بَعْضِ الْوَرَثَةِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْقَبُولِ، وَاخْتَارَ جَمْعٌ عَدَمَ قَبُولِهِ إنْ اُتُّهِمَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ بَلْ قَدْ تَقْطَعُ الْقَرَائِنُ بِكَذِبِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَخْشَى اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ أَوْ يُفْتِيَ بِالصِّحَّةِ، وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا عَلِمَ أَنَّ قَصْدَهُ الْحِرْمَانَ، وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ.
وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي إقْرَارِ الزَّوْجَةِ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا، وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ إنْ أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ لَازِمٍ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَقَاسَمُوهُ، وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ بِإِسْقَاطِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِنَحْوِ عُقُوبَةٍ أَوْ نِكَاحٍ جَزْمًا وَإِنْ أَفْضَى إلَى مَالٍ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى وَارِثِهِ ضَمِنَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْ الْوَارِثِ لَمْ يَبْرَأْ، وَفِي الْأَجْنَبِيِّ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْجَوَاهِرِ أَوْجُهُهُمَا بَرَاءَةُ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَدْ نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي عَدَمِ بَرَاءَةِ الْوَارِثِ وَالنَّظَرُ ظَاهِرٌ إذْ هَذَا لَا يَزِيدُ عَلَى الْإِقْرَارِ لَهُ بِدَيْنٍ.
(وَلَوْ) (أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ) لِشَخْصٍ (وَفِي مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ) (لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ) بَلْ يَتَسَاوَيَانِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ.
(وَلَوْ) (أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ لِشَخْصٍ (وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ) (لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ كَإِقْرَارِ الْمُوَرِّثِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدِّينَيْنِ، وَالثَّانِي: يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ صَرْفُهَا عَنْهُ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ فِي الْإِرْثِ وَهُمَا مُسْتَغْرِقَانِ كَزَوْجَةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ جَمْعٌ عَدَمَ قَبُولِهِ) أَيْ لِلْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَخْشَى اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ) أَيْ لَكِنْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَلَوْ حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي نَفَذَ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ بِإِسْقَاطِهِمْ) أَيْ فَإِنْ أَرَادُوا التَّحْلِيفَ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ مُكِّنُوا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ: أَيْ ضَمِنَهُ بِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ: أَيْ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ الْوَارِثُ، ذَكَرَ حَجّ أَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ فَرَّعَهُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، قَالَ فَظَنَّهُ بَعْضُهُمْ مَبْنِيًّا عَلَى الصَّحِيحِ فَاعْتَرَضَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِدَيْنٍ مَثَلًا، فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْ بِعَيْنٍ كَأَنْ قَالَ الْمُوَرِّثُ: هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ وَقَالَ الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ: هَذَا لِعَمْرٍو فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا قَالَ: هَذَا لِزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ: هَذَا لِعَمْرٍو وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ لِزَيْدٍ وَيَغْرَمُ لِعَمْرٍو قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ أَحَالَ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ حَقِّهِ لِإِقْرَارِهِ لِزَيْدٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَيُسَلَّمُ الْمُقَرُّ بِهِ لِمَنْ سَمَّاهُ الْمُوَرِّثُ وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُ لِلثَّانِي تَنْزِيلًا لِإِقْرَارِ الْوَارِثِ مَنْزِلَةَ إقْرَارِ الْمُوَرِّثِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّا إنَّمَا غَرَّمْنَا الْمُقِرَّ لِعَمْرٍو لِأَنَّهُ أَحَالَ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ حَقِّهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ بِهِ لِعَمْرٍو وَقَعَ فِي حَالَةِ كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ لَيْسَ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ بِإِقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُقِرِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: قَدْ تَقْطَعُ الْقَرَائِنُ إلَخْ) هَذَا أَوَّلُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ قَوْلِ الشَّارِحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَيْهِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْهُ: نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ لِمَنْ لَا يَسْتَغْرِقُ الْإِرْثَ مَعَهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ، فَالْوَجْهُ إمْضَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ قَطْعًا حَيْثُ لَا يَرِثُهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ مَعَ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ وَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ حِلَّ الْأَخْذِ وَعَدَمَهُ مَنُوطٌ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ
(قَوْلُهُ: وَهُمَا مُسْتَغْرِقَانِ) اعْلَمْ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُسْتَغْرَقِينَ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ دَيْنُ الزَّوْجَةِ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالْإِقْرَارِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَأْخُذُ مِنْ دَيْنِهَا الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ إلَّا مَا يَخُصُّ غَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ وَيَسْقُطُ مِنْهُ مَا يَخُصُّ إرْثَهَا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الرَّهْنِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْإِقْرَارِ فِي ذَلِكَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي ذَلِكَ لَهُ أَثَرٌ، وَلَوْ صَوَّرَ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةَ بِغَيْرِ الْمُسْتَغْرَقِينَ لَظَهَرَ الْأَثَرُ كَمَا لَا يَخْفَى