للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعْجِيزِ، وَتَجْرِي الْأَوْجُهُ فِيمَا لَوْ عَقَدَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ أَيْضًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ عَمَّا إذَا بَاعَهُ وَشَرَطَ عَدَمَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ قَطْعًا، وَيَنْتَفِعُ بِهِ فِيمَا عَدَا الْبِنَاءَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبِنَاءِ فِي الْأَصَحِّ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

وَشَوْبٌ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ إنَّهُ الصَّوَابُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: شَائِبَةٌ تَصْحِيفٌ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلتَّصْحِيفِ هُنَا وَصَوَابُهُ التَّحْرِيفُ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَظْهَرُ لِي وَجْهُ التَّصْحِيفِ فِي ذَلِكَ؛ إذْ الشَّوْبُ الْخَلْطُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَخْلُوطِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَالشَّائِبَةُ يُشَابُ بِهَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا صَوَابٌ (فَإِذَا بَنَى) بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْته لِلْبِنَاءِ أَوْ بِعْت حَقَّ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ (فَلَيْسَ لِمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ) أَيْ نَقْضُ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي (بِحَالٍ) أَيْ لَا مَجَّانًا وَلَا مَعَ إعْطَاءِ الْأَرْشِ لِاسْتِحْقَاقِهِ دَوَامَ الْبِنَاءِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ، نَعَمْ إنْ اشْتَرَى مَالِكُ الْجِدَارِ حَقَّ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ الشِّرَاءُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْخَصْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَوَّزْنَاهُمَا لَهُ لَوْ أَعَارَ.

وَاسْتَشْكَلَ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَالَاهُ مِنْ صِحَّةِ هَذَا الشِّرَاءِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ تَمْكِينِ الْبَائِعِ مِنْ هَدْمِ الْحَائِطِ نَفْسِهِ وَمِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَبْنِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ بَنَى، وَلَا شَكَّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْهُمَا (وَلَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ فَأَعَادَهُ مَالِكُهُ) بِاخْتِيَارِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْجَدِيدِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَهَدَمَهُ الْمَالِكُ عُدْوَانًا أَمْ أَجْنَبِيٌّ (فَلِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءِ) بِتِلْكَ الْآلَةِ أَوْ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لَهُ، وَكَمَا لِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءِ كَذَا لَهُ ابْتِدَاؤُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى وَلَوْ لَمْ يَبْنِهِ الْمَالِكُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَقِيقَةَ الْبَيْعِ

(قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الصُّلْحِ) أَيْ بِشَرْطِهِ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى إقْرَارٍ وَسَبْقِ خُصُومَةٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْقَاضِي

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ قَطْعًا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَطْعًا أَنَّ فِي جَوَازِ مَا قَبْلَهُ خِلَافًا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فِيهِ شَوْبٌ إلَخْ أَنَّهُ صَحِيحٌ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ بَيْعًا مَشُوبًا بِإِجَارَةٍ أَوْ إجَارَةً مَحْضَةً أَوْ بَيْعًا مَحْضًا

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبِنَاءِ) أَيْ بِأَنْ بَاعَهُ وَأَطْلَقَ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا عَدَا الْبِنَاءَ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبِنَاءُ يَحْتَاجُ لِبَيَانِ صِفَتِهِ بِالْأُمُورِ الْآتِيَةِ لَمْ تَنْزِلْ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِرَأْسِ الْجِدَارِ بِسَائِرِ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ

(قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَقَوْلُ

(قَوْلُهُ: يُشَابُ) أَيْ آلَةٌ يُشَابُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا) شَوْبٌ وَشَائِبَةٌ

(قَوْلُهُ: مَالِكُ الْجِدَارِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَقَايَلَا فِيمَا يَظْهَرُ

(قَوْلُهُ: حَقُّ الْبِنَاءِ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ دُونَ الْجُذُوعِ

(قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ) أَيْ مَالِكُ الْجِدَارِ

(قَوْلُهُ: مِنْ الْخَصْلَتَيْنِ) وَهُمَا الْقَلْعُ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ وَالتَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ

(قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَ الْأَذْرَعِيُّ) لَمْ يُبَيِّنْ مَا اسْتَشْكَلَ بِهِ

(قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْدَمًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ جَوَازُ هَدْمِهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِقُوَّةٍ حَقُّ الْبَانِي هُنَا بِبَذْلِ الْعِوَضِ وَضَعْفِهِ ثَمَّ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِلْمَنْفَعَةِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ الْهَدْمِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ مَالِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَهَدَمَهُ) بَيَانٌ لِمَعْنَى الْإِطْلَاقِ

(قَوْلُهُ: الْمَالِكُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُ الْمِلْكِ الْمَوْقُوفُ وَلَوْ مَسْجِدًا فِي عَدَمِ لُزُومِ إعَادَتِهِ إذَا تَعَدَّى وَهَدَمَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا فَتَنَبَّهْ لَهُ

(قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ وَيَكُونُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَفْظُ الْإِجَارَةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ قَطْعًا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ لِلْبِنَاءِ يَصِحُّ قَطْعًا الَّذِي هُوَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ إذْ الْخِلَافُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً مَحْضَيْنِ أَوْ بَيْعًا فِيهِ شَوْبُ إجَارَةٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ هُنَا بِقَوْلِهِ قَطْعًا لِأَجْلِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الَّذِي بَعْدَهُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَبِيعَ لِلْبِنَاءِ، أَوْ يَشْرِطَ عَدَمَ الْبِنَاءِ، أَوْ يَسْكُتَ فَيَصِحُّ فِي الْأُولَيَيْنِ قَطْعًا وَفِي الثَّالِثَةِ الْخِلَافُ الْآتِي، فَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمَتْنِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ وَعَدَمُهُ كَمَا عَرَفْت (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) مِنْ مَقُولِ الدَّقَائِقِ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ ثَانٍ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>