للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْتَلِفَتَيْنِ) تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ كَمِائَةٍ صِحَاحٍ فِي مَجْلِسٍ وَمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ فِي آخَرَ (أَوْ أَسْنَدَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ) كَثَمَنِ مَبِيعٍ مَرَّةً وَبَدَلِ قَرْضٍ أُخْرَى (أَوْ قَالَ: قَبَضْت) مِنْهُ (يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةً ثُمَّ قَالَ قَبَضْت يَوْمَ الْأَحَدِ عَشَرَةً لَزِمَا) أَيْ الْقَدْرَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِتَعَذُّرِ اتِّخَاذِهَا، إذْ اخْتِلَافُ الْوَصْفِ أَوْ السَّبَبِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَوْصُوفِ أَوْ الْمُسَبَّبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطْلَقَ مَرَّةً وَقَيَّدَ أُخْرَى حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ.

(وَلَوْ) (قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ) مَثَلًا (أَوْ أَلْفٌ) (قَضِيَّته لَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَلَوْ كَافِرًا، جَاهِلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (فِي الْأَظْهَرِ) إلْغَاءٌ لِآخِرِ لَفْظِهِ الرَّافِعِ لِمَا أَثْبَتَهُ فَأَشْبَهَ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي، نَعَمْ لَوْ قَالَ: ظَنَنْته يَلْزَمُنِي حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ رَجَاءَ أَنْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فَيَحْلِفَ الْمُقِرُّ وَلَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَحَلَفَ لَزِمَهُ الْمُقَرُّ بِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُنَافِي فَلَا يَلْزَمُهُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ فِي حَنَفِيٍّ أَقَرَّ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عِنْدَهُ مِائَةً قِيمَةَ نَبِيذٍ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ لِشَافِعِيٍّ وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ رَفْعُ حُكْمِ الْإِقْرَارِ فَلَيْسَ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ مَحَلُّ نَظَرٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الْخَصْمِ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ يَحْمِلُهُ عَلَى تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ وَيَلْزَمُهُ بِذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَتُعْتَبَرُ جُمْلَتُهُ وَلَا يَتَبَعَّضُ وَيُفْصَلُ أَوَّلُهُ عَنْ آخِرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مَثَلًا كَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعًا، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيُقِرُّ لَهُ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا لَزِمَهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَلَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ) أَيْ قَوْلُهُ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ لِمَا قَبْلَهُ: أَيْ قَوْلُهُ بِصِفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطْلَقَ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ نَذَرَ لَهُ أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا فَيُحْمَلُ الْأَلْفُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ سَوَاءٌ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِالْمُقَيَّدِ أَوْ الْمُطْلَقِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ كَافِرَيْنِ بِعِلْمِنَا بِالتَّعَامُلِ بِالْخَمْرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِاعْتِقَادِهِمْ حِلَّهُ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ لُزُومِ الْأَلْفِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ فِي الْكُفْرِ وَأُقْبَضَهُ لَهَا ثُمَّ أَسْلَمَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَرِينَةُ مُخَصِّصَةٌ وَمُقْتَضَاهَا عَدَمُ اللُّزُومِ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهَذَا التَّوَقُّفِ عَنْ سم فِي قَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُ عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَاهِلًا) سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُ لَوْ قَطَعَ بِصِدْقِهِ كَكَوْنِهِ بَدَوِيًّا جِلْفًا فَمَا هُنَا مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا يُذْكَرُ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ) أَيْ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ نَظَرٍ) قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُ عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا يُنَافِيه الْعَمَلُ بِالْقَرِينَةِ، لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا أَيْضًا لِلْقَرِينَةِ وَهُوَ وَجِيهٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمُقَابِلِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْإِشْهَادُ) وَخَرَجَ بِالْإِشْهَادِ مَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ حِينَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عِنْدَهُ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُضِيَّ زَمَنٍ يُمْكِنُ لُزُومُ ذِمَّةِ الْمُقِرِّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ تَصْدِيقَ الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته فَلَغْوٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إذْ اخْتِلَافُ الْوَصْفِ أَوْ السَّبَبِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي هَذَا تَعْلِيلَ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ تَوَسُّعًا تَنْزِيلًا لِاخْتِلَافِ الْإِضَافَةِ إلَى الزَّمَنِ مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ الْوَصْفِ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ ظَنَنْتُهُ يَلْزَمُنِي) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ قَالَ مِنْ نَحْوِ خَمْرٍ وَظَنَنْتُهُ يَلْزَمُنِي (قَوْلُهُ:) (حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ كَوْنِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُنَافِي) اُنْظُرْ مَا وَجْهَ قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَهِيَ شَاهِدَةٌ بِنَفْيٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ؛ وَلِأَنَّهُ كَالْكَافِرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ مَثَلًا فِيمَا مَرَّ بَلْ أَوْلَى، وَلَعَلَّ هَذَا الْبَاحِثَ يَجْعَلُ الْكَافِرَ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ يَحْمِلُهُ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>