مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَلَا يَنْعَزِلُ) بِالتَّعَدِّي بِغَيْرِ إتْلَافِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ وَالْأَمَانَةُ حُكْمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا ارْتِفَاعُ أَصْلِهَا كَالرَّهْنِ.
وَالثَّانِي يَنْعَزِلُ كَالْمُودَعِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ مَحْضُ ائْتِمَانٍ، وَمَحِلُّ هَذَا الْوَجْهِ إذَا تَعَدَّى بِالْفِعْلِ، فَإِنْ تَعَدَّى بِالْقَوْلِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَوْ بِسَلَمٍ لَمْ يَنْعَزِلْ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ وَنَحْوُهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ.
نَعَمْ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ انْعَزَلَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ كَالْوَصِيِّ يَفْسُقُ إذْ لَا يَجُوزُ إبْقَاءُ مَالِ مَحْجُورٍ بِيَدِ غَيْرِ عَدْلٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ إبْقَاءِ الْمَالِ فِي يَدِهِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ بَقَائِهِ وَكِيلًا فَلَا لِعَدَمِ كَوْنِهِ وَلِيًّا فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالتَّصَرُّفِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُوَكِّلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَاسِقًا لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْتِدَاءِ، وَيُغْتَفَرُ هُنَا طُرُوُّ فِسْقِهِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَيَزُولُ ضَمَانُهُ عَمَّا تَعَدَّى فِيهِ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ فِيهِ، فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ مَثَلًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ عَادَ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ يَرْتَفِعُ مِنْ حِينِهِ عَلَى الرَّاجِحِ غَيْرَ أَنَّا لَا نَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ أَصْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْمَغْصُوبِ غَاصِبَهُ فِي بَيْعِهِ فَبَاعَهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِبَيْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ قَبْضِ مُشْتَرِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قُوَّةُ يَدِ الْوَكِيلِ الَّذِي طَرَأَ تَعَدِّيهِ لِكَوْنِهِ نَائِبًا عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ مَعَ كَوْنِهَا يَدَ أَمَانَةٍ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ، وَضَعْفُ يَدِ الْغَاصِبِ لِتَعَدِّيهِ فَلَيْسَتْ بِيَدٍ شَرْعِيَّةٍ فَانْقَطَعَ حُكْمُهَا بِمُجَرَّدِ زَوَالِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِسَفَرِهِ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ وَبَاعَهُ فِيهِ ضَمِنَ ثَمَنَهُ وَإِنْ تَسَلَّمَهُ وَعَادَ مِنْ سَفَرِهِ فَيُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَالْمَالِ بِعُذْرٍ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْمُودَعِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: بِعْ هَذَا بِبَلَدِ كَذَا وَاشْتَرِ لِي بِثَمَنِهِ قِنًّا جَازَ لَهُ إيدَاعُهُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْصِدِ عِنْدَ حَاكِمٍ أَمِينٍ ثُمَّ أَمِينٍ إذْ الْعَمَلُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ وَلَا تَغْرِيرَ مِنْهُ بَلْ الْمَالِكُ هُوَ الْمُخَاطِرُ بِمَالِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاءُ الْقِنِّ وَلَوْ اشْتَرَاهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَخَّرَ فَلَا ضَمَانَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ ظَرْفًا فِيهِ شَيْءٌ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ أَوْ لَا فَأَخَّرَ وَلَمْ يَنْظُرْ مَا فِي الظَّرْفِ عَدَمُ الضَّمَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ وَلَوْ تَلِفَ بِنَحْوِ السَّرِقَةِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ صَارَ كَالْغَاصِبِ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا وَضْعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ فَوَاتِ الزَّمَنِ الَّذِي أَمْكَنَ الْبَيْعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ هَذَا الْوَجْهِ) هُوَ قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَنْعَزِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ فِي الْكِفَايَةِ) فِي نُسْخَةٍ ذَكَرَهُ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ) هُوَ قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ وَلِيٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَحَيْثُ وَكَّلَ لَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ فِيهِ) أَيْ الثَّمَنِ
(قَوْلُهُ: لَانْقَطَعَ النَّظَرُ عَنْ أَصْلِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْكِلُ) أَيْ عَوْدُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فَبَاعَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ. [فَرْعٌ] لَوْ أَرْسَلَ إلَى بَزَّازٍ لِيَأْخُذَ مِنْهُ ثَوْبًا سَوْمًا فَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ الْمُرْسِلُ لَا الرَّسُولُ اهـ عب. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا أَرْسَلَ إلَى آخَرَ جَرَّةً لِيَأْخُذَ فِيهَا عَسَلًا فَمَلَأَهَا وَدَفَعَهَا لِلرَّسُولِ وَرَجَعَ بِهَا فَانْكَسَرَتْ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْسِلِ. وَمَحِلُّهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ تَلِفَ الثَّوْبُ وَالْجَرَّةُ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْ الرَّسُولِ وَإِلَّا فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرْسِلُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ) أَيْ يَدُ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ) أَيْ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَسَلَّمَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: وَعَادَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَصَلَ بِهِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَزُولُ ضَمَانُهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ إيدَاعُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ فِي بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ وَلِيِّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَنْعَزِلُ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute