للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَرْضُ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ التِّجَارَةِ الَّذِي يَضْطَرُّ إلَيْهَا التَّاجِرُ فَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَوْ أَطْلَقَ الدَّيْنَ لَمْ يُقْبَلْ أَيْضًا: أَيْ إلَّا إنْ اسْتَفْسَرَ وَفَسَّرَ بِالتِّجَارَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَايَاتِيُّ (وَيُؤَدِّي) مَا لَزِمَهُ (مِنْ كَسْبِهِ) بِنَحْوِ شِرَاءٍ صَحِيحٍ لَا فَاسِدٍ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لَهُ (وَمَا فِي يَدِهِ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَإِقْرَارُ مُبَعَّضٍ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْقِنِّ كَالْقِنِّ لِمَا مَرَّ وَلِبَعْضِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ فِيمَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ يَجِبُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ إلَى الْعِتْقِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا مَلَكَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ فَاقْتَضَى الْحَالُ تَأْخِيرَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ.

(وَيَصِحُّ) (إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ لَأَجْنَبِيٍّ) بِمَالِ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فَيَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ.

نَعَمْ لِلْوَارِثِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْقَفَّالِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلَهُمْ تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِي كُلِّ دَعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَتْهُ، وَمَا يَأْتِي فِي الْوَارِثِ وَكَوْنِ التُّهْمَةِ فِيهِ أَقْوَى غَيْرُ مُنَافٍ تَوْجِيهَ الْيَمِينِ (وَكَذَا) يَصِحُّ إقْرَارُهُ (لِوَارِثٍ) حَالَ الْمَوْتِ بِمَالٍ وَإِقْرَارُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ مَعَ قَبْضٍ فِي الصِّحَّةِ قُبِلَ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ عُرِفَ أَنَّهَا مِلْكُهُ: هَذِهِ لِوَارِثِي نَزَلَ عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ كَمَا يَأْتِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ كَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَوْ بَعْضُهُمْ لِانْتِهَائِهِ إلَى حَالَةٍ يَصْدُقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيَتُوبُ الْفَاجِرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحِقٌّ، وَفِي قَوْلٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِحِرْمَانِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِذَلِكَ قَطْعًا وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَاضْطَرَّ لِنَحْوِ جُوعٍ أَوْ بَرْدٍ وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ السَّيِّدِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِرَاضُ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ جَوَازُ الِاقْتِرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا أَشْهَدَ عَلَى الِاقْتِرَاضِ، وَيَتَعَلَّقُ مَا اقْتَرَضَهُ بِكَسْبِهِ إنْ كَانَ كَسُوبًا فَيُقَدَّمُ بِهِ صَاحِبُهُ عَلَى السَّيِّدِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا رَجَعَ بِهِ عَلَى السَّيِّدِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَلِبَعْضِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَلَمَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ فَفِي سم عَلَى مَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي تَفَاصِيلِ الْمُبَعَّضِ بَيْنَ الْمُهَايَأَةِ وَغَيْرِهَا اهـ.

أَقُولُ: وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ بِالْمُهَايَأَةِ وَعَدِمَهَا وَمُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ) أَيْ أَمَّا مَا لَزِمَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ فَيُطَالَبُ بِهِ حَالًّا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ مِنْ أَنَّ الرَّقِيقَ لَوْ اشْتَرَى مَثَلًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ، وَلَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ لِكُلِّهِ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمَّا كَانَ رَقِيقًا وَقْتَ الْمُعَامَلَةِ اُسْتُصْحِبَ لِكَمَالِ الْحُرِّيَّةِ وَمَا هُنَا لَمَّا كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا قَوِيَ جَانِبُ تَعَلُّقِهِ بِهِ حَالًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ يُسْتَصْحَبُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَعَلَّقُ) أَيْ مَا لَزِمَهُ.

(قَوْلُهُ: بِمَالِ عَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ بِالْمَقَرِّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَعْرُوفَةَ بِهِ يَنْزِلُ الْإِقْرَارُ بِهَا عَلَى الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَوْلُهُ حَلَفَ: أَيْ الْوَارِثُ، وَقَوْلُهُ بِذَلِكَ: أَيْ الْوَالِدِ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ الدَّعْوَى بِمَعْنَى أَنَّ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَهُ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِانْتِهَائِهِ إلَى حَالَةٍ يَصْدُقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَقَوْلُهُ غَيْرُ مُنَافٍ تَوْجِيهَ الْيَمِينِ: أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ يَحْتَمِلُ أَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحَقَّقٌ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارٌ) أَيْ فِي الْمَرَضِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ) أَيْ فَيَتَوَقَّفُ نُفُوذُهُ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ كَذَا قِيلَ، وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ لَكِنْ عَلَى الْمَذْهَبِ: فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي الْإِقْرَارِ حَالَ الْمَرَضِ خِلَافًا دُونَ الصِّحَّةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ نَزَلَ عَلَى الْمَرَضِ وَالْعَيْنُ مَعْرُوفَةٌ بِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهَا فِي مَرَضِهِ لِلْوَارِثِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، هَذَا وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْعَيْنِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ أَنَّ الْإِقْرَارَ إذَا كَانَ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي الصِّحَّةِ فَتَسْلَمُ لِلْمَقَرِّ لَهُ لِاحْتِمَالِ بَيْعِهَا لَهُ أَوْ هِبَتِهَا مِنْهُ مَعَ إقْبَاضِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ التَّمْلِيكِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>