للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشْرَاعٌ لَا يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُهَا.

أَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ حَادِثًا فَإِنْ رَضِيَ بِهِ أَهْلُهَا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ إبْطَالُ حَقِّ الْبَقِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَالْمَسْجِدِ فِيمَا ذَكَرَ مَا سُبُلَ أَوْ وُقِفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَبِئْرٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ أَتَى فِي الْمُحَرَّرِ بِجَمِيعِ الضَّمَائِرِ مُؤَنَّثَةً لِتَعْبِيرِهِ أَوَّلًا بِالسِّكَّةِ، وَلَمَّا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِ النَّافِذِ عَدَلَ إلَى تَذْكِيرِهَا إلَّا قَوْلَهُ فِي كُلِّهَا. .

(وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فَتْحُ بَابٍ إلَيْهِ لِلِاسْتِطْرَاقِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُهَا) هُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ قَدِيمًا، وَيُشْكِلُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ حِينَئِذٍ، وَالْحَادِثُ لَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ فِيهِ بِدُونِ رِضَا أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ ابْنَ الرِّفْعَةِ أَيْضًا فِي حَادِثٍ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ: أَيْ يَقِينًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ بَقَاءِ حَقِّهِمْ: أَيْ فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ إبْطَالُ حَقِّ الْبَقِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ مَعْنًى، وَمِنْ ثَمَّ تَبِعَهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ تَسْوِيَتَهُمَا بَيْنَ الْعَتِيقِ وَالْجَدِيدِ تُخَالِفُ ذَلِكَ اهـ.

فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي الْحَادِثِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الرِّفْعَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا تَبِعَ فِيهِ إطْلَاقَهُمْ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ.

هَذَا وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ مَسْجِدًا فَرْضُهُ فِي جَوَازِ الْمُرُورِ إلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الْحَادِثُ خَصَّهُ بِالْإِشْرَاعِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْمُرُورِ وَالْإِشْرَاعِ بِأَنَّ ضَرَرَ الْإِشْرَاعِ أَكْثَرُ، وَفِيهِ تَمَيُّزٌ عَلَى بَقِيَّةِ أَهْلِ الدَّرْبِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُرُورُ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَادِثَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرُورِ يُصَيِّرُهُ كَالشَّارِعِ وَبِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْدَاثِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ حَادِثًا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي وَقْفِ دَارِهِ مَسْجِدًا فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ إحْدَاثِهِ أَنَّهُ يُوقَفُ فَتَكُونُ هَذِهِ عَيْنَ تِلْكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْإِحْدَاثِ هُنَا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ قِطْعَةٌ مَوَاتٌ فَيُحْيِيَهَا بَعْضُهُمْ مَسْجِدًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى وَقْفٍ بَلْ تَصِيرُ مَسْجِدًا بِإِحْيَائِهِ بِقَصْدِ الْمَسْجِدِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ إحْدَاثِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَهْلُهَا) أَيْ: أَهْلُ السِّكَّةِ

(قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ فَلِأَهْلِهِ الْإِشْرَاعُ الَّذِي لَا يَضُرُّ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السُّفْلُ لِإِنْسَانٍ، وَالْعُلُوُّ لِآخَرَ فَوَقَفَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَرْضَهُ مَسْجِدًا فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ كُلِّفَ نَقْضَ عُلُوِّهِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِجَعْلِ الْهَوَاءِ مُحْتَرَمًا بِإِذْنِهِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فِي جَعْلِهِ مَسْجِدًا، وَهُوَ يُمْنَعُ مِنْ إشْرَاعِ جَنَاحٍ فِي هَوَائِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ إدَامَةِ السَّقْفِ الْمَمْلُوكِ فِي هَوَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ جَازَ لَهُ إبْقَاءُ بِنَائِهِ، وَلَا يُكَلَّفُ نَقْضَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي إسْقَاطَ حَقِّهِ

(قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) وَعَلَيْهِ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَثَلًا قَدِيمًا: أَيْ بِأَنْ عُلِمَ بِنَاؤُهُ قَبْلَ إحْيَاءِ السِّكَّةِ الْمَوْجُودَةِ اُشْتُرِطَ لِجَوَازِ الْإِشْرَاعِ أَمْرٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ عَدَمُ ضَرَرِ الْمَارَّةِ أَوْ حَادِثًا اُشْتُرِطَ أَمْرَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ وَرِضَا أَهْلِ السِّكَّةِ م ر.

أَقُولُ: فَلَهُ حُكْمُ الْمِلْكِ وَحُكْمُ الشَّارِعِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الدَّكَّةِ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فَتْحُ بَابٍ إلَيْهِ إلَخْ) وَمِنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ جَمَاعَةٍ بَيْنَهُمْ عَقَارٌ مُشْتَرَكٌ فَاقْتَسَمُوهُ، فَخَصَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ قِطْعَةُ أَرْضٍ لَا مَمَرَّ لَهَا؛ لِأَنَّ بَاقِيَ الْعَقَارِ بِمَمَرِّهِ الْأَصْلِيِّ آلَ لِشُرَكَائِهِ، فَلَيْسَ لَهُ فَتْحُ بَابٍ مِنْ الدَّرْبِ الَّذِي فِيهِ الْعَقَارُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ أَوْ بِئْرٌ أَوْ نَحْوُهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ مِنْ أَصْلِهَا حَيْثُ أَمْكَنَ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شَارِعٍ نَافِذٍ أَوْ مِلْكٍ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَأَنْ أَمْكَنَهُ شِرَاءُ مَحَلٍّ يَجْعَلُهُ مَمَرًّا وَإِلَّا فَلَا، كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لَهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ مَمَرًّا فِي الدَّرْبِ الَّذِي كَانَ يَمُرُّ مِنْهُ بِسَبَبِ خُرُوجِهِ مِنْ الْبَابِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ إحْدَاثَهُ فِيهِ يَجْعَلُ لِهَذِهِ الدَّارِ الْمُرُورَ مِنْ بَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْأَصْلِيُّ الَّذِي صَارَ حَقًّا لِشَرِيكِهِ، وَالثَّانِي الَّذِي أَرَادَ إحْدَاثَهُ لِيَمُرَّ مِنْهُ الْآنَ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَسْتَرْضِيَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ حَادِثًا) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ عِنْدَ الضَّرَرِ إلَخْ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>