للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَافِرَةٌ بِطِفْلٍ وَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا بِأَنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا قَدِمَتْ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَحِقَهُ، وَمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ احْتِمَالِ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ رَأْيٌ مَرْدُودٌ لِأَبِي حَامِدٍ غَلَّطَهُ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ إحْبَالٌ بِالْمُرَاسَلَةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَوْلُهُمْ كَافِرَةٌ: أَيْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ مِثَالٌ فَكُلُّ بَلَدٍ بَعِيدٍ كَذَلِكَ (وَ) أَنْ (لَا) يُكَذِّبَهُ (الشَّرْعُ) فَإِنْ كَذَّبَهُ (بِأَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ) أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَلْحِقُ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ مَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ النَّافِي إذْ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَائِفٌ وَلَا انْتِسَابٌ يُخَالِفُ حُكْمَ الْفِرَاشِ، بَلْ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ رُخْصَةٌ أَثْبَتَهَا الشَّارِعُ لِرَفْعِ الْأَنْسَابِ الْبَاطِلَةِ، فَإِنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ جَازَ لِلْغَيْرِ اسْتِلْحَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَيَمْتَنِعُ اسْتِلْحَاقُ وَلَدِ الزِّنَا مُطْلَقًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ تَكْذِيبِ الْمُقِرِّ الْحِسُّ وَالشَّرْعُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَا هُنَا، بَلْ هُوَ شَامِلٌ لِسَائِرِ الْأَقَارِيرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ لَهُ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمُقَرِّ بِهِ حِسًّا وَشَرْعًا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِ الْحَاءِ رَقِيقًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ حَيْثُ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ إلَخْ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَحِقَهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا) أَيْ سَوَاءٌ زَعَمَ نِكَاحَهَا قَبْلُ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ وَطْئِهِ لَهَا بِشُبْهَةٍ، أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِيلَاء عَلَيْهَا بِبِلَادِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: فَكُلُّ بَلَدٍ بَعِيدٍ كَذَلِكَ) أَيْ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ أُمِّهِ وَلَوْ كَانَتْ أَدَيْنَ مِنْ الْأَبِ: أَيْ كَأَنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالْمُدَّعِي كَافِرًا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَلَدٌ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَمِثْلُهُ وَلَدُ الْأَمَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ الْمَنْفِيُّ بِحَلِفِ السَّيِّدِ فَلَيْسَ لِغَيْرِ السَّيِّدِ اسْتِلْحَاقُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ قَبْلَ النَّفْيِ إلَخْ، بَلْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْفِيًّا لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهَا وَلَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ رَقِيقِ الْغَيْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ السَّيِّدِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدٌ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحِ صَحِيحٍ) قَالَ حَجّ: وَأَخَذَ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا إفْتَاءَهُ فِي مَرِيضٍ أَقَرَّ بِأَنَّهُ بَاعَ كَذَا مِنْ ابْنِهِ هَذَا فَمَاتَ فَادَّعَى ابْنُ أَخِيهِ أَنَّهُ الْوَارِثُ وَأَنَّ ذَلِكَ الِابْنَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَفُلَانٌ وَالِابْنُ مُنْكِرَانِ لِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِذِي الْفِرَاشِ وَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ وَلَا لِإِنْكَارِ ذَيْنِكَ، وَسُمِعَتْ دَعْوَى ابْنُ الْأَخِ وَبَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا لِلْغَيْرِ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ فِي دَفْعِ الْخَصْمِ وَيَسْتَحِقُّ الِابْنُ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَإِنْ انْتَفَى نَسَبُهُ نَظَرًا لِلتَّعْيِينِ فِي قَوْلِهِ هَذَا وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْمُقِرِّ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَيَرِثُهُ، وَكَأَنَّ وَجْهَ تَقْدِيمِ بَيِّنَتِهِ أَنَّهَا تَرَجَّحَتْ بِإِقْرَارِ هَذَا لَا سِيَّمَا مَعَ إنْكَارِ صَاحِبِ ذَلِكَ الْفِرَاشِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَنْتَفِي) أَيْ حُكْمُ الْفِرَاشِ أَوْ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ إذْ الْمَوْطُوءَةُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ مِنْ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَمْكَنَ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ السِّنُّ أَوْ لَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ الْوَاطِئَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: رَقِيقًا) أَيْ صَغِيرًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ صَدَّقَهُ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَحِقَهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ) يَعْنِي فِي تَصْوِيرِ الْإِمْكَانِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا بِأَنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا قَدِمَتْ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْكَافِرَةِ فِي كَلَامِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ فِي الْمُحْتَرَزِ عَلَى مَفْهُومِهِ وَلَيْسَ تَقْيِيدًا لِلْكَافِرَةِ. (قَوْلُهُ: مَعْرُوفَ النَّسَبِ) أَيْ مَشْهُورَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ) أَيْ: الْمَوْلُودَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: سُمِعَتْ دَعْوَاهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ قَبْلَ نَفْيِ صَاحِبِ الْفِرَاشِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ فَلْيُرَاجَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>