للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِيلَاءٌ عَلَى مَالٍ أَوْ حَقٍّ لِلْغَيْرِ فَكَيْفَ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا حَقٍّ لِشُمُولِهِ ذَلِكَ لُغَةً وَعُرْفًا فَصَحَّ التَّفْسِيرُ بِهِ.

(وَلَا) يُقْبَلُ أَيْضًا (بِعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ (وَرَدِّ سَلَامٍ) لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِمَا، وَيُقْبَلُ بِهِمَا فِي لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ لِشُيُوعِ الْحَقِّ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي ذَلِكَ كَكُلِّ مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ شَرْعًا وَعُرْفًا، فَقَدْ عَدَّ فِي الْخَبَرِ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ رَادًّا بِهِ اسْتِشْكَالَ الرَّافِعِيِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِ الشَّيْءِ أَعَمُّ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَخَصِّ مَا لَا يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَعَمِّ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْفَرْقُ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ ظَوَاهِرَ الْأَلْفَاظِ وَحَقَائِقَهَا فِي الْإِقْرَارِ بَلْ قَالَ: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ لَا أَلْزَمَ إلَّا الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا اسْتَعْمَلَ الْغَلَبَةَ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ الْحَقِيقَةَ عَلَى الْمَجَازِ وَلَا الظَّاهِرَ عَلَى الْمُؤَوَّلِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ.

رُدَّ بِمَنْعِ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ بَلْ وَلَا ظَاهِرًا فِيهِ، كَيْفَ وَعُمُومُ هَذَا النَّفْيِ النَّاشِئِ عَنْ فَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ هُنَا مَا انْتَفَتْ عَنْهُ الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُوجَدَ إقْرَارٌ يُعْمَلُ بِهِ إلَّا نَادِرًا وَلَا يَتَوَهَّمُ هَذَا أَحَدٌ، وَمَنْ عَرَفَ فُرُوعَ الْبَابِ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ، وَبِقَوْلِهِ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ: أَيْ حَيْثُ عَارَضَهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، وَحِينَئِذٍ اتَّجَهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ أَوْ غَصَبْتُكَ مَا تَعْلَمُ لَمْ يَصِحَّ إذْ قَدْ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت غَيْرَ نَفْسِك قُبِلَ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُك شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت نَفْسَك لَمْ تُقْبَلْ إرَادَتُهُ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ شَيْئًا تَعْلَمُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ بِأَنَّ شَيْئًا اسْمٌ تَامٌّ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بِخِلَافِ مَا (وَلَوْ) (أَقَرَّ بِمَالٍ) مُطْلَقٍ (أَوْ مَالٍ عَظِيمٍ أَوْ كَبِيرٍ) بِمُوَحَّدَةٍ (أَوْ كَثِيرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ أَوْ جَلِيلٍ أَوْ خَطِيرٍ أَوْ وَافِرٍ أَوْ نَفِيسٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِمَّا بِيَدِهِ أَوْ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَوْ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ عَلَى فُلَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْهُ) أَيْ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يُتَمَوَّلْ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَقُمْعِ بَاذِنْجَانَةٍ: أَيْ صَالِحٍ لِلْأَكْلِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مَالٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فِيمَا فَوْقَهُ، وَوَصْفُهُ بِنَحْوِ الْعَظِيمِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِتَيَقُّنِ حِلِّهِ أَوْ الشَّحِيحِ أَوْ لِكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ وَعِقَابِ غَاصِبِهِ وَثَوَابِ بَاذِلِهِ لِنَحْوِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضٍ) كَمَجْلِسٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ.

وَنَقَلَ الشَّنَوَانِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ) مِنْهَا عَدَمُ احْتِمَالِ الْمَجَازِ وَالْإِضْمَارِ وَالنَّقْلِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَالنَّسْخِ وَعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ) أَيْ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك) أَيْ نَفْسَك (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ فُلَانٍ) الْمَشْهُورِ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ صَالِحٍ) هَلَّا قَالَ مَثَلًا أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ وَلَمْ يَصْلُحْ لَهُ عُدَّ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ بِالْمَرَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ ذَلِكَ) أَيْ لِشُمُولِ الْغَصْبِ مَا لَا يَقْتَضِي.

وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْإِشْكَالَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ الْغَصْبِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَنَحْنُ لَا نَلْتَزِمُهُ وَنَنْظُرُ إلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعُدُّ مَا ذُكِرَ غَصْبًا

(قَوْلُهُ: لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ خَاصًّا بِقَرِينَةِ عَلَيَّ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْفَرْقُ) أَيْ فَرْقُ السُّبْكِيّ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمُطْلَقِ وَالشَّيْءِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِقْرَارِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: كَيْفَ وَعُمُومُ هَذَا النَّفْيِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ ظَوَاهِرَ الْأَلْفَاظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>