الِاسْتِطْرَاقُ وَإِجْرَاءُ الْمَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِالسِّكَّةِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ كَدَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ، إذْ الْبَيْعُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَوْقُوفِ وَحُقُوقِهِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ زَادَ الْأَوَّلُ: وَأَمَّا الْإِجَارَةُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَيُتَّجَهُ فِيهَا تَفْصِيلٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ اسْتِخْرَاجُهُ.
(وَيَجُوزُ) لِمَالِكِ جِدَارٍ (فَتْحُ الْكَوَّاتِ) لِبَعْضِ أَهْلِهِ وَلِغَيْرِهِمْ وَهِيَ بِفَتْحِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا الطَّاقَاتُ وَفَتْحُ شُبَّاكٍ وَلَوْ لِغَيْرِ الِاسْتِضَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى حَرِيمِ جَارِهِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ لِتَمَكُّنِ الْجَارِ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِبِنَاءِ سُتْرَةٍ أَمَامَ الْكَوَّةِ وَإِنْ تَضَرَّرَ صَاحِبُهَا بِمَنْعِ الضَّوْءِ مِنْهَا أَوْ النَّظَرِ، وَلِأَنَّ صَاحِبَهَا لَوْ أَرَادَ رَفْعَ جَمِيعِ الْحَائِطِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ فَتَقْيِيدُ الْجُرْجَانِيِّ بِمَا إذَا كَانَتْ عَالِيَةً لَا يَقَعُ النَّظَرُ مِنْهَا عَلَى دَارِ جَارِهِ ضَعِيفٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْكَوَّةَ لَوْ كَانَ لَهَا غِطَاءٌ أَوْ شُبَّاكٌ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ هَوَاءِ الدَّرْبِ مُنِعَتْ، وَإِنْ كَانَ فَاتِحُهَا مِنْ أَهْلِهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ (وَالْجِدَارُ) الْكَائِنُ (بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ) لِدَارَيْنِ (قَدْ يَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ بِمِلْكِهِ (أَحَدُهُمَا) وَيَكُونُ سَاتِرًا لِلْآخَرِ فَقَطْ (وَقَدْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ فَالْمُخْتَصُّ) بِهِ أَحَدُهُمَا (لَيْسَ لِلْآخَرِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَيْ الْمَالِكُونَ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ نَحْوُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ) يُشِيرُ إلَى مَا يَخُصُّ الْمَوْقُوفَ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ سم، وَنَقَلَهُ عَنْ حَجّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: فَتْحُ الْكَوَّاتِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْكَوَّةُ بِالْفَتْحِ ثُقْبُ الْبَيْتِ وَالْجَمْعُ كُوًى بِالْكَسْرِ مَمْدُودٌ وَمَقْصُورٌ، وَالْكُوَّةُ بِالضَّمِّ لُغَةً وَجَمْعُهَا كُوًى اهـ.
وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَمْعِهِ جَمْعَ تَصْحِيحٍ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: مُنِعَتْ) أَيْ حَيْثُ لَا إذْنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ ضَرَرٌ لِأَهْلِ الدَّرْبِ بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ مُشْتَرَكٌ، وَالْمُشْتَرَكُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَلَيْسَ مِنْ الْإِذْنِ اعْتِيَادُ النَّاسِ فَتْحَ الطَّاقَاتِ الَّتِي لَهَا غِطَاءٌ، وَالشَّبَابِيكُ الَّتِي لَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُعَارَضَةٍ.
[حَادِثَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ بِمَا صُورَتُهُ: مَا قَوْلُكُمْ فِي أَمَاكِنَ مَوْقُوفَةٍ مِنْ وَاقِفٍ وَاحِدٍ عَلَى قُرُبَاتٍ وَخَيْرَاتٍ عَيَّنَهَا بِكِتَابِ وَقْفِهِ وَفِي أَحَدِ الْأَمْكِنَةِ الْمَذْكُورَةِ مَكَانٌ وَضَعَهُ الْوَاقِفُ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِهِ وَبَارِزًا وَفِيهِ شُبَّاكٌ لِلضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ، ثُمَّ إنَّ النَّاظِرَ عَلَى الْوَقْفِ أَجَّرَ الْمَكَانَ الْمَذْكُورَ لِشَخْصٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، ثُمَّ إنَّ شَخْصًا اسْتَأْجَرَ مَكَانًا مِنْ جُمْلَةِ الْوَقْفِ مُلَاصِقًا لِلْمَكَانِ الْمَذْكُورِ وَيُرِيدُ إحْدَاثَ بِنَاءٍ يَسُدُّ الشُّبَّاكَ وَيُنْقِصُ أُجْرَةَ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ يُمْنَعُ مِنْهُ قَهْرًا عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا وَاحِدًا؟ وَأَجَبْت عَنْهُ بِمَا صُورَتُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ الْبِنَاءُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ سَدُّ الشُّبَّاكِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ أُجْرَةِ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ بِتَعْطِيلِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ جَوَازُ تَغْيِيرِ الْوَقْفِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي التَّغْيِيرِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ، وَالْبِنَاءُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ إضْرَارٌ فَيُمْنَعُ وَيَأْثَمُ هُوَ وَمَنْ يُعَاوِنُهُ بِمُخَالَفَةِ مَا قَصَدَهُ الْوَاقِفُ، وَلَا نَظَرَ لِمَا يَحْدُثُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُرَادُ فِعْلُ الْبِنَاءِ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ أُجْرَتِهِ عَمَّا كَانَ لَوْ حَصَلَتْ؛ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ غَرَضِ الْوَاقِفِ، مَعَ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْآنَ إنَّمَا يَعُودُ أَثَرُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا عَلَى الْوَاقِفِ، وَأَمَّا مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ سَدِّ الطَّاقَاتِ وَالشَّبَابِيكِ وَإِنْ مَنَعَتْ الضَّوْءَ وَالْهَوَاءَ عَلَى الْجَارِ وَلَا مِنْ فَتْحِهَا وَإِنْ أَدَّتْ إلَى الْإِشْرَافِ عَلَى حَرِيمِ غَيْرِهِ فَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ كَلَامِهِمْ فِي الْمِلْكِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِي الْكَوَّاتِ لَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْجِدَارِ مِنْ أَصْلِهِ لَمْ يُمْنَعْ فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ: وَالْجِدَارُ الْكَائِنُ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِلْجِدَارِ
(قَوْلُهُ: لِدَارَيْنِ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِبَعْضِ أَهْلِهِ وَلِغَيْرِهِمْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لِمَالِكِ جِدَارٍ