للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ بِأَنَّهَا إنَّمَا حُمِلَتْ عَلَى التَّأْبِيدِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى دَوَامِهِ وَلِلتَّضَرُّرِ بِهَدْمِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ دُخُولُ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا إلَّا لِتَنْقِيَةِ نَهْرٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَرْضِهِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ النَّهْرِ، وَلَيْسَ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى السَّطْحِ طَرْحُ الثَّلْجِ عَلَيْهِ وَلَا تَرْكُهُ إلَى أَنْ يَذُوبَ وَيَسِيلَ إلَيْهِ، وَمَنْ أُذِنَ لَهُ فِي إلْقَاءِ الثَّلْجِ لَا يُجْرِي الْمَطَرَ وَلَا غَيْرَهُ، وَلَوْ كَانَ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً قَبْلَ قَوْلِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَةِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٌ أَوْ طَرْحِ قُمَامَةٍ وَلَوْ زِبْلًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَى مَالٍ فَهُوَ عَقْدٌ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَكَذَا عَنْ الْمَبِيتِ عَلَى سَقْفٍ وَلِمُشْتَرِي الدَّارِ مَا لِبَائِعِهَا مِنْ إجْرَاءِ الْمَاءِ لَا الْمَبِيتِ. .

، وَيَجُوزُ تَحْوِيلُ أَغْصَانِ شَجَرَةِ غَيْرِهِ وَقَدْ مَالَتْ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ، وَلَوْ مُشْتَرَكًا وَامْتَنَعَ مَالِكُهَا مِنْ تَحْوِيلِهَا عَنْ هَوَائِهِ، وَلَهُ قَطْعُهَا وَلَوْ بِلَا إذْنِ قَاضٍ إنْ لَمْ يُمْكِنُ تَحْوِيلُهَا، وَتَقْيِيدُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهَا بِالْقَطْعِ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِهِ فِيهِ نَظَرٌ

قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَهُ إيقَادُ نَارٍ تَحْتَهَا، وَإِنْ أَدَّى إلَى حَرْقِهَا، وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةِ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَأَنْ عَرَضَتْ رِيحٌ أَوْصَلَتْهَا إلَيْهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ طَفْيُهَا.

وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّ مُسْتَحِقَّ مَنْفَعَةِ الْمَلِكِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ إجَارَةٍ كَمَالِكِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ يُخَاصِمُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ إبْقَاءِ الْأَغْصَانِ بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْهَوَاءِ، وَلَا عَنْ اعْتِمَادِهَا عَلَى جِدَارِهِ مَادَامَتْ رَطْبَةً، وَانْتِشَارُ الْعُرُوقِ وَمَيْلُ الْجِدَارِ كَالْأَغْصَانِ فِيمَا تَقَرَّرَ، وَمَا يَنْبُتُ بِالْعُرُوقِ الْمُنْتَشِرَةِ لِمَالِكِهَا لَا لِمَالِكِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، وَحَيْثُ تَوَلَّى نَحْوَ الْقَطْعِ بِنَفْسِهِ لَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ قَوْلِهِ) أَيْ حَيْثُ عَلِمَ ابْتِدَاءَ حُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ وَإِلَّا صَدَّقَ خَصْمُهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ الْمُوهِمُ لِخِلَافِ ذَلِكَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ حَمَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ حُدُوثَهُ فِي زَمَنِ مِلْكِ هَذَا الْمَالِكِ اهـ حَجّ.

وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ وُجِدَتْ الْجُذُوعُ أَوْ نَحْوُهَا فِي أَرْضٍ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ وَضْعِهَا

(قَوْلُهُ: أَوْ طَرْحِ قُمَامَةٍ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الصُّلْحِ عَلَى مَاءِ الْغُسَالَةِ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى إلْقَاءِ الْقُمَامَاتِ أَشَدُّ مِنْهُ إلَى إخْرَاجِ مَاءِ الْغُسَالَةِ

(قَوْلُهُ: لَا الْمَبِيتِ) وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ شِدَّةُ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ، فَقَدْ لَا يَرْضَى صَاحِبُ السَّطْحِ بِنَوْمِ غَيْرِ الْبَائِعِ عَلَى مِلْكِهِ لِعَدَمِ صَلَاحِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِحَسَبِ مَا يَعْتَقِدُهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُشْتَرَكًا) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ الشَّجَرَةِ اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: مِنْ تَحْوِيلِهَا) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَحْوِيلُهَا وَلَا قَطْعُهَا قَبْلَ امْتِنَاعِ الْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الِامْتِنَاعِ وَحَصَلَ نَقْصٌ فِي الْأَغْصَانِ بِالتَّحْوِيلِ أَوْ الْقَطْعِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا إذْنِ قَاضٍ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مَبْنِيًّا) خَالَفَ فِيهِ حَجّ (قَوْلُهُ مَادَامَتْ رَطْبَةً) لَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِمُدَّةِ الرُّطُوبَةِ

(قَوْلُهُ: كَالْأَغْصَانِ فِيمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فَيَجُوزُ لِمَنْ مَالَ الْجِدَارُ إلَى مِلْكِهِ، وَلَوْ مُشْتَرَكًا كَمَا مَرَّ هَدْمُهُ، وَمِنْهُ مَيْلُ جِدَارِ بَعْضِ أَهْلِ السِّكَّةِ الْمُنْسَدَّةِ إلَيْهَا فَلِغَيْرِ مَالِكِ الْجِدَارِ هَدْمُهُ، وَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ مَالِكِ الْجِدَارِ وَبَيْنَ الْهَادِمِ

(قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ فِيهَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الصَّوَابُ حَذْفُهُ وَهُوَ تَابِعٌ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي هَذَا التَّقْرِيرِ لَكِنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمُضِرَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّوْضَ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ الْأَرْضَ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَوْضِعِ السَّاقِيَةِ وَحَدِّ طُولِهَا وَعَرْضِهَا وَعُمْقِهَا وَقَدْرِ الْمُدَّةِ. قَالَ شَارِحُهُ عَقِبَهُ: إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ اهـ.

وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ إصْلَاحُ الْمَتْنِ وَأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ وَقَدْرَ الْمُدَّةِ إذَا أَرَادَ التَّقْدِيرَ بِهَا وَإِلَّا فَالتَّقْدِيرُ بِهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ بَقِيَ الْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ: أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ بَيَانِ قَدْرِ الْمُدَّةِ مُطْلَقًا أَشْكَلَ بِذَلِكَ: أَيْ بِبَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ اهـ.

وَالشَّارِحُ هُنَا فَرَّقَ بِمَا يَأْتِي إلَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بِمَا لَا يَصِحُّ، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلَ السَّوَادَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ بَيْعِ.

(قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ رَطْبَةً)

<<  <  ج: ص:  >  >>