للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ أَكَانَ بِيَدِهِ حِينَئِذٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ وَارِثُ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ صُدِّقَ وَارِثُ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُجُودِ ذَلِكَ فِيهَا حَالَةَ الْإِقْرَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَقْنَع مِنْهُ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا شَيْئًا، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي يُصَدَّقُ الْمُقَرُّ لَهُ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ سَاكِنَةٌ مَعَهُ فِي الدَّارِ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي نِصْفِ الْأَعْيَانِ بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا مَعَهُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا صُلْحٌ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِكِلَيْهِمَا.

(وَلَا يُقْبَلُ بِمَا لَا يُقْتَنَى كَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ لَا نَفْعَ فِيهِ) بِوَجْهٍ حَالًّا وَلَا مَآلًا، وَخَمْرٍ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ؛ لِأَنَّ " عَلَيَّ " تَقْتَضِي ثُبُوتَ حَقٍّ وَهَذَا لَيْسَ حَقًّا وَلَا اخْتِصَاصًا وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا، وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِخِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ إذَا أَقَرَّ لِذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهِمَا إذَا لَمْ يُظْهِرْهُمَا وَيَجِبُ رَدُّهُمَا لَهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ غَصَبْت مِنْهُ شَيْئًا صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِمَا لَا يُقْتَنَى إذْ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يُشْعِرُ بِالْتِزَامِ حَقٍّ إذْ الْغَصْبُ لَا يَقْتَضِي الْتِزَامًا وَثُبُوتَ مَالٍ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي الْأَخْذَ قَهْرًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَيَّ، وَلَا يُشْكِلُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْغَصْبِ بِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عِبَارَةُ حَجّ عَنْ الْأَنْوَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا عُرِفَ لِي لِفُلَانٍ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) فِي حَجّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ: ابْنُ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ سَاكِنَةٌ مَعَهُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ السَّاكِنُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ جُعِلَ فِي أَيْدِيهِمْ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: فِي نِصْفِ الْأَعْيَانِ) أَيْ الَّتِي فِي الدَّارِ، بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهَا كَخَلْخَالٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِ لِانْفِرَادِهَا بِالْيَدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَلْبُوسًا لَهَا وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ أَوْ لَا حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهَا تَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ فِي النَّفَقَاتِ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ عِنْدِي بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَا مَعَ دَوَامِ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَاخْتِلَافُ وَرَثَتِهِمَا كَهُمَا، وَكَذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ، وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ كَالْحُلِيِّ وَالْغَزْلِ أَوْ لَهُمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَالْمُصْحَفِ وَهُمَا أُمِّيَّانِ وَالنَّبْلِ وَتَاجِ الْمُلُوكِ وَهُمَا عَامِّيَّانِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا فَهُوَ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا حُكْمًا فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا فَلَهَا، وَاَلَّذِي يَصْلُحُ لَهُمَا فَلَهُمَا، وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَمْلِكُ مَتَاعَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ تَمْلِكُ مَتَاعَ الرَّجُلِ، إذْ لَوْ اُسْتُعْمِلَتْ الظُّنُونُ لَحُكِمَ فِي دَبَّاغٍ وَعَطَّارٍ تَدَاعَيَا عِطْرًا وَدِبَاغًا فِي أَيْدِيهِمَا أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مَا يَصْلُحُ لَهُ، وَفِيمَا إذَا تَنَازَعَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي لُؤْلُؤٍ أَنْ يُجْعَلْ لِلْمُوسِرِ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالظُّنُونِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِمَّا يَقْتَضِي الْحُكْمَ لِأَحَدِهِمَا بِيَدِهِ مَعْرِفَتُهُ بِهِ قَبْلَ التَّنَازُعِ كَمَلْبُوسِ الرَّجُلِ الَّذِي يُشَاهَدُ عَلَيْهِ فِي أَوْقَاتِ انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَمَعْرِفَةُ الْمَرْأَةِ بِحُلِيٍّ تَلْبِسُهُ فِي بَيْتِهَا وَغَيْرِهِ، لَكِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ التَّنَازُعِ أَنَّ الْحُلِيَّ وَالْمَلْبُوسَ مَوْضُوعَانِ فِي الْبَيْتِ فَتُسْتَصْحَبُ الْيَدُ الَّتِي عَرَفَتْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِكِلَيْهِمَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ) الَّذِي فِي حَجّ أَنَّ الَّذِي بَحَثَ هَذَا هُوَ السُّبْكِيُّ وَأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ اعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ: وَخَمْرٍ) أَيْ وَإِنْ عَصَرَهَا الذِّمِّيُّ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهِمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَهُ لِحَنَفِيٍّ بِنَبِيذٍ قُبِلَ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِمْ) أَيْ إنَّ الْخَمْرَةَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ لَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ مِنْهُ بِهَا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَقْنَعُ مِنْهُ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا) أَيْ فِي الدَّارِ: أَيْ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِ مُورَثِهِ أَنَّ فِيهَا شَيْئًا فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ وَارِثِهِ مَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ إلَخْ) سَيَأْتِي هَذَا فِي الدَّعَاوَى بِأَبْسَطَ مِمَّا هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>