للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ بِلَا شَكٍّ يَزِيدُ عَلَى حَاجَةِ الْبِنَاءِ، فَمَنْ بَنَى حَمَّامًا وَبِجَانِبِهِ أَرْضٌ لِغَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ حَقَّ مَمَرِّ الْمَاءِ فَلَا تَوَقُّفَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَلْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَاجَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عَلَى السَّطْحِ، وَلَمْ يَحْصُلْ الْبَيَانُ فِي قَدْرِ مَا يُصَبُّ وَشَرْطُ الْمُصَالَحَةِ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَصْرِفٌ إلَى الطَّرِيقِ إلَّا بِمُرُورِهِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا قَالَهُ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَغَيْرِهِ، قَالَ: لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا أَمْرَانِ: التَّأْقِيتُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَلَا يُمْكِنُهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِيهَا ابْتِدَاءً، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ نَاظِرًا مُصَالَحَةَ غَيْرِهِ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ فِي سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ بِالْأَرْضِ الْمَحْفُورَةِ لَا لِيَحْفِرَ فِيهَا سَاقِيَةً، وَعَلَى إجْرَائِهِ عَلَى سَطْحِ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ إنْ قُدِّرَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَا مُطْلَقًا لِحَقِّ الْبَطْنِ الثَّانِي، نَعَمْ إنْ صَالَحَ بِلَا مَالٍ جَازَ، وَكَانَ عَارِيَّةً قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَوْ أَذِنَ صَاحِبُ الدَّارِ لِإِنْسَانٍ فِي حَفْرِ بِئْرٍ تَحْتَ دَارِهِ ثُمَّ بَاعَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ كَالْبَائِعِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ حُقُوقِ الدَّارِ كَالْبِنَاءِ عَلَيْهَا بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ انْقَضَتْ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مَا ثَبَتَ لِلْبَائِعِ اهـ.

وَلَوْ بَنَى عَلَى سَطْحِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ مَا يَمْنَعُ نُفُوذَ مَاءِ الْمَطَرِ نَقَبَهُ الْمُشْتَرِي، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا الْمُسْتَعِيرُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى مُسْتَحِقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مُشَارَكَتُهُ فِي الْعِمَارَةِ لَهُ إذَا انْهَدَمَ وَلَوْ بِسَبَبِ الْمَاءِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَلَا حَاجَةَ فِي الْعَارِيَّةِ لَهَا إلَى بَيَانٍ؛ لِأَنَّهَا يَرْجِعُ فِيهَا مَتَى شَاءَ وَهِيَ تَحْمِلُ مَا تَحْمِلُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا وَجَبَ بَيَانُ مَوْضِعِ الْمُجْرَاةِ وَطُولِهَا وَعَرْضِهَا وَعُمْقِهَا وَقَدْرِ الْمُدَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إبْقَاءُ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِمُدَّةٍ أَمْ لَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرَاجِعْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ تُبْنَى الصَّهَارِيجُ بِجَانِبِ الْخَلِيجِ الْحَاكِمِيِّ، وَيُجْعَلَ لَهَا طَاقَاتٌ بِقَصْدِ أَنْ تُمْلَأَ مِنْهُ إذَا جَاءَ الْمَاءُ وَيُفْعَلَ كَذَلِكَ، فَبِدُخُولِ الْمَاءِ فِيهَا يَصِيرُ مِلْكًا لِمَنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى إبَاحَتِهِ بَلْ يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَعَدَّهُ الْوَاقِفُ لَهُ

(قَوْلُهُ: فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ) أَيْ أَوْ السَّطْحِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَلَى إجْرَائِهِ عَلَى سَطْحِ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ

(قَوْلُهُ: الْمَحْفُورَةِ) صَوَابُهُ الْمَوْقُوفَةُ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ صَالَحَ) مُحْتَرَزُ قَوْلُهُ أَوَّلًا: أَمَّا مَاءُ غُسَالَةِ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي فَلَا يَجُوزُ إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا إنْ صَالَحَ بِلَا مَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَاعَهَا) أَيْ الدَّارَ

(قَوْلُهُ: كَالْبَائِعِ) أَيْ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ مَجَّانًا، فَلَوْ كَانَ أَذِنَ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ أُجْرَةٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَجَعَ تَخَيَّرَ بَيْنَ طَمِّهِ وَأَرْشِ نَقْصِهِ، وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا مُنْتَفَعًا بِهِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَطْمُومًا خَالِيًا مِنْ الْبِنَاءِ وَبَيْنَ إبْقَائِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَبَيْنَ تَمَلُّكِ مَا بَنَاهُ بِالْقِيمَةِ

(قَوْلُهُ: ثَبَتَ) أَيْ فَيُقَالُ ثَبَتَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ لِلْبَيْعِ أَوْ الْأُجْرَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَرْضُ) اُنْظُرْ مَا الَّذِي خَرَجَ بِهِ هَذَا فِي كَلَامِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَيُقَابِلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ أَعَارَ الْأَرْضَ فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَقَدَّرَ الْمُدَّةَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ فِي الْعُمْقِ وَالْعَرْضِ وَالطُّولِ بِقَطْعِ النَّظَرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَعْلِيلُهُمَا الْمَارُّ فَهُمَا جَارِيَانِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي) بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُهُ كَمَا قَدَّمْتُهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا أَمْرَانِ التَّأْقِيتُ) سَيَأْتِي أَنَّ التَّأْقِيتَ شَرْطٌ حَتَّى فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِيهَا ابْتِدَاءً) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا أَذِنَ الْمَالِكُ فِي ذَلِكَ: أَيْ أَوْ كَانَ مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ الْأَرْضَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَفْرِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ: بِلَا تَقْدِيرِ مُدَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَرْضُ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِمَتْنِ الرَّوْضِ، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ فَرْضَهُ الْكَلَامَ أَوَّلًا فِي الْأَرْضِ وَالسَّطْحِ مَعًا وَأَمَّا الرَّوْضُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ حُكْمَ الْإِجْرَاءِ عَلَى السَّطْحِ وَحْدَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ الْحُكْمَ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ: وَأَمَّا الْأَرْضُ إلَخْ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِمُدَّةٍ أَمْ لَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>