الْإِسْنَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْن اللَّبَّانِ، لَكِنَّ قَوْلَ الْأَصْحَابِ لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ بِزَوْجِيَّةٍ وَوَلَاءٍ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالزَّوْجَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ.
وَصُورَتُهُ فِي الزَّوْجِ أَنْ تَمُوتَ امْرَأَةٌ وَتَخْلُفَ ابْنًا وَزَوْجًا فَيَقُولُ الِابْنُ لِشَخْصٍ هَذَا أَخِي فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الزَّوْجِ عَلَى الصَّحِيحِ فَهَذَا اسْتِلْحَاقٌ بِامْرَأَةٍ، وَهَذَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ يُرَدُّ عَلَى ابْنِ اللَّبَّانِ وَالْعِمْرَانِيِّ، فَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ اسْتِلْحَاقِ وَارِثِهَا، وَفَرَّقَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ اسْتِلْحَاقِ الْوَارِثِ بِهَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهَا بِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ تَسْهُلُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَارِثِ لَا سِيَّمَا إذَا تَرَاخَى النَّسَبُ (بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) فِيمَا إذَا أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ فَيَصِحُّ هُنَا مِنْ السَّفِيهِ أَيْضًا (وَيُشْتَرَطُ) هُنَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ (كَوْنُ الْمُلْحَقِ بِهِ مَيِّتًا) فَلَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ بِالْحَيِّ وَلَوْ مَجْنُونًا لِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَهَّلُ، فَلَوْ أَلْحَقَ بِهِ ثُمَّ صَدَّقَ فَالثُّبُوتُ مُحَالٌ عَلَى التَّصْدِيقِ لَا الْإِلْحَاقِ، وَأَمَّا تَصْدِيقُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَسَائِطِ فَمُعْتَبَرٌ، قَالَهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَاوِي، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَيَانِ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا اثْنَانِ بِأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَكْفِي تَصْدِيقُ الْجَدِّ فَإِنَّهُ الْأَصْلُ الَّذِي ثَبَتَ النَّسَبُ بِهِ، وَلَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَكَذَّبَهُ ابْنُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ تَكْذِيبُهُ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ تَصْدِيقِهِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ تَصْدِيقِ الْوَسَائِطِ كَوْنَ الْوَاسِطَةِ قَدْ لَا يَكُونُ وَارِثًا لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُ مَنْ لَمْ يَرِثْ لِأَنَّ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ بِدُونِهِ إلْحَاقًا بِهِ وَهُوَ أَصْلُ الْمُقِرِّ، وَيَبْعُدُ إثْبَاتُ نَسَبِ الْأَصْلِ بِقَوْلِ الْفَرْعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَلْحَقَ النَّسَبَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ فِيهِ إلْحَاقًا بِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ لَكِنَّهُ بِطَرِيقِ الْفَرْعِيَّةِ عَنْ إلْحَاقِهِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَبْعُدُ تَبَعِيَّةُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ) الْمُلْحَقُ بِهِ (نَفَاهُ فِي الْأَصَحِّ) فَيَجُوزُ إلْحَاقُهُ بِهِ كَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ النَّافِي.
وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ لِمَا فِي إلْحَاقِهِ مِنْ الْعَارِ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالْوَارِثُ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ حَظُّ مُوَرِّثِهِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُقِرِّ وَارِثًا) بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَرَقِيقٍ وَقَاتِلٍ وَأَجْنَبِيٍّ (حَائِزًا) لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ حِينَ الْإِقْرَارِ وَإِنْ تَعَدَّدَ، فَلَوْ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَاحِدًا فَأَقَرَّ بِأَخٍ آخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَوَرِثَ، أَوْ مَاتَ عَنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ اُعْتُبِرَ اتِّفَاقُ جَمِيعِهِمْ، وَكَذَا مُوَافَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ كَمَا مَرَّ وَالْمُعْتَقُ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَأُلْحِقَ بِالْوَارِثِ الْحَائِزِ الْإِمَامُ فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، فَيُلْحَقُ حِينَئِذٍ بِالْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْوَارِثِ وَهُوَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَالَهُ حُكْمًا ثَبَتَ أَيْضًا لِأَنَّ لَهُ الْقَضَاءَ بِعِلْمِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْغَزِّيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الزَّوْجِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْإِرْثِ بِثُبُوتِ الْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا اسْتِلْحَاقٌ) الْأَوْلَى إلْحَاقٌ، وَقَوْلُهُ وَارِثُهَا: أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ هُنَا) أَيْ الْإِلْحَاقُ بِالْغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: فَالثُّبُوتُ مُحَالٌ عَلَى التَّصْدِيقِ) أَيْ مُرَتَّبٌ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَصْدِيقُ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ الْحَيِّ وَالْمُسْتَلْحَقِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ) أَيْ الْعُمْرَانِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا اثْنَانِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُلْحَقِ بِهِ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِمَا الْمُلْحَقُ بِهِ وَوَاحِدٌ دُونَهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ فَقَالَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: إذَا أَلْحَقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأَبُ كَهَذَا أَخِي أَوْ اثْنَتَيْنِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ فِي هَذَا عَمِّي اهـ.
وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ تَصْدِيقِ الْأَبِ وَنَحْوِهِ دُونَ الْوَسَائِطِ الَّذِينَ هُمْ دُونَ الْأَقْرَبِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا فِي الْمُهَذَّبِ الَّذِي اعْتَمَدَ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَهُ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ حَكَمَ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُجْتَهِدًا
[حاشية الرشيدي]
الْغَزِّيِّ بَحَثَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَصْدِيقُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَسَائِطِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُتَّجَهُ إيرَادُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِلْحَاقَ بِالْحَيِّ لَهُ أَثَرٌ، أَمَّا بَعْدَ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِنَّمَا الْإِلْحَاقُ مُحَالٌ عَلَى التَّصْدِيقِ فَلَا يُتَّجَهُ إيرَادُ هَذَا الْكَلَامِ هُنَا فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ تَصْدِيقِ الْوَسَائِطِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا فِي الْمُهَذَّبِ الضَّعِيفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute