للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ يُزَوِّجُهَا، وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ فِي ذَلِكَ بَلْ أَوْلَى، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ رَقِيقٍ فِي نَحْوِ بَيْعٍ أَذِنَ سَيِّدُهُ وَلَوْ بِجُعْلٍ، وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ عَلَى طِفْلٍ أَوْ مَالِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ

(وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوَكِّلُ) حَالَةَ التَّوْكِيلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَأْذَنُ فِيهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِيمَنْ يُوَكِّلُ فِي مَالِهِ وَإِلَّا فَنَحْوُ الْوَلِيِّ وَكُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا يَمْلِكُهُ، وَرَدُّ الْغَزِّيِّ لَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ لَا مَحِلُّ التَّصَرُّفِ يُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمَحِلُّ وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ) أَوْ إعْتَاقِ (عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ مُعَيَّنًا أَمْ مَوْصُوفًا أَمْ لَا، لَكِنْ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ تَابِعًا لِمَمْلُوكٍ كَمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ (وَطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا) مَا لَمْ تَكُنْ تَبَعًا لِمَنْكُوحَةٍ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ طَلُقَتْ عَلَى مَا قَالَاهُ هَذَا وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ: أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي إذَا حَلَلْت، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّةِ إذْنِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ لِوَلِيِّهَا كَمَا نَقَلَاهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ، وَعَدَمُ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا.

وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْإِذْنِ كَمَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ: زَوِّجْ بِنْتِي إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَفِي هَذَا التَّوْكِيلِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ إذْ هُوَ قَائِلٌ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الْإِذْنِ دُونَ التَّوْكِيلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَزْوِيجَ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَزْوِيجَ الْوَكِيلِ بِالْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُولَى أَقْوَى فَيُكْتَفَى فِيهَا بِمَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَنَّ بَابَ الْإِذْنِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ، وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ بِحَمَلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَمَا لَوْ حُكِمَ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُزَوِّجُهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَبِجُعْلٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ وَيَمْتَنِعُ إلَخْ وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) مَعْنَى مُطْلَقًا بِإِذْنٍ أَوَّلًا، وَيَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقِيَاسَ الْبُطْلَانُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصِّحَّةِ بِصِحَّةِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ إذْنٍ.

وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا إتْلَافَ مَنْفَعَةٍ لِلْغَيْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُ سم وَالْوَصِيَّةُ، يُفِيدُ أَنَّ قَبُولَهُ لِلْوَصِيَّةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْهِبَةِ أَنَّ الْقَبُولَ فِي الْهِبَةِ فَوْرِيٌّ، فَلَوْ مَنَعْنَاهُ مِنْهُ فَرُبَّمَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَقَبُولِ السَّيِّدِ لِغَيْبَتِهِ مَثَلًا فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْهِبَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهَا كَوْنُ الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ شَرْطُ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ مَا يُرِيدُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمَحِلُّ) قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُوَكِّلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حِينَ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ) قَدْ يُقَالُ التَّفْرِيعُ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْمُرَادِ مَلَّكَهُ التَّصَرُّفَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا التَّصَرُّفَ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ أَمْ لَا. وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَفِيهِمَا الْخِلَافُ وَهُمَا مَا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِحَاضِرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) لَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِلَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ الْحُكْمَ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا مَضَى لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَفْعَالُ الْوَاقِعَةُ فِي عِبَارَاتِ الْمُصَنِّفِينَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ مِنْهَا مُجَرَّدَ الْحَدَثِ دُونَ الزَّمَانِ، فَلَا فَرْقَ فِي الْمُرَادِ مِنْ التَّعْبِيرِ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَاهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِذْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالتَّوْكِيلِ مِنْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجُعْلٍ) غَايَةٌ فِي اشْتِرَاطِ الْإِذْنِ فَإِنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَّ جُعْلٌ لَا يَحْتَاجُ لِلْإِذْنِ وَفِي نُسْخَةٍ عَقِبَ قَوْلِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ بِجُعْلٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ تَكَسُّبٌ اهـ.

وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ مِثْلِ هَذِهِ النُّسْخَةِ نَصُّهَا: كَذَا عَبَّرَ بِهِ شَارِحٌ وَصَوَابُهُ لَا يَتَوَكَّلُ بِلَا إذْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فِيمَا يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَتُهُ كَبَيْعٍ وَلَوْ بِجُعْلٍ بَلْ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا كَقَبُولِ نِكَاحٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ انْتَهَتْ.

وَنُسَخُ الشَّارِحِ مُخْتَلِفَةٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ مُخْتَارُهُ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَاهُ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّبَرِّي كَلَامَ حَجّ

<<  <  ج: ص:  >  >>