للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. .

(وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَيْهِ وَيَسْنُدَ مَتَاعًا لَا يَضُرُّ وَلَهُ ذَلِكَ فِي جِدَارِ الْأَجْنَبِيِّ) وَإِنْ مَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ ذَلِكَ؛ إذْ الْمَنْعُ مِنْهُ عِنَادٌ مَحْضٌ، وَهُوَ كَالِاسْتِضَاءَةِ بِسِرَاجِ غَيْرِهِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِجِدَارِهِ، وَقَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ (وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ شَرِيكِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ فِي الْجَدِيدِ) لِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» .

وَأَمَّا خَبَرُ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَمَخْصُوصٌ بِغَيْرِ هَذَا؛ إذْ الْمُمْتَنِعُ يَتَضَرَّرُ أَيْضًا بِتَكْلِيفِهِ الْعِمَارَةَ، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي نَهْرٍ وَقَنَاةٍ وَبِئْرٍ مُشْتَرَكَةٍ وَاِتِّخَاذِ سُتْرَةٍ بَيْنَ سَطْحَيْهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ كَزِرَاعَةِ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ وَكَسَقْيِ نَبَاتٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَوْلُ الْجُورِيُّ: يَلْزَمُ أَنْ يَسْقِيَ الْأَشْجَارَ اتِّفَاقًا ضَعِيفٌ، وَالْقَدِيمُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْعُلُوِّ الْإِجْبَارُ صِيَانَةً لِلْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ عَنْ التَّعْطِيلِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْقَوْلَيْنِ بِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، فَلَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمَصْلَحَتُهُ فِي الْعِمَارَةِ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ الْمُوَافَقَةُ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُمَا فِي غَيْرِ الْوَقْفِ.

أَمَّا هُوَ فَتَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ فِيهِ الْعِمَارَةُ، فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَا أَعْمُرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَعْمُرُ أُجْبِرَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْنُدُ مَتَاعًا) وَخَرَجَ بِالْجِدَارِ الِانْتِفَاعُ بِأَمْتِعَةِ غَيْرِهِ كَالتَّغَطِّي بِثَوْبٍ لَهُ مُدَّةً لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَلَا تُورِثُ نَقْصًا فِي الْعَيْنِ بِوَجْهٍ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَخْذُ كِتَابِ غَيْرِهِ مَثَلًا بِلَا إذْنٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَهُوَ حَرَامٌ

(قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ) أَمَّا مَا يَضُرُّ فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَسْنَدَ جَمَاعَةٌ أَمْتِعَةً مُتَعَدِّدَةً وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يَضُرُّ وَجُمْلَتُهَا تَضُرُّ فَإِنْ وَقَعَ فِعْلُهُمْ مَعًا مُنِعُوا كُلُّهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ وَقَعَ مُرَتَّبًا مُنِعَ مَنْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ الضَّرَرُ دُونَ غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا لَوْ اسْتَنَدُوا لِلْجِدَارِ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا يُقَالُ فِي الِاسْتِنَادِ إلَى أَثْقَالِ الْغَيْرِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَ الْمَالِكُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَانِعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً فَالْمَنْعُ مِنْهُ مَحْضُ عِنَادٍ

(قَوْلُهُ: وَكَسَقْيِ نَبَاتٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي إعَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ الْمَنْعِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ السَّقْيَ هُنَا مِنْ مَاءٍ مُشْتَرَكٍ مُعَدٍّ لِسَقْيِ ذَلِكَ النَّبَاتِ مِنْهُ مُنِعَ.

وَمِمَّا مَرَّ فِي الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا السَّقْيَ بِمَاءٍ مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُبَاحٍ لَمْ يُمْنَعْ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِالزَّرْعِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ الطَّالِبُ وَلِيَّ الطِّفْلِ فَلَا يَجِبُ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُوَافَقَةُ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ نَاظِرُ الْوَقْفِ مِنْ شَرِيكِهِ الْمَالِكِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَتُهُ، وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى ضَيَاعِ الْوَقْفِ وَمَالِ الطِّفْلِ.

وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى إجَارَةِ الْأَرْضِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ شَرِكَةً بَيْنَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَوَقْفٍ وَتَعَارَضَتْ عَلَيْهِ مَصْلَحَتَاهُمَا فَهَلْ تُقَدَّمُ مَصْلَحَةُ الْوَقْفِ أَوْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْعِمَارَةَ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ الْمُوَافَقَةُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ

(قَوْلُهُ: أُجْبِرَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ مِنْهُ مُشْتَرَكَانِ فِي الْوَقْفِ وَهُمْ مُشْتَرَكُونَ فِي النَّظَرِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النَّاظِرِ لَا تُطْلَبُ مِنْهُ الْعِمَارَةُ وَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ فِعْلُهَا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ النَّاظِرِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِشَخْصٍ شَرِكَةٌ فِي وَقْفٍ وَطَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ الْعِمَارَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْمُؤَلِّفُ كَذَا بِهَامِشٍ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَطَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ أَنَّ غَيْرَ النَّاظِرِ مِنْ أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِمَارَةُ وَإِنْ أَدَّى عَدَمُ عِمَارَتِهِ إلَى خَرَابِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَعْنِي قَوْلَهُ بَلْ يَنْبَغِي إلَخْ

. (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْعُلُوِّ) يَعْنِي إذَا كَانَ عُلُوُّ الدَّارِ لِوَاحِدٍ وَسُفْلُهَا لِآخَرَ فَانْهَدَمَتْ وَطَلَبَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يُعِيدَ سُفْلَهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَوْلَيْنِ يَجْرِيَانِ فِيهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْهَا قَبْلُ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ:) وَسَبَقَهُ إلَيْهِ شَيْخُهُ الْأَذْرَعِيُّ جَازَ مَا بِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ. (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>