إلَّا بِإِذْنِهِمْ لِتَضَرُّرِهِمْ، فَإِنْ أَذِنُوا جَازَ وَلَهُمْ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ كَالْعَارِيَّةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَغْرَمُونَ شَيْئًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِبِنَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ حَيْثُ لَا يَقْلَعُ مَجَّانًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ: وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَفَرَّقَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ هُنَا بَنَى فِي مِلْكِهِ، وَالْمَبْنِيُّ بَاقٍ بِحَالِهِ لَا يَزَالُ فَلَا غُرْمَ، بِخِلَافِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّ الْمُعِيرَ يَقْلَعُ فَيَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ، وَأَوْضَحَهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الرُّجُوعَ هُنَاكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ وَهُوَ خَسَارَةٌ فَلَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ مَجَّانًا، بِخِلَافِهِ هُنَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ خَسَارَةٌ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ لُزُومَ سَدِّ الْبَابِ، وَخَسَارَةُ فَتْحِهِ إنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِذْنِ لَا عَلَى الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ فَتْحَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ الِاسْتِطْرَاقُ (وَلَهُ فَتْحُهُ إذَا) لَمْ يَسْتَطْرِقْ مِنْهُ سَوَاءٌ (سَمَّرَهُ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ ثَقَبَهُ بِالْمِسْمَارِ وَالتَّخْفِيفُ لُغَةٌ قَالَهُ الْمُطَرِّزِيُّ أَمْ لَا كَمَا فِي الْبَيَانِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ لَهُ رَفْعَ جَمِيعِ جِدَارِهِ فَبَعْضُهُ أَوْلَى.
وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ فَتْحَهُ يُشْعِرُ بِثُبُوتِ حَقِّ الِاسْتِطْرَاقِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ، وَمَا صَحَّحَهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: إنَّ الْأَفْقَهَ الْمَنْعُ، فَقَدْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ.
نَعَمْ لَوْ رَكَّبَ عَلَى الْمَفْتُوحِ لِلِاسْتِضَاءَةِ شُبَّاكًا أَوْ نَحْوَهُ جَازَ جَزْمًا كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ جَمْعٍ (وَمَنْ لَهُ فِيهِ بَابٌ) أَوْ مِيزَابٌ (فَفَتَحَ آخَرَ أَبْعَدَ مِنْ رَأْسِ الدَّرْبِ) مِنْ بَابِهِ الْأَصْلِيِّ (فَلِشُرَكَائِهِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ (مَنْعُهُ) إذَا كَانَ بَابُهُ أَبْعَدَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ أَسَدَّ الْأَوَّلَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَنْ بَابُهُ بَيْنَ الْمَفْتُوحِ وَرَأْسِ الدَّرْبِ أَوْ مُقَابِلٌ لِلْمَفْتُوحِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ هُوَ مُقَابِلُ الْبَابِ الْأَوَّلِ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَابُ الْجَدِيدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَكَانَ الْمَنْعُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى رَأْسِهِ وَلَمْ يَسُدَّ) الْبَابَ (الْقَدِيمَ) أَيْ وَلَمْ يَتْرُكْ التَّطَرُّقَ مِنْهُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ لِشُرَكَائِهِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ انْضِمَامَ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ يُوجِبُ زَحْمَةً وَوُقُوفَ الدَّوَابِّ فِي الدَّرْبِ فَيَتَضَرَّرُونَ بِهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَضَعَّفَ التَّوْجِيهَ بِالزَّحْمَةِ بِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ لَهُ جَعْلَ دَارِهِ حَمَّامًا أَوْ حَانُوتًا مَعَ أَنَّ الزَّحْمَةَ وَوُقُوفَ الدَّوَابِّ فِي السِّكَّةِ وَطَرْحَ الْأَثْقَالِ تَكْثُرُ أَضْعَافُ مَا كَانَ قَدْ يَقَعُ نَادِرًا فِي فَتْحِ بَابٍ آخَرَ لِلدَّارِ اهـ.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَوْضِعَ فَتْحِ الْبَابِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْتِحْقَاقٌ بِخِلَافِ جَعْلِ دَارِهِ مَا ذَكَرَ (وَإِنْ سَدَّهُ) أَيْ الْقَدِيمَ (فَلَا مَنْعَ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ دَارُهُ آخِرَ الدَّرْبِ تَقْدِيمُ بَابِهِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ وَجَعْلُ مَا بَيْنَ الدَّارِ وَآخِرِ الدَّرْبِ دِهْلِيزًا.
قَالَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الدَّرْبِ الَّذِي كَانَ يَمُرُّ مِنْهُ أَوَّلًا وَلَوْ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فَتَنَبَّهْ لَهُ
(قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِمْ) أَيْ الْجَمِيعِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ
(قَوْلُهُ: وَلَهُمْ الرُّجُوعُ) أَيْ لِكُلِّهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْفَاتِحَ لَيْسَ شَرِيكًا وَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِمَنْعِهِمْ إذْ لَهُ إبْقَاءُ الْبَابِ مَفْتُوحًا وَإِنْ مُنِعَ مِنْ الْمُرُورِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ خَسَارَةٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَالتَّخْفِيفُ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مُقَابِلٌ لِلْمَفْتُوحِ
(قَوْلُهُ: الْبَابِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَدِيمِ
(قَوْلُهُ: وَضَعُفَ التَّوْجِيهُ) أَيْ انْتِصَارًا لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: فَلَا مَنْعَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى فَتْحِهِ ضَرَرٌ لِأَهْلِ الدَّرْبِ لِكَوْنِ الْمَحَلِّ الَّذِي فَتَحَهُ فِيهِ ضَيِّقًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّرَرُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَبْعُدْ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ) أَيْ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْقَدِيمِ بِمَا فَعَلَهُ، فَلَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ لِلِاسْتِطْرَاقِ مِنْ الْقَدِيمِ وَسَدَّ الْحَادِثِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى مَا ذَكَرَ لِآخَرَ قَامَ مَقَامَهُ فَلَهُ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْ الْقَدِيمِ مَعَ سَدِّ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، فَلَا تَغَيُّرَ؛ لِأَنَّ الْمَمَرَّ مُشْتَرَكٌ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ عَيْنٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: مِنْ بَابِهِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ: أَوْ مِيزَابِهِ الْأَصْلِيِّ