بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ، وَيُمْكِنُ رَدُّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَيُكْرَهُ إكْثَارُهُ هُنَا وَفِي أَرْضٍ اُسْتُحِقَّ الْمُرُورُ فِيهَا بِلَا حَاجَةٍ.
قَالَ الْقَاضِي: وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ الْجُلُوسُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ.
قَالَ غَيْرُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْذَنُوا فِيهِ بِأُجْرَةٍ كَمَا لَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهُ مَعَ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ هُوَ تَابِعٌ لِمِلْكِهِمْ وَلَيْسَ مِلْكَهُمْ ضَعِيفٌ.
اهـ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا امْتَنَعَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا لِأَمْلَاكِهِمْ بِعَدَمِ مَمَرٍّ لَهَا، وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لَهَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَالْإِجَارَةُ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ فَفِي الْمَنْعِ مِنْهَا نَظَرٌ أَيُّ نَظَرٍ، عَلَى أَنَّ فِي تَوَقُّفِ مُطْلَقِ الْجُلُوسِ عَلَى إذْنِهِمْ نَظَرًا أَيْضًا، فَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى جُلُوسٍ لَا يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً، وَأَنَّ مَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِأُجْرَةٍ (وَهَلْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي كُلِّهَا) أَيْ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا سَهْوٌ هُوَ السَّهْوُ (لِكُلِّهِمْ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَالْكُلُّ هُنَا الْكُلُّ الْإِفْرَادِيُّ لَا الْمَجْمُوعِيُّ؛ إذْ لَا نِزَاعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا احْتَاجُوا إلَى التَّرَدُّدِ وَالِارْتِفَاقِ بِكُلِّهِ لِطَرْحِ الْقُمَامَاتِ عِنْدَ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ (أَمْ تَخْتَصُّ شَرِكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (بِمَا بَيْنَ رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابِ دَارِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ مَحَلُّ تَرَدُّدِهِ وَمُرُورِهِ، وَمَا عَدَاهُ هُوَ فِيهِ كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْ السِّكَّةِ، وَلِأَهْلِ الدَّرْبِ الْمَذْكُورِ قِسْمَةُ صِحَّتِهِ كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ، وَلَوْ أَرَادَ الْأَسْفَلُونَ لَا الْأَعْلَوْنَ سَدَّ مَا يَلِيهِمْ أَوْ قِسْمَتَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي مِلْكِهِمْ بِخِلَافِ الْأَعْلَيْنَ، وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى سَدِّ رَأْسِ السِّكَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ، وَلَمْ يَفْتَحْهُ بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ.
نَعَمْ إنْ سُدَّ بِآلَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَلَهُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ سَدِّهِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ السَّدُّ. .
وَلَوْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ دَارِهِ مَسْجِدًا أَوْ وُجِدَ ثُمَّ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ شَارَكَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُرُورِ إلَيْهِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ السَّدِّ وَالْقِسْمَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ عِنْدَ الضَّرَرِ وَإِنْ رَضِيَ أَهْلُ السِّكَّةِ، وَيَجُوزُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَايَةُ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: مُرَادُ غَيْرِ الْعَبَّادِيِّ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ أَنْ لَا يَصِيرَ بِهِ طَرِيقًا، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ بِهِ عَمَّا لَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ أَصْلًا كَالْبُيُوتِ النَّافِذَةِ حَيْثُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالدُّخُولِ مِنْ أَحَدِ بَابَيْهَا وَالْخُرُوجِ مِنْ الْآخَرِ فَيَمْتَنِعُ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ بِهِ طَرِيقًا
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إكْثَارُهُ) أَيْ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي لِإِضْرَارِ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: بِلَا حَاجَةٍ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ أَصْلِ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْجَوَازِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ سِيَّمَا إذَا تُوُهِّمَتْ رِيبَةٌ فِي دُخُولِهِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إلَخْ) ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ) أَيْ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لَهَا) أَيْ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا وَنَفَى مَمَرَّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لِلْبَيْتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا لَا مَمَرَّ لَهَا أَصْلًا أَوْ لَهَا وَنَفَاهُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ
(قَوْلُهُ: فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا) أَيْ التَّأْنِيثَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ الْأَسْفَلُونَ) أَيْ عَنْ رَأْسِ الدَّرْبِ
(قَوْلُهُ: سَدَّ مَا يَلِيهِمْ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَهُمْ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِإِحْدَاثِ مَمَرٍّ مَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ عَلَى بَعْضِهِمْ امْتَنَعَ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارِهِ وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لَهُ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ كِلَا الِاسْتِطْرَاقِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِإِحْدَاثِ مَمَرٍّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَ ثَمَّ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ) أَيْ عَلَى الْإِحْيَاءِ يَقِينًا اهـ حَجّ.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ كَالْحَادِثِ الَّذِي لَمْ يَرْضَ أَهْلُهُ إحْدَاثَهُ فَيُتَوَقَّفُ بِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ فِيهِ عَلَى رِضَا أَهْلِ الدَّرْبِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي وَضْعِ الْيَدِ الْمِلْكُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اشْتَرَاكَ أَهْلِ الدَّرْبِ فِيهِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِرِضَا الْجَمِيعِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ) أَيْ: لَا كَنَحْوِ الْمُرُورِ فِي نَحْوِ دَارِهِ إنْ كَانَ لَهَا بَابَانِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذَا إلَى مَا قَبْلَهُ كَعَكْسِهِ خِلَافًا لِمَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ) أَيْ: أَهْلِ الدَّرْبِ.