للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ وَلَا الْإِسْلَامِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا تَقَرَّرَ أَقَالَ: فُلَانٌ وَارِثٌ وَسَكَتَ أَمْ زَادَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَتَفْرِقَةُ الْهَرَوِيِّ بَيْنَهُمَا مَرْدُودَةٌ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ عَلَيْهِ كَالتَّاجِ السُّبْكِيّ، وَيَكْفِي فِي الْبَيِّنَةِ أَنْ تَقُولَ: ابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ تُسَمِّ الْوَسَائِطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُلْحَقِ بِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ فَرْضُهُ فِي فَقِيهَيْنِ عَارِفَيْنِ بِحُكْمِ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ، بِخِلَافِ عَامِّيَّيْنِ لَا يَعْرِفَانِ ذَلِكَ فَيَجِبُ اسْتِفْصَالُهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُقِرِّ، وَلِهَذَا بَحَثَ الْغَزِّيِّ فِي مَسْأَلَتِنَا قَبُولَ شَهَادَةِ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ لِمَذْهَبِ الْقَاضِي وَلَوْ لَمْ يُفَصِّلْ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ قَاضٍ بِأَنَّهُ وَارِثَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الصِّحَّةِ ثُمَّ قَيَّدَهُ بِقَاضٍ عَالَمٍ: أَيْ ثِقَةٍ أَمِينٍ، قَالَ: وَيُقَاسُ بِهِ كُلُّ حُكْمٍ أَجْمَلَهُ اهـ. وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ يَتَعَيَّنُ اسْتِحْضَارُهَا فِي فُرُوعٍ كَثِيرَةٍ يَأْتِي بَعْضُهَا فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ (فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُلْحَقِ بِهِ) لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَخْلُفُونَ مُوَرِّثَهُمْ فِي حُقُوقِهِ وَالنَّسَبُ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالذَّكَرِ إذْ اسْتِلْحَاقُ الْمَرْأَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فَوَارِثُهَا أَوْلَى وَلَوْ رَجُلًا لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهَا، وَاسْتَوْضَحَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إخْوَتِهِ مِنْ أَبِيهِ.

وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجُهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَنَا الْأُخُوَّةَ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهَا جِهَةً ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَيْف يَكُونُ إرْثُ الْحَيِّ مِنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ احْتَمَلَ الْإِرْثَ وَعَدَمَهُ لَا يُعْطَى شَيْئًا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ شَخْصٍ وَمَاتَ الْمُقِرُّ عَنْ أَخٍ شَقِيقٍ فَالْمَجْهُولُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ شَقِيقًا أَوْ لِأُمٍّ يَرِثُ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ لِأَبٍ لَا يَرِثُ فَيُعَامَلُ بِالْأَضَرِّ فِي حَقِّهِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِرْثِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّسَبِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ مِقْدَارُ إرْثِهِ فَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَرِثَ الْأَقَلَّ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي إرْثِ الْخُنْثَى، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أُلْحِقَ بِغَيْرِهِ وَهُوَ مَيِّتٌ صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، أَمَّا عَلَى اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ بِالْمُلْحَقِ بِهِ فَلَا يَتَأَتَّى كَوْنُهُ أَخًا لِأُمٍّ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَ حَجّ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ مِنْ أَصْلِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ أَخَا لِأُمٍّ، فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الذُّكُورَةِ فِي الْمُلْحَقِ بِهِ أَوْ لِأَبٍ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ) أَيْ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ وَلَا الْإِسْلَامِ) أَيْ حَيْثُ ذَكَرَهُ مُنْفَصِلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ فَإِنَّ التَّفْسِيرَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُقَرِّ بِهِ الْمُبْهَمِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيمَا تَقَرَّرَ أَقَالَ) أَيْ الشَّاهِدُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا بَحَثَ الْغَزِّيِّ فِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ قَوْلُهُ وَيَكْفِي فِي الْبَيِّنَةِ أَنْ يَقُولَ ابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الصِّحَّةِ) وَيَأْتِي فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِنَا وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَنَا الْأُخُوَّةَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَيَّدَهُ) أَيْ الْغَزِّيِّ، وَقَوْلُهُ قَالَ: أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

شَيْئًا لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ إذَا كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إقْرَارِهِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا مَا لَمْ يُفَسِّرْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ إنَّهُ عَصَبَتِي أَنَّهُ أَخُوهُ، وَرُبَّمَا يُرِيدُ أَنَّهُ عَمُّهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ ثُمَّ بَعْدَ التَّفْسِيرِ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ قَالَ هُوَ أَخِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ عَمًّا فَيَكُونُ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ جَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَمِّهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعَ وَارِثِ عَمِّهِ لِيَصِحَّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ عَلَى طَرِيقَةِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ، ثُمَّ الْمِيرَاثُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ عِنْدَنَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيمَا تَقَرَّرَ أَقَالَ فُلَانٌ وَارِثٌ وَسَكَتَ أَمْ زَادَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَانْظُرْ هُوَ تَعْمِيمٌ فِي مَاذَا، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ تَعْمِيمٌ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ بِالْفَهْمِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ لَا يُوَافِقُ مَا أَعْقَبَهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَتَفْرِقَةُ الْهَرَوِيِّ بَيْنَهُمَا مَرْدُودَةٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَفْرِقَةَ الْهَرَوِيِّ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ وَارِثُهُ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ، وَعِبَارَتُهُ: لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ قَالَ هَذَا وَارِثِي قُبِلَ انْتَهَتْ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِفُلَانٍ كَأَبِيهِ مَثَلًا إذَا أُلْحِقَ بِهِ، وَاَلَّذِي فِي التُّحْفَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلٌ لِمَا هُنَا: وَسَوَاءٌ فِيمَا تَقَرَّرَ أَقَالَ فُلَانٌ وَارِثِي وَسَكَتَ أَمْ زَادَ لَا وَارِثَ لِي غَيْرُهُ انْتَهَتْ.

وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ اخْتِيَارِ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِإِطْلَاقِ الْإِقْرَارِ فَهُوَ تَعْمِيمٌ فِيهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَتِنَا) يَعْنِي مَسْأَلَةَ الشَّهَادَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: ثُمَّ رَأَيْت

<<  <  ج: ص:  >  >>