دَارٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ) وَلَوْ أَمَةً قَالَتْ لَهُ أَهْدَانِي سَيِّدِي لَك كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ اسْتَشْكَلَ فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَطَلَبُ صَاحِبِ وَلِيمَةٍ لِتَسَامُحِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونِ بِأَنْ جُرِّبَ كَذِبُهُ وَلَوْ مَرَّةً فِيمَا يَظْهَرُ بِحَيْثُ جَوَّزْنَا كَذِبَهُ لِمَا مَرَّ مِنْهُ فَلَا يُعْتَمَدُ قَطْعًا، وَمَا حَفَّتْهُ قَرِينَةٌ يُعْتَمَدُ قَطْعًا، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْعَمَلُ حِينَئِذٍ بِالْعِلْمِ لَا بِالْخَبَرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ هُنَا بَيْنَ الصَّادِقِ وَغَيْرِهِ، وَلِلْمُمَيِّزِ وَنَحْوِهِ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ بِشَرْطِهِ الْآتِي (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِ عَبْدٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ، وَلَوْ حُذِفَتْ الْيَاءُ لَكَانَ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ وَهُوَ أَوْضَحُ (فِي قَبُولِ نِكَاحٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ لِانْتِفَاءِ ضَرَرِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِلَكِنْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَيْنِ مِنْ عَكْسِ الضَّابِطِ وَهُوَ مَنْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا صِحَّةُ تَوَكُّلِ سَفِيهٍ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَتَوَكُّلِ امْرَأَةٍ فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا وَمُرْتَدٍّ فِي تَصَرُّفٍ لِغَيْرِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُشْرَطْ فِي بُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ لِنَفْسِهِ حَجْرُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ مَا فِيهِ، وَرَجُلٍ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ مَثَلًا أَوْ خَامِسَةٍ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَالْمُوسِرِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أَمَةٍ، وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ تَوَكُّلَ كَافِرٍ عَنْ مُسْلِمٍ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ طَلَاقِ مُسْلِمَةٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ لَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ فَطَلَّقَ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ بَانَ نُفُوذُ طَلَاقِهِ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمَةِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْجُمْلَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ صِحَّةُ مُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ فِي جِنْسٍ مَا وَكَّلَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي عَيْنِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْقُطُ أَكْثَرُ مَا مَرَّ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمُوَكِّلِ أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ (وَمَنَعَهُ) أَيْ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ (فِي الْإِيجَابِ) لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ فَبِنْتُ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُكَاتَبِ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ كَمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فِي الْكَافِرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِيهِمَا
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ: أَيْ وَلَوْ رَجَعَتْ وَكَذَّبَتْ نَفْسَهَا لِاتِّهَامِهَا فِي حَقِّ غَيْرِهَا وَخَرَجَ بِكَذَّبَتْ نَفْسَهَا مَا لَوْ كَذَّبَهَا السَّيِّدُ فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ وَطْءُ الْمُهْدَى إلَيْهِ وَطْءَ شُبْهَةٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِأَنَّ السَّيِّدَ بِدَعْوَاهُ ذَلِكَ يَدَّعِي زِنَاهَا، وَلَا الْحَدُّ أَيْضًا لِلشُّبْهَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا أَيْضًا لِزَعْمِهَا أَنَّ السَّيِّدَ أَهْدَاهَا لَهُ وَأَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ لِظَنِّهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ عَلَى السَّيِّدِ بِزَعْمِهِ، وَأَمَّا لَوْ وَافَقَهَا السَّيِّدُ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَيَجِبُ الْمَهْرُ
(قَوْلُهُ: لِتَسَامُحِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ) وَلَيْسَ فِي مَعْنَى مَنْ ذُكِرَ الْبَبَّغَاءُ وَالْقِرْدُ وَنَحْوُهُمَا إذَا حَصَلَ مِنْهُمْ الْإِذْنُ وَلَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِمْ الْكَذِبُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ أَهْلٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جَعْلِ الْبَبَّغَاءِ كَالصَّبِيِّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا لَوْ احْتَفَتْ بِهِ قَرِينَةٌ لِأَنَّهَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا
(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَمَدُ قَطْعًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ مَضَى عَلَيْهِ سَنَةٌ فَأَكْثَرُ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ فِيهَا كَذِبٌ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ اعْتِمَادِ قَوْلِهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَكُونُ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ (قَوْلُهُ: بِالْعِلْمِ) وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْبَبَّغَاءَ، وَنَحْوَهَا مَعَ الْقَرِينَةِ كَالصَّبِيِّ لِأَنَّ التَّعْوِيلَ لَيْسَ عَلَى خَبَرِهَا بَلْ عَلَى الْقَرِينَةِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ جُهِلَ حَالُ الصَّبِيّ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبُولِ خَبَرِهِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ الْآتِي) وَهُوَ الْعَجْزُ أَوْ كَوْنُهُ لَمْ تَلِقْ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِثْنَاءِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ) أَيْ اسْتِثْنَاءُ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَصْلُحُ لِرَدِّ اسْتِثْنَاءِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ، فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْكَافِرَ يَصِحُّ طَلَاقُهُ لِزَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ لَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ مِمَّا مَرَّ) وَمِنْهُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ وَذَلِكَ
[حاشية الرشيدي]
حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ بِالنَّسَّةِ لِشِقِّهِ الثَّانِي فَقَطْ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي الثَّانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute