للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ الِانْتِفَاعُ بِقَرَارِهِ فَيَجُوزُ بِهَوَائِهِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِهِ بِمَالٍ لِمَا مَرَّ وَيُعْتَبَرُ إذْنٌ لِمُكْتَرِي إنْ تَضَرَّرَ بِهِ، وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ، وَيُقَاسُ بِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ وَصَّى بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِذَلِكَ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى قَلْعِهِ مَجَّانًا لِوَضْعِهِ بِحَقٍّ، وَلَا إلَى قَلْعِهِ مَعَ غُرْمِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ، وَهُوَ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ، وَلَا إلَى بَقَائِهِ بِأُجْرَةٍ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا مَرَّ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِخْرَاجَ لَوْ كَانَ فِيمَا لَا حَقَّ لِلْمُخْرِجِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ بَابِ دَارِهِ وَصَدْرِ السِّكَّةِ كَانَ لِمَنْ رَضِيَ الرُّجُوعَ لِيَقْلَعَ وَيَغْرَمَ أَرْشَ النَّقْصِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحَقِّينَ كَانَ أَوْلَى لِيَعُودَ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْأُولَى أَيْضًا وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُشْرِعُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اعْتِبَارُ إذْنِ مَنْ بَابُهُ أَقْرَبُ إلَى رَأْسِ السِّكَّةِ لِمَنْ بَابُهُ أَبْعَدُ مَعَ أَنَّهُ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ بِنَاءً عَلَى اسْتِحْقَاقِ كُلٍّ إلَى بَابِهِ لَا إلَى آخِرِ الدَّرْبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي (وَأَهْلُهُ) أَيْ الدَّرْبِ غَيْرِ النَّافِذِ (مَنْ نَفَذَ بَابُ دَارِهِ إلَيْهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ: وَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ الْمُرُورُ فِيهِ إلَى مِلْكِهِ مِنْ دَارٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ فُرْنٍ أَوْ حَانُوتٍ (لَا مَنْ لَاصَقَهُ جِدَارُهُ) مِنْ غَيْرِ نُفُوذِ بَابٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلِانْتِفَاعِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ دُخُولُ بَعْضِهِمْ عَلَى إذْنِ الْبَاقِينَ بَلْ وَلَا يُؤْثِرُ لِمَنْعِهِمْ بِخِلَافِهِ فِي الْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ عَلَى الْإِذْنِ هُنَا يُؤَدِّي لِتَعْطِيلِ الْأَمْلَاكِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ قَالَهُ الْقَاضِي، بَلْ لِغَيْرِهِمْ الدُّخُولُ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَلَالِ الْمُسْتَفَادِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازُ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَكَذَا الشُّرْبُ مِنْ نَهْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَرَعُ خِلَافَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ جَوَازِ الْمُرُورِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الْعَبَّادِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَصِرْ بِهِ طَرِيقًا لِلنَّاسِ وَغَيْرَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

السُّوقِ لَا لِلْإِعْرَاضِ وَلَا مُطْلَقًا وَلَا كَذَلِكَ الْأَجْنِحَةُ فَامْتَنَعَتْ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَنَحْوِهِ) كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ

(قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ) أَيْ بَعْدَ الْوَضْعِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) وَيَظْهَرُ فِي غَيْرِ الشَّرِيكِ أَنَّ لَهُمْ الرُّجُوعَ، وَعَلَيْهِمْ أَرْشُ النَّقْصِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ اهـ حَجّ.

وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ إذَا رَجَعُوا فَلَهُمْ تَكْلِيفُ وَاضِعِ الْجَنَاحِ بِإِزَالَةِ مَا هُوَ مِنْ الْجَنَاحِ بِهَوَاءِ الشَّارِعِ لَا مَا بَنَى مِنْهُ عَلَى جِدَارِ الْمَالِكِ، فَلَا يُقَالُ: فِي تَكْلِيفِهِمْ الْبَانِيَ بِرَفْعِ الْجَنَاحِ إزَالَةٌ لِمِلْكِهِ وَهُوَ مَا بَنَى عَلَى الْجِدَارِ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ الْجِدَارُ نَفْسُهُ

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قَلْعُهُ مَعَ غُرْمِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ إلَخْ

(قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحَقِّينَ) أَيْ وَهُمْ مَنْ بَابُهُ أَبْعَدُ مِنْ الْمُشْرَعِ لَا جَمِيعُ أَهْلِ الدَّرْبِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ نَفَذَ بَابُ دَارِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ دُخُولُ بَعْضِهِمْ) أَيْ لِمَا يَعْرِضُ لَهُ كَاسْتِعَارَةِ شَيْءٍ مِنْ الْبَاقِينَ أَوْ دُخُولِهِ لِمَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَهَذَا أَوْفَقُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ لِتَعَطُّلِ الْأَمْلَاكِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) أَيْ بَلْ، وَإِنْ مَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: جَوَازُ الدُّخُولِ) أَيْ لِحَاجَةٍ وَمِنْهَا الْبَيْعُ لَهُمْ وَالشِّرَاءُ مِنْهُمْ

(قَوْلُهُ: مِنْ نَهْرِهِ) أَيْ الْمُخْتَصِّ بِهِمْ

(قَوْلُهُ: بِمِلْكِ الْغَيْرِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى الْمُرُورِ مِنْهُ كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَى مَزْرَعَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِصَاحِبِ الْمِلْكِ، وَمِثْلُ الْمِلْكِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِزِرَاعَتِهِ مِنْ الْأَرْضِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهَا الْخَرَاجُ، فَلَوْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْمُرُورِ فِي مَحَلٍّ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ عَلَى مُسْتَحِقِّ مَنْفَعَتِهَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِطَرِيقٍ مُسَوِّغٍ لَهُ كَالِاسْتِئْجَارِ مِمَّنْ لَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: يَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِهِ بِمَالٍ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ. (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الرُّجُوعُ) أَيْ بَعْدَ الْإِشْرَاعِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يُبَدِّلَ لَفْظَ قَوْلِهِ بِلَفْظِ كَلَامِهِ، أَوْ يَذْكُرَ الْمَقُولَ بِأَنْ يَقُولَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَهَلْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي كُلِّهَا لِكُلِّهِمْ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>