للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يُحْبَسْ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْمَجْنُونِ بِالْغَائِبِ، وَقَدْ نَقَلَ الْهَرَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ أَرَادَهُ بِإِقْرَارِهِ وَيَأْخُذَهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ بِإِقْرَارِهِ.

(وَلَوْ) (بَيَّنَ) الْمُقِرُّ إقْرَارَهُ الْمُبْهَمَ تَبْيِينًا صَحِيحًا (وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) فِي ذَلِكَ (فَلْيُبَيِّنْ) الْمُقَرُّ لَهُ جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ وَصِفَتَهُ (وَلْيَدَّعِ) بِهِ إنْ شَاءَ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ إنْ ادَّعَى بِزَائِدٍ عَلَى الْمُبَيَّنِ مِنْ جِنْسِهِ كَأَنْ بَيَّنَ بِمِائَةٍ وَادَّعَى بِمِائَتَيْنِ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى إرَادَةِ الْمِائَةِ ثَبَتَتْ وَحَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْي الزِّيَادَةِ، وَإِنْ قَالَ: بَلْ أَرَدْت الْمِائَتَيْنِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى مِائَةٌ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُمَا لَا أَنَّهُ أَرَادَهُمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُثْبِتُ حَقًّا وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَبِهِ فَارَقَ حَلِفَ الزَّوْجَةِ أَنَّ زَوْجَهَا أَرَادَ الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَةِ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ يُثْبِتُ الطَّلَاقَ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَأَنْ بَيَّنَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَادَّعَى بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى إرَادَةِ الدَّرَاهِمِ أَوْ كَذَّبَهُ فِي إرَادَتِهَا وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْت الدَّنَانِيرَ فَإِنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِهَا وَكَانَ مُدَّعِيًا لِلدَّنَانِيرِ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْيِهَا، وَكَذَا عَلَى نَفْي إرَادَتِهَا فِي صُورَةِ التَّكْذِيبِ.

(وَلَوْ) (أَقَرَّ بِأَلْفٍ) فِي يَوْمٍ (ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ) (لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ) وَلَوْ كَتَبَ بِكُلِّ وَثِيقَةٍ مَحْكُومًا بِهَا لِأَنَّهُ إخْبَارٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَعَدُّدِهِ تَعَدُّدُ الْمَخْبَرِ عَنْهُ إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى لِأَنَّ هَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُخْتَلِفًا فِيهِ غَيْرُ مُشْتَهِرٍ وَلَا مُطَّرِدٍ، إذْ كَثِيرٌ مَا تُعَادُ وَهِيَ عَيْنُ الْأُولَى كَمَا فِي نَحْوِ {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] فَلَمْ يُعْمَلْ بِقَضِيَّتِهَا لِذَلِكَ وَبِفَرْضِ تَسْلِيمِ اطِّرَادِهَا فَصَرَفَ عَنْ ذَلِكَ قَاعِدَةَ الْبَابِ وَهُوَ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ مَعَ الِاعْتِضَادِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِمَّا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ.

(وَلَوْ) (اخْتَلَفَ الْقَدْرُ) كَأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ وَفِي آخَرَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ (دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ ذَكَرَ بَعْضَ مَا أَقَرَّ بِهِ (وَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْبَسْ) هُوَ ظَاهِرٌ مَا دَامَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَاقِيًا فَلَوْ تَلِفَتْ الصَّنْجَةُ أَوْ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ هَلْ يُحْبَسُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ صَحِيحٌ وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيُرْجَعُ فِي التَّفْسِيرِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْمَجْنُونِ بِالْغَائِبِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ جُنَّ أَوْ أَقَرَّ وَهُوَ حَاضِرٌ ثُمَّ سَافَرَ أَوْ فِي سَفَرِهِ ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ وَأَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَخْذَهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ الْحَلِفِ) أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ أَوْ يُفِيقَ الْمَجْنُونُ فَيُبَيِّنُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ، لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَكْفِي تَعَيُّنُهُ وَالْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ فَيُسَلَّمُ لَهُ مَا يَدَّعِيه، وَعَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَا ذَكَرَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بِإِقْرَارِهِ.

(قَوْلُهُ: تَبْيِينًا صَحِيحًا) أَيْ بِأَنْ فَسَّرَ مَا يُقْبَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى مِائَةٍ) وَيَكْفِي لَهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ انْتَهَى شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ) (نَكَلَ) أَيْ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ إخْبَارًا عَنْ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ كَأَنْ أَقَرَّ فِي ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ بِمِصْرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ بِمَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَلْفًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ فَقَطْ أَوْ يَلْزَمُهُ الْأَلْفَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يُتَعَذَّرُ الْإِقْرَارُ فِي مِصْرَ وَمَكَّةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَتَسْقُطُ الْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِمَا مَعًا مُسْتَحِيلَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَتَبَ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ مَحْكُومًا بِهَا أَيْ فِيهَا بِالْإِقْرَارِ بِالْأَلْفِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

زَيْدٍ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمِثَالِ بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ) صَوَابُهُ إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَقْتَضِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>