للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْغَيْرِ أَوْ عَتِيقًا صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ وَلَاءِ السَّيِّدِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، فَلَوْ صَدَّقَهُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ قُبِلَ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي خِلَافًا لِتَرْجِيحِ الْأَنْوَارِ نَفْيَ الْقَبُولِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى رِقِّهِ إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّقِّ وَالنَّسَبِ لِانْتِفَاءِ اسْتِلْزَامِهِ الْحُرِّيَّةَ وَلَمْ تَثْبُتْ (وَأَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِالتَّصْدِيقِ سُكُوتُهُ فَلَا يَثْبُتُ مَعَهُ النَّسَبُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لَهُمَا فِي مَوْضِعٍ.

نَعَمْ لَوْ مَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ صَحَّ، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ بَالِغًا) عَاقِلًا (فَكَذَّبَهُ) أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَوْ سَكَتَ وَأَصَرَّ (لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) مِنْهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَوْ يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ كَبَقِيَّةِ الْحُقُوقِ وَلَوْ تَصَادَقَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ لِأَنَّ النَّسَبَ الْمَحْكُومَ بِثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ بِالِاتِّفَاقِ كَالثَّابِتِ بِالِافْتِرَاشِ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا) أَوْ مَجْنُونًا (ثَبَتَ) نَسَبُهُ مِنْهُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ مَا سِوَى التَّصْدِيقِ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ النَّسَبِ. (فَلَوْ) (بَلَغَ) الصَّغِيرُ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ (وَكَذَّبَهُ) (لَمْ يَبْطُلْ) اسْتِلْحَاقُهُ بِتَكْذِيبِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَنْدَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ فِيهِمَا لِأَنَّا حَكَمْنَا بِهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِنْكَارِ، وَقَدْ صَارَ وَالْأَحْكَامُ تَدُورُ مَعَ عِلَلِهَا وُجُودًا وَعَدَمًا، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَ أَبَاهُ الْمَجْنُونَ ثُمًّ أَفَاقَ وَكَذَّبَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ وَلَاءِ السَّيِّدِ) أَيْ الثَّابِتِ حَالًّا فِي الْعَتِيقِ وَبِتَقْدِيرِ الْإِعْتَاقِ فِي الْقِنِّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَدَّقَهُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْعَتِيقِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى رِقِّهِ) أَيْ وَمَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ الشَّخْصَ يَبْحَثُ عَنْ نَسَبِهِ فَلِذَلِكَ كَانَ أَدْرَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: يَنْبَغِي أَوْ بَعْدَهُ اهـ.

أَقُولُ: وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ الْمُسْتَلْحِقُ عَلَى دَعْوَى النَّسَبِ مِنْهُ، وَيَنْزِلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا اسْتَلْحَقَهُ وَهُوَ مَيِّتٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فِي هَذِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ اثْنَانِ فَسَكَتَ الْآتِي بِأَنْ عَرَضَهُ عَلَى الْقَائِفِ ثَمَّ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَ الْمُسْتَلْحَقَيْنِ وَهُنَا الْمُنَازَعَةُ بَيْنَ الْمُسْتَلْحِقِ وَالْمَجْهُولِ، وَأُلْحِقَ فِي النَّسَبِ لَهُ فَلَمْ يُنْظَرْ لِلْقَائِفِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْقَائِفَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْأَبِ لِأَنَّهَا مُثَبِّتَةٌ وَتِلْكَ نَافِيَةٌ.

[فَرْعٌ] الذِّمِّيُّ إذَا نَفَى وَلَدَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْمَنْفِيِّ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنْ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَّبِعُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلُودُ وَصَرَفْنَا مِيرَاثَهُ إلَى أَقَارِبِهِ الْكُفَّارِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ النَّافِي حُكِمَ بِالنَّسَبِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا وَيُسْتَرَدُّ مِيرَاثُهُ مِنْ وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ وَيُصْرَفُ إلَيْهِ اهـ دَم وَخَطِيبٌ.

وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُنْقَلُ إلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يَتَهَرَّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُسِّلَ وَجَبَ نَبْشُهُ لِغُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَدُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَجَبَ نَبْشُهُ لِغُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غُسِّلَ احْتَمَلَ نَبْشَهُ لِيُدْفَنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَعَدَمَهُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ حِفْظًا لَهُ عَنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ بِالنَّبْشِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ عَقْلٌ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ إلَخْ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَ مُغْمًى عَلَيْهِ هَلْ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ أَوْ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ زَمَنَ إغْمَائِهِ، نَعَمْ إنْ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مَنْ قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَفَاقَ) أَيْ الْأَبُ، وَقَوْلُهُ وَكَذَّبَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ وَلَاءِ السَّيِّدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ اسْتِلْحَاقُهُ بَطَلَ وَلَاءُ السَّيِّدِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّقِّ وَالنَّسَبِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَلَاءَ فَرْعُ الرِّقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>