تَفْزَعُ إلَيْهَا الْمَارَّةُ فَتَضِيقُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي نَحْوِ الدَّكَّةِ نَقْلُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ فِي الْجِنَايَاتِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ لِلْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي إقْطَاعِ الشَّوَارِعِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُقْطَعِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ وَيَتَمَلَّكَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ اعْتِمَادِهِ، وَإِلَّا فَكَلَامُهُمَا هُنَا مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا زَادَ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِلطُّرُوقِ بِحَيْثُ لَا يَتَوَقَّعُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَلَوْ عَلَى النُّدُورِ فَحِينَئِذٍ لِلْإِمَامِ الْإِقْطَاعُ وَلِلْمُقْطَعِ بِنَاءُ مَا أَرَادَ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضُرَّ) ذَلِكَ الْمَارَّ (جَازَ) كَإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ. .
(وَ) الطَّرِيقُ (غَيْرُ النَّافِذِ يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ) إلَيْهِ بِجَنَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ (لِغَيْرِ أَهْلِهِ) بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ فَأَشْبَهَ الْإِشْرَاعَ إلَى الدُّورِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ (لِبَعْضِ أَهْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ تَضَرَّرُوا بِذَلِكَ أَمْ لَا (إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ) فَيَجُوزُ وَإِنْ أَضَرَّ وَأَجْمَلَ أَهْلُهُ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إلَّا مَنْ بَابُهُ بَعْدَهُ أَوْ مُقَابِلُهُ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالثَّانِي يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ إنْ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِيَتَّسِعَ بِهَا الشَّارِعُ فَهَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ مَقْصِدَ الْوَاقِفِ بِوَقْفِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ طُولِ الْمُدَّةِ يَظُنُّ كَوْنُهُ مِنْ الشَّارِعِ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ أَرْبَابَ الْوَقْفِ كَالْمَالِكِينَ لِلدَّرْبِ فَهُمْ قَائِمُونَ عَلَى حُقُوقِهِمْ وَيَتَمَكَّنُونَ مِنْ إعَادَتِهِ كَمَا كَانَ بِتَقْدِيرِ تَغْيِيرِهِمْ لِهَيْئَةِ الْبِنَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: مَنْعُ إحْدَاثِ الدَّكَّةِ) أَيْ أَمَّا لَوْ وُجِدَ لِبَعْضِ الدُّورِ مَسَاطِبُ مَبْنِيَّةٌ بِفِنَائِهَا أَوْ سُلَّمٌ بِالشَّارِعِ يُصْعَدُ مِنْهُ إلَيْهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ حَدَثَ السُّلَّمُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّارِعِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُغَيَّرُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُضِعَ فِي الْأَصْلِ بِحَقٍّ وَأَنَّ الشَّارِعَ حَدَثَ بَعْدَهُ، وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهُ بِأَنْ تَرَكَ الصُّعُودَ مِنْ السُّلَّمِ وَهَدَمَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ جَعَلَ الدَّكَّةَ لِلصَّلَاةِ مَثَلًا وَلَا ضَرَرَ فِيهَا بِوَجْهٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ الْجَوَازَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ
(قَوْلُهُ: وَيَتَمَلَّكُهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِمَامَ أَقْطَعَهُ لِلتَّمَلُّكِ لَا لِلْإِرْفَاقِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَجُوزُ لِوُكَلَاءِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الشَّوَارِعِ وَإِنْ اتَّسَعَتْ وَفَضَلَتْ عَنْ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ أَصْلُهُ وَقْفٌ أَوْ مَوَاتٌ أُحْيِيَ، فَلْيُحْذَرْ ذَلِكَ وَإِنْ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَلَامُهُمَا هُنَا مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ) أَيْ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مُطْلَقًا اتَّسَعَ أَوْ لَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِمَادُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مَحْمُولًا عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ إنَّ سُلِّمَ أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَهُوَ يُشْعِرُ بِتَمْوِيهٍ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) مِنْ قَوْلِهِ لِمَنْعِهَا الطُّرُوقَ إلَخْ. .
(قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ) أَيْ فَلَوْ وُجِدَ فِي دَرْبٍ مُنْسَدٍّ أَجْنِحَةٌ أَوْ نَحْوُهَا قَدِيمَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْفِيَّةَ وَضْعِهَا حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ فَلَا يَجُوزُ هَدْمُهَا وَلَا التَّعَرُّضُ لِأَهْلِهَا، وَلَوْ انْهَدَمَتْ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ لِانْتِهَاءِ الْحَقِّ الْأَوَّلِ بِانْهِدَامِهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ إعَادَتَهَا بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ لَا بِآلَتِهَا الْقَدِيمَةِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ أُذِنَ لَهُ فِي غَرْسِ شَجَرَةٍ فِي مِلْكِهِ فَانْقَلَعَتْ فَإِنَّ لَهُ إعَادَتَهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَلَيْسَ لَهُ غَرْسُ بَدَلِهَا، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ لِلْإِعَادَةِ وَلَوْ بِآلَتِهِ الْقَدِيمَةِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقَاءِ الشَّجَرَةِ حَيَّةً؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا حَيَّةً تَسْتَدْعِي إعَادَتَهَا كَمُفَارَقَةِ مَقَاعِدِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ