يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ إلَّا إنْ حَكَمَ عَلَى مَالِكِهَا بِالتَّفْرِيغِ، وَلَوْ دَخَلَ الْغُصْنُ الْمَائِلُ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فِي بَرْنِيَّةِ وَنَبَتَ فِيهَا أُتْرُجَّةٌ وَكَبِرَتْ قَطَعَ الْغُصْنَ وَالْأُتْرُجَّةَ لِتَسْلَمَ الْبَرْنِيَّةُ لِاسْتِحْقَاقِ قَطْعِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُذْبَحْ حَيَوَانُ غَيْرِهِ إذَا بَلَعَ جَوْهَرَةً لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَلَوْ وَصَلَ غُصْنَهُ بِشَجَرَةِ غَيْرِهِ كَانَتْ ثَمَرَةُ الْغُصْنِ لِمَالِكِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا.
قَالَ الْبَغَوِيّ: وَيَقْلَعُ غُصْنَهُ مَجَّانًا بِخِلَافِ غُصْنِ الْمَأْذُونِ لَهُ لَا يَقْلَعُ مَجَّانًا بَلْ بِأَرْشِ نَقْصِهِ أَوْ يُبْقِيهِ بِأُجْرَةٍ، وَلَا مَنْعَ مِنْ غَرْسٍ أَوْ حَفْرٍ يُؤَدِّي فِي الْمَآلِ إلَى انْتِشَارِ الْعُرُوقِ أَوْ الْأَغْصَانِ وَسَرَيَانِ النَّدَاوَةِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَوْ اشْتَرَى الدَّارَ فِي أَوَّلِ انْتِشَارِهَا إلَيْهَا ثُمَّ عَظُمَتْ وَأَضَرَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا سَتَزِيدُ كَمَنْ اشْتَرَى مَجْرُوحًا عَالِمًا فَسَرَى الْجُرْحُ.
(وَلَوْ تَنَازَعَا جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَإِنْ اتَّصَلَ بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا بُنِيَا مَعًا فَلَهُ الْيَدُ) ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى يَدِهِ فَيَحْلِفُ وَيَحْكُمُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِخِلَافِهِ، وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُدْخِلَ نِصْفَ لَبِنَاتِ الْجِدَارِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فِي جِدَارِهِ الْخَاصِّ وَنِصْفَ اللَّبِنَاتِ مِنْ جِدَارِهِ الْخَاصِّ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الزَّوَايَا، وَلَا يَحْصُلُ الرُّجْحَانُ بِأَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ مِنْ طَرَفِ الْجِدَارِ لِإِمْكَانِ إحْدَاثِهِ بَعْدَ بِنَاءِ الْجِدَارِ بِنَزْعِ لَبِنَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِدْرَاجِ أُخْرَى، وَبِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَزَجٌ وَهُوَ الْعَقْدُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْجِدَارِ بِأَنْ أُمِيلَ مِنْ مُبْتَدَإِ ارْتِفَاعِهِ مِنْ الْأَرْضِ كَذَا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ إحْدَاثُهُ بِأَنْ يَكُونَ الْمَيْلُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْجِدَارِ لَا يَكُونُ فِيهِ تَرْجِيحٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَصَاحِبِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ يُفِيدُ التَّرْجِيحَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي بَنَى الْأَزَجَ بَنَاهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُمَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَزَعَمَ كَسْرَهَا؛ لِأَنَّ حَيْثُ لَا تُضَافُ إلَّا إلَى جُمْلَةٍ غَفْلَةٌ عَنْ كَوْنِهَا مَعْمُولَةً لِيَعْلَمَ لَا لِحَيْثُ وَبِفَرْضِ كَوْنِهَا مَعْمُولَةً لِحَيْثُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ لِلْأَرْضِ بِبَقَائِهَا فِي مِلْكِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَهُ قَطْعُهَا
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ حَكَمَ عَلَى مَالِكِهَا بِالتَّفْرِيغِ) أَيْ بِأَنْ رَفَعَ لِقَاضٍ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَلَوْ قَطَعَهَا مَنْ انْتَشَرَتْ إلَى مِلْكِهِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْبَحْ) أَيْ فَيُقَالُ لَهُ: إنْ لَمْ تَذْبَحْ وَتُخْرِجْ الْجَوْهَرَةَ وَإِلَّا فَادْفَعْ قِيمَتَهَا إلَيَّ وَيُصَدَّقُ الدَّافِعُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْعَ مِنْ غَرْسٍ) هَذَا التَّفْصِيلُ يُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ حَيْثُ خِيفَ الضَّرَرُ بَيْنَ الْحَالِ وَالْمَآلِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا الْغَالِبُ فِيهِ الْإِخْلَالُ بِنَحْوِ حَائِطِ الْجِدَارِ كَدَقٍّ عَنِيفٍ يُزْعِجُهَا وَحَبْسِ مَاءٍ بِمِلْكِهِ تَسْرِي نَدَاوَتُهُ إلَيْهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مَفْرُوضٌ فِي تَصَرُّفٍ يُؤَدِّي إلَى خَلَلٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَمَا هُنَا فِي غَرْسٍ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ انْتِشَارُ الْعُرُوقِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إخْلَالٍ فِي الْبِنَاءِ
(قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ انْتِشَارِهَا إلَيْهَا) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ أَصْلَ الشَّجَرَةِ بِغَيْرِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ، وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ عَدَمُ طَلَبِ الْإِزَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عُمُومِ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ، وَهَذَا صَحِيحٌ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ حُقُوقِ الدَّارِ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ لِلدَّارِ هُوَ مَالِكُ الشَّجَرَةِ وَاسْتَثْنَاهَا فَهُوَ قَبْلَ الْبَيْعِ يَسْتَحِقُّ مَا تَنْتَشِرُ إلَيْهِ عُرُوقُهَا، فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ
(قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا سَتَزِيدُ) أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ وَإِلَّا فَقَدْ تَهْلَكُ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ الْيَدُ) مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ خَلْوَةَ بَابِهَا مِنْ دَاخِلِ مَسْجِدٍ يَعْلُوهَا بِنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِبَيْتٍ مُجَاوِرٍ لِلْمَسْجِدِ فَادَّعَى صَاحِبُ الْبَيْتِ أَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ مَوْضُوعٌ بِحَقٍّ، وَهُوَ قَدِيمٌ وَبِهِ عَلَامَاتٌ تُشْعِرُ بِكَوْنِهِ مِنْ الْبَيْتِ وَادَّعَى نَاظِرُ الْمَسْجِدِ أَنَّ هَذَا بِأَعْلَى الْخَلْوَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ فَكَوْنُ بَابِ الْخَلْوَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا قَالُوهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ وَالزِّيَادَةُ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ حَكَمَ عَلَى مَالِكِهَا بِالتَّفْرِيغِ) اسْتَشْكَلَهُ الشِّهَابُ سم بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْوُجُوبِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الشَّرْعَ حَاكِمٌ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت م ر اسْتَشْكَلَهُ بِذَلِكَ وَمَالَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَرَى وُجُوبَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّفْرِيغِ
. (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) أَيْ الِاتِّصَالُ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ) الْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ