أَمَّا إقْرَارُ الْمُفْلِسِ بِالنِّكَاحِ فَمَقْبُولٌ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَلَا يُقْبَلُ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِهِ لِمَنْ صَدَّقَهَا كَالرَّشِيدَةِ إذْ لَا أَثَرَ لِلسَّفَهِ مِنْ جَانِبِهَا لِتَحْصِيلِهَا الْمَالَ بِهِ بِخِلَافِ الذَّكَرِ.
(وَيُقْبَلُ) (إقْرَارُ الرَّقِيقِ بِمُوجِبِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (عُقُوبَةٍ) كَقَوَدٍ وَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ وَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُؤْلِمِ مَا أَمْكَنَهَا، وَلَوْ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا (وَلَوْ) (أَقَرَّ) مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرُهُ (بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً) أَيْ حَدًّا أَوْ قَوَدًا كَجِنَايَةِ خَطَأٍ أَوْ غَصْبٍ وَإِتْلَافٍ أَوْ أَوْجَبَتْهَا كَسَرِقَةٍ وَإِنْ زَعَمَ كَوْنَ الْمَسْرُوقِ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ سَيِّدِهِ (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ) فِي ذَلِكَ أَوْ سَكَتَ (تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ) لِلتُّهْمَةِ فَيُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يَكُنْ جَانِيًا وَلَا مَرْهُونًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ وَلَا يُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ عِتْقِهِ إذْ مَا تَعَلَّقَ بِالرَّقَبَةِ مُنْحَصِرٌ فِيهَا (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ) وَهُوَ مَا وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ (لَمْ يُقْبَلْ عَلَى السَّيِّدِ) وَلَوْ صَدَّقَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ) بَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِتَقْصِيرِ مُعَامِلِهِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ (وَيُقْبَلُ) إقْرَارُهُ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ (إنْ كَانَ) مَأْذُونًا لَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَلِهَذَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَضَافَهُ لِزَمَنِ الْإِذْنِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْإِنْشَاءِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا كَانَ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ عَلَى الْغُرَمَاءِ صَحِيحًا لِبَقَاءِ مَا يَبْقَى لَهُمْ فِي ذِمَّتِهِ وَالْعَبْدُ لَوْ قَبِلَ فَاتَ حَقُّ السَّيِّدِ بِالْكُلِّيَّةِ.
أَمَّا مَالًا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَالْقَرْضِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. لَا يُقَالُ: مَا اقْتَرَضَهُ إنْ كَانَ لِنَفْسِهِ كَانَ فَاسِدًا أَوْ لِلتِّجَارَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ، فَقَدْ رُدَّ بِأَنَّ السَّيِّدَ مُنْكِرٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ أَنَّ عَدَالَتَهُمَا إلَخْ، قِيلَ هَذَا الْفَرْقُ لَيْسَ بِشَيْءٍ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِمُوجِبِ) أَيْ بِسَبَبٍ وَقَوْلُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا كَالضَّمَانِ أَوْ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ) أَيْ وَأَمَّا الْمَالُ فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ تَالِفًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ) غَايَةٌ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ الْمَالَ (قَوْلُهُ: أَيْ حَدًّا إلَخْ) إنَّمَا فَسَّرَ الْعُقُوبَةَ بِذَلِكَ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ الَّذِي هُوَ عُقُوبَةٌ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ حَيْثُ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ) إنَّمَا أَخَذَهَا غَايَةً لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا بَاقِيَةً لَمْ يَكُنْ ثَمَّ دَيْنٌ حَتَّى يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ: أَيْ الْعَبْدُ، وَقَوْلُهُ جَانِيًا: أَيْ جِنَايَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَانِيًا أَوْ مَرْهُونًا لَمْ يُؤَثِّرْ تَصْدِيقُ السَّيِّدِ فَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ أَوْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ حَقِّهِ أَوْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الدَّيْنِ ثُمَّ عَادَ لِمِلْكِ السَّيِّدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مُؤَاخَذَةٌ لِلسَّيِّدِ بِتَصْدِيقِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَانَ) دَفَعَ بِهِ مَا يَرُدُّ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ مَا يَبْقَى لَهُمْ) أَيْ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ قُبِلَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا قَبْلَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ لَوْ قَبْلَ) أَيْ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ) عَبْدٌ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ رَدَّ بِأَنَّ السَّيِّدَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ عَلَى الِاقْتِرَاضِ تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ وَمَا فِي يَدِهِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالْقَرْضُ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ إلَخْ خِلَافُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، هَذَا وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ مِنْ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ اضْطَرَّ إلَى اقْتِرَاضِ مَا يَصْرِفُهُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ كَأَنْ مَاتَتْ الْجِمَالُ الَّتِي تَحْمِلُ مَالَ التِّجَارَةِ وَاحْتَاجَ إلَى مَا يَصْرِفُهُ فِي أُجْرَةِ الْحَمْلِ فَاقْتَرَضَ مَا يَصْرِفُهُ عَلَيْهِ أَنَّ مَا اقْتَرَضَهُ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ الْقَرْضَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ التِّجَارَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ حَيْثُ تَعَيَّنَ الِاقْتِرَاضُ طَرِيقًا لِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ تَعَلَّقَ بِمَالِ التِّجَارَةِ لِلْعِلْمِ بِرِضَا السَّيِّدِ
[حاشية الرشيدي]
يُفَرَّقَ بِأَنَّ عَدَالَتَهُمَا مَعَ خِبْرَتِهِمَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إقْرَارُ الْمُفْلِسِ بِالنِّكَاحِ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا إذْ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُ إقْرَارَ السَّفِيهِ بِهِ) قَالَ وَالِدُ الشَّارِحِ: بِأَنْ تَقُولَ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيٌّ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَ شَرْطًا
(قَوْلُهُ: كَالْقَرْضِ) قَالَ وَالِدُهُ: مِثْلُ الْقَرْضِ الشِّرَاءُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ السَّيِّدَ مُنْكِرٌ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ اعْتَرَفَ بِهِ لَزِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute