فِيهِ، وَلَا تُجْزِي النِّيَّةُ فِي وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْمُوَكِّلِ. إذْ الْوَاهِبُ وَنَحْوُهُ قَدْ يَسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ. نَعَمْ لَوْ نَوَاهُ الْوَاهِبُ أَيْضًا وَقَعَ عَنْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يَقْصِدُ بِتَبَرُّعِهِ الْمُخَاطَبَ، وَكَأَنْ تَضَمَّنَ عَقْدُ الْبَيْعِ الْعَتَاقَةَ كَأَنْ وَكَّلَ قِنًّا فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ عَكْسِهِ لِأَنَّ صَرْفَ الْعَقْدِ عَنْ مَوْضُوعِهِ بِالذِّمَّةِ مُتَعَذِّرٌ، وَلِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ لَا يَرْضَى بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ الْإِعْتَاقَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ (وَلَوْ قَالَ: بِعْت) هَذَا (مُوَكِّلَك زَيْدًا فَقَالَ: اشْتَرَيْت لَهُ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) وَلَوْ وَافَقَ الْإِذْنَ وَحُذِفَ لَهُ لِانْتِفَاءِ خِطَابِ الْعَاقِدِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذِكْرُهُ مُتَعَيَّنًا فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهِ سَفِيرٌ مَحْضٌ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ بِحَالٍ، فَإِنْ قَالَ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك وَقَالَ قَبِلْت لَهُ صَحَّ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا بِمُقَابِلِ الْمَذْهَبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مُوَافِقِ الْإِذْنِ
(وَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ) لِنِيَابَتِهِ عَنْ مُوَكِّلِهِ فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إحْسَانٍ وَالضَّمَانُ مُنَفَّرٌ عَنْهُ (فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ) كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ، وَمِنْ التَّعَدِّي أَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ مِنْهُ وَلَا يَعْرِفُ كَيْفَ ضَاعَ أَوْ وَضَعَهُ بِمَحِلٍّ ثُمَّ نَسِيَهُ، وَهَلْ يَضْمَنُ بِتَأْخِيرِ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ وَأَخَّرَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِأَنْ قَالَ: وَهَبْتُك وَأَطْلَقَ أَوْ وَهَبْتُك لِمُوَكِّلِك، أَمَّا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك لِنَفْسِك أَوْ وَهَبْتُك وَنَوَى كَوْنَ الْهِبَةِ لِلْوَكِيلِ دُونَ غَيْرِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبِلْت لِمُوَكِّلِي فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَقْبَلْ مَا أَوْجَبَهُ الْمُوَكِّلُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقَلَا عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادَ مَا جَنَحْنَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَجْزِي النِّيَّةُ) أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ نَوَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ
(قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ مَعَ نِيَّةِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ وَكَّلَ الْقِنُّ غَيْرَ مَا يَشْتَرِيهِ مِنْ سَيِّدِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَرْفَ الْعَقْدِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَكُلَّ قِنٍّ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَالِكَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَكْسِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِمُقَابِلِ الْمَذْهَبِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّى إلَخْ) أَيْ كَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ اهـ مَحَلِّيٌّ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا مِنْ لُبْسِ الدَّلَّالِينَ لِلْأَمْتِعَةِ الَّتِي تُدْفَعُ إلَيْهِمْ وَرُكُوبِ الدَّوَابِّ أَيْضًا الَّتِي تُدْفَعُ إلَيْهِمْ لِبَيْعِهَا مَا لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ أَوْ تَجْرِي بِهِ الْعَادَةُ وَيَعْلَمُ الدَّافِعُ بِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ فَلَا يَكُونُ تَعَدِّيًا لَكِنْ يَكُونُ عَارِيَّةً فَإِنْ تَلِفَ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عَلَى مَا مَرَّ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ ضَمَانَ الْغُصُوبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَسِيَهُ) أَيْ أَوْ نَسِيَ مَنْ عَامَلَهُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَفَاتَ رَاجَعَهُ فِي الْبَيْعِ ثَانِيًا وَإِلَّا بَاعَهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ سُرِقَ أَوْ تَلِفَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَّرَ الْبَيْعَ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ)
[حاشية الرشيدي]
وَيُضِيفُهَا لِبَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ لِضَرُورَةِ الْعِمَارَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَجَرْت حِصَّةَ فُلَانٍ وَهِيَ كَذَا لِضَرُورَةِ الْعِمَارَةِ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ الْمَذْكُورَةُ وَتَقَعُ الْإِجَارَةُ شَائِعَةً عَلَى الْجَمِيعِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قَدْ يَسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ بِأَنْ وَكَّلَ الْقِنُّ غَيْرَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ صُرِفَ إلَى آخِرِهِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ كَأَنْ وَكَّلَ قِنًّا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَالِكَ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَكْسَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَوَاقِفِ الْإِذْنِ) لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَلَوْ وَافَقَ الْإِذْنَ وَهُوَ تَابِعٌ فِي السَّابِقِ لِلشِّهَابِ حَجّ، وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعِي الْخِلَافَ، وَتَبِعَ فِي اللَّاحِقِ الشَّارِحَ الْجَلَالَ فَلَمْ يَلْتَئِمْ الْكَلَامُ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ ضَمَانُهُ بِالْفَسَادِ أَوْ بِضَيَاعِهِ فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute