لَا يَتَعَيَّنُ الْكَسْرُ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الَّتِي يُضَافُ لَهَا حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جُزْأَيْهَا (وَإِلَّا فَلَهُمَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَحْصُلُ الِاتِّصَالُ الْمَذْكُورُ بِأَنْ يَكُونَ مُنْفَصِلًا عَنْهُمَا أَوْ مُتَّصِلًا بِهِمَا مُطْلَقًا أَوْ بِأَحَدِهِمَا اتِّصَالًا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ، فَالْيَدُ لَهُمَا لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّرْجِيحُ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَقْشٍ بِظَاهِرِ الْجِدَارِ كَصُوَرٍ وَكِتَابَاتٍ مُتَّخَذَةٍ مِنْ جِصٍّ أَوْ آجُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا طَاقَاتٍ وَمَحَارِيبَ بِبَاطِنِهِ وَتَوْجِيهِ بِنَاءٍ، كَأَنْ يَبْنِيَ بِلَبِنَاتٍ مُقَطَّعَةٍ وَيَجْعَلَ الْأَطْرَافَ الصِّحَاحَ إلَى جَانِبٍ وَمَوَاضِعَ الْكَسْرِ إلَى جَانِبٍ وَمَعَاقِدَ قُمُطٍ وَهُوَ حَبْلٌ رَقِيقٌ يُشَدُّ بِهِ الْجَرِيدُ وَنَحْوُهُ
وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجَّحْ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْجِدَارِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ عَلَامَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الِاشْتِرَاكِ فَلَا يُغَيَّرُ بِأَسْبَابٍ ضَعِيفَةٍ مُعْظَمُ الْقَصْدِ بِهَا الزِّينَةُ كَالتَّجْصِيصِ وَالتَّزْوِيقِ (فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً) أَنَّهُ لَهُ (قُضِيَ لَهُ) بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْيَدِ وَتَكُونُ الْعَرْصَةُ لَهُ تَبَعًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بَلْ أَقَامَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا (حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ اسْتِحْقَاقِ صَاحِبِهِ لِلنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ الَّذِي بِيَدِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَيَدُهُ عَلَى النِّصْفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ كَالْعَيْنِ الْكَامِلَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُضَمِّنَ يَمِينَهُ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ كَمَا فَسَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا) لِظَاهِرِ الْيَدِ (وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا) وَنَكَلَ الْآخَرُ (قُضِيَ لَهُ) بِالْجَمِيعِ سَوَاءٌ أَنَكَلَ عَنْ يَمِينِ الْإِثْبَاتِ أَمْ النَّفْيِ أَمْ عَنْهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ مَنْ ابْتَدَى بِيَمِينِهِ وَنَكَلَ الْآخَرُ حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَقُضِيَ لَهُ بِالْكُلِّ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ، وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ فَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَوْلُ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّ جَمِيعَهَا لَهُ كَفَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي التَّحَالُفِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِاللَّازِمِ. .
(وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ لَمْ يُزَجِّجْ) ؛ لِأَنَّ وَضْعَهَا قَدْ يَكُونُ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ يَرَى الْإِجْبَارَ عَلَى الْوَضْعِ فَلَا يُتْرَكُ الْمُحَقَّقُ بِالْمُحْتَمَلِ، وَلِأَنَّ الْجُذُوعَ كَالْأَمْتِعَةِ فِيمَا لَوْ تَنَازَعَا اثْنَانِ دَارًا بِيَدِهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا أَمْتِعَةٌ، وَعَبَّرَ بِالْجُذُوعِ دُونَ الْجِذْعِ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ لِيَنُصَّ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ عِنْدَهُ التَّرْجِيحَ بِالْجَمْعِ دُونَ الْوَاحِدِ، وَفِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ بِهَا، وَحَيْثُ قَضَى بِأَنَّهَا لِلْمَسْجِدِ تَبِعَهَا الْهَوَاءُ فَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ فِيهِ، وَكَوْنُ الْوَاقِفِ وَقَفَ الْخَلْوَةَ دُونَ مَا يَعْلُوهَا الْأَصْلُ عَدَمُهُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ بِأَعْلَاهَا بِنَاءً هُدِمَ
(قَوْلُهُ: فَالْيَدُ لَهُمَا) أَشَارَ بِذِكْرِ الْيَدِ إلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمِلْكِهِ لَهُمَا بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهِمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً سَلِمَ لَهُ وَحُكِمَ بِهِ لَهُ أَوْ أَقَامَ غَيْرُهُمَا بِهِ بَيِّنَةً فَكَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَلَا طَاقَاتٍ) وَمِنْهَا مَا يُعْرَفُ الْآنَ بِالنِّصْفِ، وَمِثْلُهَا الرُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ صَاحِبُ الْجِدَارِ الْمُخْتَصِّ بِهِ، أَوْ مَنْ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ
(قَوْلُهُ: لِظَاهِرِ الْيَدِ) فِيهِ مَا قَدَّمْنَا (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُزَجِّجْ) أَيْ لَمْ يُزَجِّجْ صَاحِبُ الْجُذُوعِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْجُذُوعِ، أَمَّا لَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ وَأَعَادَهُ أَحَدُهُمَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَثَلًا أَوْ كَانَ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ ثُمَّ نَازَعَهُ الْآخَرُ فَقَالَ: هُوَ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا أَوْ هُوَ لِي خَاصَّةً صُدِّقَ الْمُتَصَرِّفُ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ عَمَلًا بِيَدِهِ، وَمَعَ تَصْدِيقِهِ لَا تُرْفَعُ جُذُوعُ مُدَّعِي الشَّرِكَةِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ
(قَوْلُهُ: بِالْجَمْعِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَمَا فَوْقَ أَخْذًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَتَكُونُ الْعَرْصَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِهَا مَا يَحْمِلُ الْجِدَارَ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ الْآسُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بَلْ أَقَامَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا) الْأَصْوَبُ الْإِتْيَانُ بِأَوْ بَدَلَ بَلْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ مَنْ ابْتَدَأَ بِيَمِينِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَبْدُوءُ بِهِ هُوَ الْحَالِفُ حَلَفَ ثَانِيًا الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لِيُقْضَى لَهُ بِالْكُلِّ أَوْ النَّاكِلُ فَقَدْ اجْتَمَعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَا هُنَا وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا حَلَفَا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى