بِحَيْثُ يُمْكِنُ مُطَالَبَتُهُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ لِحَمْلِ هِنْدٍ كَعَلَيَّ مَالٌ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ، بِخِلَافِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا إنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: أَنَا الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِمَجْهُولٍ كَعِنْدِي مَالٌ لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ نَزَعَ مِنْهُ: أَيْ نَزَعَ مِنْهُ نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَالٍ ضَائِعٍ وَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ وَ (أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمُقَرِّ بِهِ) حِسًّا وَشَرْعًا إذْ الْإِقْرَارُ بِدُونِهِ كَذِبٌ (فَلَوْ قَالَ) : لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ (لِهَذِهِ الدَّابَّةِ عَلَيَّ كَذَا) وَأَطْلَقَ (فَلَغْوٌ) أَيْ الْإِقْرَارُ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ اسْتِحْقَاقِهَا لِعَدَمِ قَابِلِيَّتِهَا لِلْمِلْكِ حَالًّا وَمَآلًا، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا تَعَاطِي السَّبَبِ كَبَيْعٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ كَمَا سَيَأْتِي.
نَعَمْ لَوْ أَضَافَهُ إلَى سَبَبٍ مُمْكِنٍ كَإِقْرَارٍ بِمَالٍ مِنْ نَحْوِ وَصِيَّةٍ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمَمْلُوكَةِ، أَمَّا الْإِقْرَارُ لِخَيْلٍ مُسْبَلَةٍ فَالْأَشْبَهُ فِيهِ الصِّحَّةُ كَالْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ عَلَيْهَا أَوْ وَصِيَّةٍ لَهَا، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (فَإِنْ) (قَالَ) عَلَيَّ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ (بِسَبَبِهَا لِمَالِكِهَا) كَذَا (وَجَبَ) لِإِمْكَانِهِ بِسَبَبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْإِكْرَاهِ ثُمَّ أَقَرَّ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ عِنْدَ ظُهُورِ تِلْكَ الْقَرَائِنِ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ لِلظَّالِمِ الْمُكْرِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ الْحَامِلِ لِلظَّالِمِ عَلَى الْإِكْرَاهِ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى بَيِّنَةِ اخْتِيَارٍ لَمْ يَقُلْ كَانَ مُكْرَهًا وَزَالَ إكْرَاهُهُ ثُمَّ أَقَرَّ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: كَعَلَيَّ مَالٌ) مِثَالٌ لِلتَّعْيِينِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْبِضُ مَالَ الْغَائِبِينَ فِي الذِّمَمِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ بِحَيْثُ تُوجِبُ الْمَصْلَحَةُ قَبْضَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَقَوْلُهُ مِنْهُمْ: أَيْ مِنْ الْعَشَرَةِ، وَقَوْلُهُ نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ الَّذِي نَقَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَوَلَّى حِفْظَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَرُدُّهُ بِالْإِقْرَارِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: فَإِنْ كَانَ قَالَ: لِأَحَدِهِمْ عَلَيَّ أَلْفٌ فَلِكُلٍّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتَحْلِيفُهُ، فَإِنْ حَلَفَ لِتِسْعَةٍ فَهَلْ تَنْحَصِرُ الْأَلْفُ فِي الْعَاشِرِ فَيَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ أَوْ يَحْلِفُ لَهُ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي حَلِفِهِ لِلَّذِي قَبْلَهُ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، ثُمَّ رَأَيْتهمْ قَالُوا فِي إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَنِسَائِي طَوَالِقُ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَأَشْكَلَ لَوْ أَنْكَرَ الْحِنْثَ فِي يَمِينِ أَحَدِهِمَا كَانَ اعْتِرَافًا بِهِ فِي الْآخَرِ، فَقَوْلُهُ: لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ وَعَكْسِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ اهـ.
وَهُوَ كَوْنُ الْعَاشِرِ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: نَزَعَ مِنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَهُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ لِرَجُلٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِفَسَادِ الصِّيغَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ مَا هُنَا فِي الْعَيْنِ وَمَا هُنَاكَ فِي الدَّيْنِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ، ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ أَجَابَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ، وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ ثُمَّ فَسَّرَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ) فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: حِسًّا وَشَرْعًا) أَيْ بِأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ فِيهِ الْحِسُّ وَلَا الشَّرْعُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَغْوٌ: أَيْ لِتَكْذِيبِ الْحِسِّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِيسِ وَالشَّرْعِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ فِيهِ الصِّحَّةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ) تَقْدِيرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَيْ الْمَتْنِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلِي عَلَيْك عَشَرَةٌ) إنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا لِتَصِحَّ الدَّعْوَى إذْ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: صَدَقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ) وَلِكُلٍّ مِنْ الْعَشَرَةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ لِتِسْعَةٍ انْحَصَرَ الْأَلْفُ فِي الْعَاشِرِ بِلَا تَحْلِيفٍ كَمَا يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِهِ كَلَامُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنِ الْمَجْهُولِ) خَرَجَ بِالْعَيْنِ الدَّيْنُ فَالْإِقْرَارُ بِهِ لِمَجْهُولٍ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَهُ (قَوْلُهُ: لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ) مِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَلَيْسَ هُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مُنَاسَبَةُ إيرَادِهِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَبْسُوطًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُمَثِّلَ لِلْمُسْتَحِيلِ حِسًّا.
(قَوْلُهُ: عَلَيَّ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ) كَأَنَّ الدَّاعِيَ لَهُ إلَى ذِكْرِ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute